يمكن أن يكون تتبع عدد الخطوات اليومية أداة مفيدة لإدارة الوزن، هذا ما يفسره عالم التمارين

أصبحت الهواتف الذكية على مدى العقد الماضي منتشرة في كل مكان ليس فقط لإرسال الرسائل النصية ومواكبة الأخبار، ولكن أيضًا لمراقبة مستويات النشاط اليومي.

ويعد عد الخطوات من بين طرق التتبع الأكثر شيوعًا والأكثر جدلاً للنشاط البدني اليومي.

وهو أكثر بكثير من مجرد بدعة: إذ خصصت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية جزءًا كبيرًا من أحدث إرشادات النشاط البدني لتوثيق العلاقة بين عدد الخطوات اليومية والكثير من الأمراض المزمنة.

ولسوء الحظ، لا تقول الإرشادات الكثير حول كيفية استخدام حساب الخطوات للمساعدة في إدارة الوزن، وهي نتيجة ذات أهمية بالغة نظرًا لارتفاع معدلات زيادة الوزن والسمنة في الولايات المتحدة.

في أوائل الثمانينيات صُنف أقل من 14% من البالغين في الولايات المتحدة على أنهم يعانون من السمنة. أما اليوم وبعد أكثر من 40 عامًا بقليل، تجاوز انتشار السمنة 40% بين السكان البالغين، وتشير الاتجاهات الحالية إلى أن ما يقرب من نصف البالغين في الولايات المتحدة سيصابون بالسمنة بحلول عام 2030.

أنا أستاذ علوم التمارين الرياضية في جامعة ولاية كينيساو، وقد أجرى مختبرنا دراسات لفحص العلاقات بين عدد الخطوات وعدد من النتائج الصحية.

في حين أن الدليل واضح على أن أعدادًا متزايدة من البالغين يعيشون في فائض مزمن من الطاقة ما يؤدي إلى زيادة الوزن، فإن السؤال الرئيسي هو: لماذا؟ ما هو التغير الكبير منذ عام 1980 الذي يمكن أن يفسر سبب تضاعف معدلات السمنة ثلاث مرات؟

على الرغم من أنه من المحتمل أن يكون النظام الغذائي الأمريكي مساهمًا رئيسيًا، إلا أن مجموعة كبيرة من الأبحاث تشير إلى انخفاض النشاط البدني باعتباره السبب الرئيسي وراء خطوط الخصر المتزايدة، ويعد عدد الخطوات مؤشرًا ممتازًا للنشاط البدني.

الأشخاص الذين يمشون أكثر لديهم نسب أقل من دهون الجسم.

الوزن الإجمالي للشخص أقل أهمية لصحته من مقدار وزنه من الدهون مقابل العضلات الخالية من الدهون والعظام. ويميل الأشخاص الذين لديهم نسب عالية من الدهون في الجسم إلى المشي أقل نسبيًا، ولكن يمكنهم تغيير نسبة الدهون في الجسم عن طريق المشي أكثر كل يوم.

قد يؤدي عدد الخطوات أو قد لا يؤدي إلى فقدان الوزن

بحثت عدد من الدراسات الحديثة فيما إذا كانت زيادة عدد الخطوات قد تؤدي إلى فقدان الوزن خلال فترة زمنية معينة. وخلصت إحدى الدراسات واسعة النطاق والتي تسمى تحليل ميتا إلى أن زيادة النشاط البدني عن طريق عد الخطوات كان فعالًا لتحقيق فقدان متواضع للوزن.

ومع ذلك، فإن الكثير من الدراسات، إن لم يكن معظمها، التي تدرس تأثير التمرين الرياضي على فقدان الوزن تشير إلى نتائج متواضعة، مع نتائج متغيرة وغالبًا ما تكون مخيبة للآمال.

وقد يكون ذلك جزئيًا لأن غالبًا ما تحدد أهداف عدد الخطوات المستخدمة في كثير من دراسات إدارة الوزن تعسفيًا، مثل استهداف 10000 خطوة في اليوم.

أو إن كانت فردية على الإطلاق، فإنها تعتمد على الخصائص السلوكية الأولية، مثل إضافة عدد معين من الخطوات إلى ما يجمعه الشخص بالفعل في يوم عادي. ونادرًا ما تكون أهداف الخطوة في الدراسات البحثية بناءً على أي سمات جسدية للمشاركين، إن وجدت.

جمع فريقي البحثي الوزن ونسب الدهون في الجسم ومتوسط عدد الخطوات لأعداد كبيرة من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و40 عامًا. وقد حددنا من هذه البيانات طريقة لتحديد أهداف عدد خطوات معين بناءً على السمات البدنية الرئيسية، وهي وزن الجسم الأساسي وتكوينه، وتكوين الجسم المطلوب.

وعندما يتعلق الأمر بالصحة، من المهم أن نتذكر أن وزن الجسم لا يروي القصة بأكملها. وفي الواقع يعد تكوين الجسم أكثر تنبؤًا بالحالة الصحية من وزنه. وقد يتمتع الشخص الذي يزن أكثر من شخص آخر بصحة أفضل إذا كان لديه كتلة عضلية أكبر ونسبة أقل من دهون الجسم من الشخص الآخر الذي يزن أقل ولكن لديه نسبة أعلى من الدهون في الجسم.

تحليل الأرقام

لقد استخدمنا بياناتنا لتطوير نموذج يتنبأ بمتوسط عدد الخطوات اليومية لكل وحدة من كتلة الدهون من نسبة الدهون في الجسم. ونعتقد أنه يمكن استخدام هذا النموذج لتحديد مقدار ما يحتاجه الناس من مشي لتحقيق خسارة كمية محددة من الوزن وتقليل الدهون في الجسم.

خذ على سبيل المثال رجلًا يزن 175 رطلاً (80 كيلوغرامًا)، 25% منها دهون، فيقترح نموذجنا بأن يمشي بمعدل 10900 خطوة في اليوم. ثم خذ رجلًا آخر يزن 220 رطلاً (100 كيلوغرام)، 20% منها دهون. على الرغم من أن لديهما كميات مختلفة من الكتلة الخالية من الدهون، إلا أن كلا الرجلين لديهما حوالي 44 رطلاً (20 كيلوغرامًا) من الدهون. لذلك يتنبأ نموذجنا بأن الرجل الأوزن يمشي بمعدل 15300 خطوة في اليوم. وبمعنى آخر، لدى الشخص الأثقل نسبة أقل من دهون الجسم ويمشي أكثر للحفاظ على تكوين الجسم الرشيق.

لا تقل نسبة الدهون في جسم الشخص أهميًة عن وزنه، لأن كمية العضلات لديك تؤثر على مدى شعورك بالجوع، وكذلك عدد السعرات الحرارية التي تحرقها. وتتطلب كتلة العضلات طاقة للحفاظ عليها، وهذا المطلب يؤدي إلى زيادة الشهية، ما يعني تناول المزيد من السعرات الحرارية. في هذا المثال، ربما يأكل الرجل الأثقل وزناً أكثر من الرجل الأخف وزناً من أجل الحفاظ على كتلة عضلاته الخالية من الدهون، ويجب عليه أن يمشي أكثر للحفاظ على نسبة الدهون المنخفضة في الجسم.

وإذا كنت ترغب في فقدان دهون الجسم وبالتالي فقدان الوزن، فلديك خيارين أساسيين: يمكنك تناول كميات أقل من الطعام، أو يمكنك التحرك أكثر. وتناول كميات أقل يعني أنك ستشعر بالجوع كثيرًا، وهذا أمر غير مريح وغير سار، وبالنسبة لمعظم الناس غير مستدام. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يسمح لك التحرك أكثر بتناول الطعام حتى تشعر بالشبع وتحافظ على انعدام دهون الجسم، أو فقدانها.

لذلك أردنا أن نعرف مقدار ما يجب على الشخص الذي يأكل لحد الشبع أن يتحرك ليعادل السعرات الحرارية التي يأكلها.

حساب عدد الخطوات لخسارة الوزن

ينطبق نموذجنا حاليًا على الشباب، لكننا نجمع الآن البيانات للبالغين في منتصف العمر وكبار السن أيضًا. لاستخدام هذا النموذج تحتاج أولاً إلى تحديد تكوين جسمك، وهي خدمة تُقَدَمْ من خلال زيادة أعداد مراكز اللياقة البدنية والممارسات الطبية. يجب عليك باستخدام نموذجنا تحديد وزن جسمك ووزن الدهون بالكيلوغرام، ولتحقيق ذلك ما عليك سوى تقسيم وزنك بالرطل على 2.2.

وبوجود هذه المعلومات في متناول اليد، يمكن أن يوفر نموذجنا هدفًا لعدد الخطوات الخاص بوزن الجسم الحالي للشخص ونسبة الدهون في الجسم، وهدفه لفقدان الدهون وتقليل الوزن.

فعلى سبيل المثال يتنبأ نموذجنا بأن المرأة التي تزن 155 رطلاً (70 كيلوغرامًا) ولديها دهون في الجسم بنسبة 30% تمشي حاليًا بالمتوسط 8700 خطوة يوميًا. وإذا أرادت أن تفقد حوالي 10 أرطال وتصل إلى نسبة دهون في الجسم تبلغ 25%، فيمكنها الرجوع للنموذج واكتشاف أن الأشخاص الذين يحافظون على تركيبة الجسم هذه يمشون في المتوسط حوالي 545 خطوة لكل كيلوغرام من الدهون يوميًا. ونظرًا لأن لديها حاليًا حوالي 46 رطلاً (21 كيلوغرامًا) من الدهون، فإن هدفها هو مشي ما مجموعه 11450 خطوة في اليوم.

في حين أن هذا قد يبدو للوهلة الأولى زيادة كبيرة في الخطوات اليومية، إلا أن معظم الناس يمكنهم تجميع 1000 خطوة في 10 دقائق أو أقل. لذلك حتى بوتيرة مريحة، فإن هذه الجرعة اليومية الإضافية من المشي ستستغرق أقل من 30 دقيقة. وعلاوة على ذلك، يمكن تجميع الخطوات على مدار اليوم، مع رحلات أطول أو أكثر تكرارًا، أو كليهما، إلى دورات المياه وآلات البيع وما شابه ذلك.

في حين أنه يمكن بالتأكيد تجميع الخطوات في جلسات المشي المخصصة، مثل المشي لمدة 15 دقيقة أثناء ساعة الغداء والمشي لمدة 15 دقيقة أخرى في المساء، إلا أنه يمكن أيضًا تجميعها في نوبات نشاط أقصر وأكثر تواترًا.

لقد تعلم الباحثون الكثير عن الشهية واستهلاك الطاقة خلال السنوات السبعين الماضية: تفرض الشهية دافعًا للحصول على الطعام يعتمد إلى حد كبير على كتلتنا الخالية من الدهون، بغض النظر عن مدى نشاطنا أو عدم نشاطنا، ويجب علينا تجميع نشاط بدني كافٍ لمواجهة السعرات الحرارية التي نتناولها خلال نظامنا الغذائي إذا أردنا الحفاظ على توازن الطاقة، أو تجاوز استهلاكنا لكي نفقد الوزن.

  • ترجمة: حلا المصري
  • تدقيق علمي ولغوي: رنا حسن السوقي
  • المصادر: 1