الطّريقة الأمثل لجعل العلاقة أكثر صمودًا في وجه الخيانة
تُرى إلى أيّ مدى يُمكن أن يساهم الأخذ بوجهات النّظر في تقوية العلاقة أمام الرّغبة في إيجاد شريك آخر؟
النّقاط الرّئيسيّة:
- يوضّح بحث جديد ما الذي يجعلنا نستخدم استراتيجيّات وقائيّة لحماية العلاقة عند مواجهة شركاء آخرين.
- اعتماد وجهة نظر الشّريك الحاليّ يحدّ من الاهتمام بشركاء آخرين.
- الاستعانة باستراتيجيّات تبني وجهات النّظر يمكنه أن يساعد الأشخاص على تنظيم السّلوكيّات ذات التّأثير الضّارّ بالعلاقة.
إنّ رؤية الموقف انطلاقًا من منظور الشّريك-من خلال محاولة الشّعور والتّفكير-تُتيح للأفراد أن يفهموا شركائهم ويتعاطفوا معهم. وبالتّالي، يُمكن لتبنّي وجهة نظر الشّريك أن يساعد المرء على الاستجابة بشكلٍ بنّاء في حال انخراط شريكه في سلوكيّات مدمّرة. على سبيل المثال، إنّ تبنّيك لوجهة نظر شريكك (عوضًا عن وجهة نظرك الخاصّة) أثناء استيائه وانفعاله عليك هو أمرٌ قد يحفّزك على تفسير سلوكه بطريقةٍ إيجابيّة أكثر. يمكنك إخبار نفسك أنّه قد أمضى يومًا عصيبًا، وأن تتصرّف تبعًا لذلك بإبداء المودّة والاهتمام عوضًا عن مبادلته بالمثل.
لقد رغبنا في بحثنا الأخير أن نتحرّى إمكانيّة امتداد الآثار المفيدة لتبنّي وجهة نظرٍ معيّنة بحيث تشمل ضبط ردود الفعل إزاء سلوك المرء والذي من المحتمل أن يكون سلوكًا مدمّرًا. وبشكلٍ محدّد، تناولنا في ثلاث دراسات ما إذا كان تبنّي وجهة نظر الشّريك الحاليّ سيساعد الأفراد المنخرطين في علاقةٍ عاطفيّة على مقاومة إغراء وجود شركاء آخرين أم لا، الأمر الذي سيشجّعهم على انتهاج استراتيجيّات وقائيّة للعلاقة تحدّ من الاهتمام بشركاء آخرين وتوطّد أواصر الصّلة مع الشّريك الحاليّ.
جرى توجيه المشاركين في جميع هذه الدّراسات لاختيار أحد أمرين عشوائيًا: أن يتبنّوا وجهة نظر شريكهم أو العكس. بعد ذلك، قاموا بالتّفكير أو تقييم أو مقابلة غرباء ممّن تمّ اعتبارهم كأشخاص جذّابين. سجّلنا مظاهر اهتمام المشاركين بهؤلاء الغرباء بالإضافة إلى التزامهم تجاه الشّريك الحاليّ والرّغبة به.
في الدّراسة الأولى، طُلب من المشاركين الذين كانوا في حالة تبنّي وجهة النّظر أن يصفوا ما سيفكّرون به وكيف سيشعرون وما سيختبرونه لو أنّهم كانوا في مكان شركائهم، وأن ينظروا إلى العالم بعيون الشّركاء وأن يتصرّفوا بنفس أسلوبهم وهم يمارسون مختلف الأنشطة اليوميّة المعتادة. أمّا المشاركون الذين كانوا في حالة السّيطرة فقد طُلب منهم وصف يومٍ في حياة شركائهم دون أيّ إرشادات إضافيّة.
عقب إجراء مناورة تبادل الرّؤى، أجرى المشاركون تقييمًاً لصور غرباء جذّابين من الجنس الآخر، موضّحين مع مراعاة ضغط الوقت ما إذا كان الشّخص في الصّورة يمثّل شريكًا مرتقبًا. استخدمنا عدد الشّركاء المختارين كمؤشّر على الاهتمام بشركاء آخرين.
قمنا في الدّراسة الثّانية بالتّحقّق ما إذا كان اتّباع وجهة نظر الشّريك ليست مجرّد وسيلةٍ لتقليل الاهتمام بشركاء آخرين فحسب، بل أيضًا وسيلةً لتطوير العلاقة الحاليّة. لهذا الغرض، طبّق المشاركون نفس آليّة التّلاعب في تبنّي المنظور كما في الدّراسة الأولى. تمّ بعد ذلك عقد مقابلات مع المشاركين من قبل محاور جذّابة، وجرى تقييم مدى اهتمامهم الجنسيّ بالمحاور بالإضافة إلى تقييم التزامهم بالشّريك الحاليّ.
استخدمنا في الدّراسة الثّالثة مناورةً في تبنّي وجهة النّظر أكثر ارتباطًا بمواجهة تهديد شركاء آخرين. وعلى الأخصّ، قام المشاركون بتصوّر مشهد يكتشف فيه الشّريك أنّهم (المشاركون) متورّطون في علاقةٍ عاطفيّة مع فردٍ جذّاب. قام المشاركون بتقمّص وجهة نظر شريكهم أو العكس. بعد هذه المناورة، طُلب من المشاركين وصف تخيّل جنسيّ مع شخص آخر غير الشّريك الحاليّ وتقييم رغبتهم الجنسيّة نحو شريكهم الرّاهن. قمنا بالتّركيز على التّخيّلات الجنسيّة لأنّها غالبًا ما تعبّر عن رغبات وأمنيات لم تتحقّق بعد. ولمساعدة المشاركين على تكوين مثل هذه التّخيّلات، طلبنا منهم تخيّل أنفسهم في السّياق التّالي:
“أثناء سفرك بمفردك، تلتقي بشخص تعتبره جذابًا للغاية في حانة للتّعارف. ويفضي شيء إلى آخر، لينتهي بكما الأمر بالكلام والضّحك وإمضاء وقت ممتع للغاية. ينتابك شعور بانجذاب جسديّ شديد حيال ذلك الشّخص مما يمنحك شعورًا بالحيويّة والجاذبيّة بعد أن ظلّت تلك المشاعر مفقودة لديك وقتًا طويلًا. أنت تدرك أنّه تحت أيّ ظرف آخر لم تكن لتحظى بعلاقةٍ مع هذا الشّخص؛ وأنّك من المرجّح ألّا تلتقي بهذا الشّخص مرّةً أخرى أبدًا. لديك هذه اللّيلة فقط. ..”.
عمل اثنان من المقيّمين على ترميز التّخيّلات بحثًا عن استجابات وقائيّة للعلاقة والاهتمام الجنسيّ بشركاء آخرين. على سبيل المثال، عكست الاستجابات الوقائيّة، التّفكير في الشّريك الحاليّ أثناء ممارسة الجنس مع شخص آخر أو مقارنة الشّريك البديل بالشّريك الحاليّ بطريقةٍ تجعل الشّريك الحاليّ مفضّلًا.
ماذا وجدنا؟
زاد الأخذ بوجهة نظر الشّريك من الالتزام والرّغبة نحوه، بينما قلّل من الاهتمام الجنسيّ والرّومانسيّ بالشّركاء البدلاء.
إجمالاً، يُعمِّق بحثنا من فهم كيفيّة حفاظ الشّريكين على علاقات مستقرّة ومُرضية في مواجهة شركاء آخرين جذّابين. وقد أظهرت الدّراسات السّابقة أنّ الأفراد المرتبطين عاطفيًا قادرون على سنّ استجابات وقائيّة للعلاقة أثناء مواجهة شركاء آخرين جذّابين، مثل تجاهلهم أو اعتبارهم أقلّ جاذبيّة ممّا هم عليه. ومع ذلك، غالبًا ما يفتقر النّاس إلى الدّافع للقيام بذلك، وهو ما تشير إليه المعدّلات المرتفعة للخيانة. تؤكّد النّتائج التي توصّلنا إليها على قدرة النّاس على تحمّل الإغراءات قصيرة المدى. وعلى وجه التّحديد، لقد اكتشفنا أنّ مراعاة كيفيّة تأثّر الشّركاء العاطفيّين في هذه المواقف تعمل كاستراتيجيّة تحثّ الأفراد على التّحكّم في استجاباتهم للبدائل الجذّابة والانتقاص من جاذبيتها.
بما أنّ أخذ منظور الشّريك في الاعتبار يزيد من الاهتمام باحتياجات ورغبات الآخرين، فإنّه يمكن أن يُحسّن التّفاعل بين الشّريكين بغضّ النّظر عن وجود تهديدات للعلاقة من عدمه. بيد أنّ التّأمّل في وجهة نظر الشّريك قد يكون مفيدًا بشكلٍ خاصّ لسعادة العلاقة أثناء مواجهة المواقف التي يمكن أن يكون فيها سلوك المرء مزعجًا لشريكه.
في هذه المواقف، قد يؤدّي اتّباع وجهة نظر الشّريك بشكلٍ استراتيجيّ إلى تعزيز التّعاطف مع المعاناة المحتملة للطّرف الآخر. ونتيجةً لذلك، من المرجّح أن يتفهّم الأشخاص ظروفهم بطريقةٍ تُسهّل عليهم تجنّب إيذاء مشاعر شركائهم وتعريض علاقتهم معهم للخطر. عندما تتضمّن مثل هذه الحالات تعارضًا بين جاذبيّة الشّركاء الآخرين والسّعي للحفاظ على العلاقة الحاليّة، فإنّ الأخذ بوجهة نظر الشّريك قد يرجح كفّة الاعتبارات طويلة الأجل على حساب المتعة قصيرة الأمد، ممّا يساعد النّاس على حلّ هذا التّعارض بطرقٍ تصون هذه العلاقة.
- ترجمة: الأيهم عبد الحميد
- المصادر: 1