23 حقيقة سريالية عن سلفادور دالي

سلفادور دالي، أحد عمالقة الفن التشكيلي في القرن العشرين، لم يشتهر فقط بلوحاته السريالية الغريبة التي تتحدى الواقع، بل عُرف أيضًا بأسلوبه الاستعراضي في الترويج لنفسه. ذلك المزيج الفريد جعله من المشاهير العالميين منذ بداية مسيرته الفنية، ولا تزال بصماته واضحة في جميع أنحاء الثقافة الشعبية المعاصرة.

ظهرت إشارات إلى الساعات الذائبة في لوحته الأكثر شهرة، “استمرار الذاكرة”، في كل شيء بدءًا من عائلة سيمبسون وحتى التغطية الإخبارية لقضية فضيحة “دفليت جايت” لفريق نيو إنجلاند باتريوتس عام 2015.

أما أسلوبه الشخصي المميز ظهر بتلك اللمسة من الغرابة، حيث أنه تحول إلى أيقونة تجاوزت عالم الفن، وبات زيًا تنكريًا شهيرًا لعيد الهالويين يُعرف صاحبه بمجرد أن يضع شاربًا مُدببًا مثل شارب دالي الشهير.

كما كانت مسيرة دالي الفنية الطويلة مليئة بالمنعطفات غير المتوقعة، وحتى لو كنت قد رأيت أعماله، فربما لا تدرك مدى تأثيره الواسع الذي لا يزال قائمًا حتى يومنا هذا، بعد أكثر من قرن على ولادته في 11 مايو 1904.

1. دخل سلفادور دالي في عالم الرسم منذ نعومة أظفاره

عام 1910 وقد كان حينها في السادسة من عمره، أنجز دالي واحدة من أقدم أعماله المعروفة، “منظر طبيعي لفيغيريس” وقد كانت لوحة زيتية مرسومة على بطاقة بريدية وصورت مشهدًا من مسقط رأسه في كتالونيا، وهي معلقة الآن في متحف سلفادور دالي في سانت بطرسبرغ، فلوريدا. كما حقق دالي النجاح في عمر مبكر نسبيًا، حيث ابتكر تحفته الفنية الأيقونية، “استمرار الزمن”، وهو في السابعة والعشرين من عمره فقط.

2. لم يكن سلفادور دالي طالبًا مجتهدًا

حيث أنه ثار على على قيود التعليم التقليدي منذ صغره. لقد كان ذكيًا ولكن من السهل أن يتشتت انتباهه، وكان أكثر اهتمامًا بالعبث والخربشة من الدراسة. بدأ تعليمه في سن الرابعة في مدرسة حكومية محلية بمسقط رأسه في فيغيريس، ولكن لاحقا بعد عامين نقله والده إلى مدرسة خاصة تتحدث الفرنسية، وذلك “بسبب فشل الخيار الأول”، كما تشرح مؤسسة دالي بلباقة.

في مدرسته الثانوية، احتضن حبه لاهتمام الجمهور والظهور أمامهم بإلقاء نفسه على السلالم أمام زملائه في الفصل وأساتذته، كما كتب في سيرته الذاتية “الحياة السرية لسلفادور دالي”.

عندما تخرج، ألح والده بإصرار على أن يلتحق بمدرسة الفنون الجميلة في مدريد، على أساس أنه إذا كان عليه أن يكون رسامًا فيجب أن يكون مؤهلاً على الأقل للتدريس، لم يُطرد من المدرسة مرة واحدة بل مرتين.

كان طرده الأول في عام 1923 بسبب دوره في احتجاجات الطلاب التي شارك فيها الرسام دانييل فاسكويز دياز، والذي جعل الطلاب يشعرون أنه حُرم ظلماً وبشكل غير عادل من الأستاذية في قسم الرسم. ومع ذلك، عاد دالي إلى المدرسة في العام التالي، ليواجه الطرد مرة أخرى في عام 1926.

في سيرته الذاتية، أوضح دالي أن طرده الثاني كان نتيجة رفضه الخضوع لفحص شفوي، قائلاً لهم: “أنا أذكى بكثير من هؤلاء الأساتذة الثلاثة، وبالتالي أرفض أن يجعلوني أخضع لهذا الامتحان. أنا أعرف هذا الموضوع جيدًا.” كانت هذه القشة الأخيرة في مسيرته الأكاديمية.

3. سلفادور دالي أجبر نفسه على الهلوسة

ابتكر دالي ما أسماه ب “الطريقة البارانووية-النقدية” وقد كان رائدا فيها والتي صممها لمساعدته على الوصول إلى عقله الباطن. وكان وصفها بأنها “طريقة عفوية للمعرفة غير العقلانية”، وتستند على الربط التفسيري النقدي لظواهر الهذيان.

وقد كانت إحدى الطرق التي لجأ إليها للوصول إلى هذه الحالة الهذيانية دون اللجوء للمخدرات أو الكحول حيث أنها تعتمد على التحديق في جسم ثابت ومحاولة رؤية شيء مختلف بداخله تمامًا مثلما تَرى شكلاً في السحب، كما يشرح معرض فكتوريا الوطني بأستراليا، أو عن طريق محاولة إبقاء نفسه بين النوم واليقظة من خلال أخذ قيلولة وهو ممسك بملعقة ووعاء خلط في حضنه، حيث أنه عندما يخلد للنوم تقع الملعقة في الوعاء، فيستيقظ. وقد استمر في فعل ذلك من أجل الحفاظ على نفسه في حالة شبه واعية تشبه الحلم وذلك وفقًا للباحث دالي برنارد إيول.

4. سلفادور دالي كان مفتوناً ومهووساً بسيغموند فرويد

تأثرت الحركة السوريالية بشكل كبير وملحوظ بسيغموند فرويد، والذي كانت أعماله قد بدأت تُترجم إلى الفرنسية لأول مرة عند ظهور الحركة في باريس عام 1924. بدأ دالي في قراءة فرويد كشاب في مدرسة الفنون الجميلة في مدريد، وقد كان لأفكار المحلل النفسي عن الأحلام والعقل الباطن تأثير عميق على أعمال دالي، حيث أنه كتب عن قراءة كتاب تفسير الأحلام لفرويد: “قدم لي الكتاب نفسه كواحد من أهم اكتشافات حياتي”.

في البداية لم يكن الشعور متبادلاً تماماً، حيث اعتبر فرويد السرياليين “حمقى بشكلٍ كامل” ولم يكن لديه الكثير من الاهتمام بالفن الطليعي، لكن دالي كان مصممًا على مقابلة فرويد. كتب الفنان في سيرته الذاتية: “كانت رحلاتي الثلاث إلى فيينا مثل ثلاث قطرات من الماء تفتقر إلى الانعكاسات التي تجعلها لامعة ومضيئة. في كل رحلة من هذه الرحلات، فعلت نفس الأشياء تمامًا: في الصباح ذهبت لأرى فيرمير في مجموعة تشيرنين، وفي فترة ما بعد الظهر لم أذهب لزيارة فرويد لأنني علمت دائمًا أنه خارج المدينة لأسباب صحية”. (التأكيد في النص الأصلي).

أخيرًا، حدد دالي موعدًا لمقابلة فرويد البالغ من العمر 82 عامًا في لندن في صيف عام 1938. يروي دالي أنه “لم نتحدث كثيرًا، لكننا التهمنا بعضنا البعض بأعيننا”. ربما كان هذا أقل رومانسية مما يصوره دالي. كان فرويد مصابًا بسرطان الفم، وكان الحنك الاصطناعي يجعل الكلام صعباً عليه. ومع ذلك، عرض دالي على فرويد لوحته “تحول النرجس”، وهي اللوحة الأولى التي رسمها بالكامل باستخدام طريقته النقدية بجنون العظمة، بالإضافة إلى مقال كتبه عن البارانويا (جنون العظمة). لاحقاً كتب المحلل النفسي إلى ستيفان زويج، الذي رتّب الاجتماع بينهما، أن دالي كان “بلا شك سيدًا تقنيًا مثاليًا” أجبره على إعادة النظر في رأيه بالسرياليين.

5. لم يرحب السرياليون بسلفادور دالي

على الرغم من اعتبار دالي سرياليًا، حاول زملاؤه السرياليون وكثير منهم شيوعيون طرده من حركتهم في وقت مبكر من مسيرته المهنية بسبب تعاطفه الفاشي.

في عام 1934، دعا الكاتب أندريه بريتون، “أبو السوريالية”، أعضاء الحركة إلى شقته في باريس، وقد جاء أمره ضد الرسام: “بعد أن أدين دالي في عدة مناسبات بارتكاب أعمال مضادة للثورة والتي كانت تنطوي على تمجيد الفاشية الهتلرية، يقترح الموقعون استبعاده عن السوريالية كعنصر فاشي ومحاربته ومكافحته بكل الوسائل المتاحة”.

حيث أنه قد شعر بريتون وأنصاره بالإهانة من تصوير دالي للينين في عمله لعام 1933 “لغز ويليام تيل”، وكذلك من الانبهار الذي أبداه تجاه هتلر، والذي قال في وقت لاحق أنه “أثار اهتمامه”. علاوة على ذلك، كان قد رسم صليبًا معقوفًا على شارة ممرضة في لوحته “فطام الأثاث والتغذية”، وهي تفصيلة أجبره زملاؤه السرياليون على طمسها.

لم تكن هذه الحادثة نهاية مغازلات دالي بالفاشية. فقد أصبح لاحقًا من مؤيدي الديكتاتور الإسباني فرانسيسكو فرانكو، حيث التقى بالجنرال مرتين في قصره بمدريد، بما في ذلك لتقديم صورة شخصية لابنة شقيقة فرانكو.

6. لم يكن جورج أورويل من المعجبين بسلفادور دالي أيضًا

عندما قام الناقد والروائي الإنجليزي بمراجعة السيرة الذاتية لدالي في عام 1944، لم يتردد في تقييمه لشخصية هذا الرسام. يعترف دالي في الكتاب بعدد من الأفعال غير الأخلاقية دون أي إظهار للندم أو الأسف أو تأنيب الضمير، بما في ذلك ركل أخته الرضيعة في رأسها ودفع صبي من جسر بارتفاع 15 قدمًا وهو طفل. وصفت مؤسسة دالي هذا الكتاب بأنه “سرد مليء بالحقائق وأنصاف الحقائق والأكاذيب”، لذلك ربما لم تحدث هذه الأحداث أبدًا.

مع الاعتراف بأن الرسام كان فنانًا ماهرًا بشكل لا يصدق، ظل أورويل في حالة رعب وذعر، ولكن لم يخشى فضحه.

كتب أورويل في المقال: “ينبغي على الجميع أن يكون قادرًا على استيعاب حقيقتين في آن واحد: دالي رسام ماهر ومبدع وإنسان مقزز ومثير للاشمئزاز”. كما أن الكاتب قد صُدَّ وشعر بالنفور، من آراء الرسام السياسية (أو عدم وجودها من الأساس) هذا الفنان الذي سافر إلى إسبانيا للقتال مع الجمهوريين خلال الحرب الأهلية الإسبانية. وقد سخر قائلاً: “عندما يقترب شبح الحرب الأوروبية، يكون لديه هاجس واحد فقط: كيفية العثور على مكان يقدم طعامًا جيدًا ويمكنه الهرب منه بسرعة إذا اقترب الخطر كثيرًا”.

7. عمل سلفادور دالي مع ألفريد هيتشكوك

في أربعينيات القرن الماضي، كلف هيتشكوك دالي بمساعدته على ابتكار مشهد حلم لفيلم “مسحور” (Spellbound)، فيلم الإثارة الذي أخرجه عام 1945 وكان من بطولة إنجريد بيرجمان وجريجوري بيك. شرح هيتشكوك في إحدى المقابلات المطوّلة التي أجراها مع المخرج السينمائي فرانسوا تروفو عام 1962: “لقد أردت دالي بسبب الحدة المعمارية في أعماله”. كان أمل هيتشكوك أن يتمكن دالي من إحضار بعض الصور الحية من أعماله إلى مشهد الحلم الذي يتطلبه الفيلم، لكن المخرج حصل على قدر من السريالية يفوق المتوقع. كما أخبر هيتشكوك تروفو: “كان لدى دالي بعض الأفكار الغريبة؛ أراد تمثالًا يتصدع ويتكسر كقذيفة تنهار وتتهاوى، مع نمل يزحف عليها في كل مكان، وإنجريد بيرجمان تحتها مغطاة بالنمل! وهذا لم يكن ممكنا على الإطلاق”.

8. عمل سلفادور دالي أيضاً مع والت ديزني

استمر سلفادور دالي في رحلته الفنية التعاونية حيث عقب عمله مع هيتشكوك، بادر والت ديزني بدعوته عام 1945 للانضمام إلى استوديوهات ديزني للمشاركة في فيلم رسوم متحركة بعنوان “ديستينو”، مع موسيقى من تأليف الملحن المكسيكي أرماندو دومينجيز. شرع دالي في رسم 22 لوحة زيتية وكميات هائلة من الرسومات، كما تعاون مع مصمم ديزني الأسطوري جون هينش على إنشاء لوحات القصة للفيلم. ولكن بعد ثمانية أشهر فقط من بدء العمل، تم تأجيل المشروع لأسباب مالية، مع اكتمال 15 ثانية فقط منه كعرض تجريبي. (على الرغم من هذه النكسة، حافظ ديزني ودالي على صداقتهما) حيث أنه في عام 1999، قرر إعادة إنتاج الفيلم روي إي. ديزني، ابن شقيق والت، وقام رسامو الرسوم المتحركة في استوديوهات والت ديزني بباريس بترجمة لوحات دالي الأصلية بدقة لإنشاء فيلم وفي ومخلص لرؤية دالي، وفي عام 2003 صدر الفيلم القصير الذي يبلغ طوله 6 دقائق.

9. كان سلفادور دالي مولعاً بشكل خاص بالقرنبيط

في عام 1955، وصل دالي إلى جامعة السوربون في باريس لإلقاء محاضرة وقد وصل إلى هناك بسيارة رولز رويس مليئة بالقرنبيط وقد وصفتها مجلة التايم ب “وفرة غريبة من القرنبيط الطازج” اي ما يعادل تقريبًا 500 كيلوغرام معبأة حتى السطح. شرع دالي بعدها بشرح وجهة نظره أمام جمهور من 2000 شخص، قائلًا: “كل شيء ينتهي بالقرنبيط!”. وأضاف الرسام لاحقًا في مقابلة غير منطقية أجراها مع الصحفي مايك والاس عام 1958، أن مغزى هذه الحيلة هو أنه اكتشف “المنحنى اللوغاريثمي للقرنبيط”.

10. عقد سلفادور دالي قرانًا مثيرًا للجدل

التقى دالي بزوجته المستقبلية، إيلينا إيفانوفنا دياكونوفا، والمُلقبة بغالا، عام 1929، بينما كانت متزوجة من الشاعر السريالي بول إيلوار. (وقد كانت علاقة زواجهم مفتوحة وكلاهما كان يخوض في علاقات غرامية أخرى بشكل منتظم). التقى دالي ب إيلوار في باريس ودعاه مع العديد من الفنانين الآخرين لزيارته في منزله بكاداكيس خلال الصيف. أحضر إيلوار معه غالا وابنتهما سيسيل، ووقع غالا ودالي في الحب وأصبحا لا يفترقان. طلقت غالا إيلوار في النهاية، وتزوجت هي ودالي في حفل مدني عام 1934، بموافقة إيلوار الذي حافظ على علاقة جيدة مع غالا.

أصبحت غالا ملهمة دالي وعارضة لوحاته ومديرة أعماله. حتى أنه كان يوقع على لوحاته باسميهما معًا، موضحًا في كتاب “الحياة السرية لسلفادور دالي” أن “معظم لوحاتي رسمتها بدمك أنتِ يا غالا”. (الترجمة حرفية مع الحفاظ على التشديد في النص الأصلي).

اشترى دالي لغالا قلعة كاتالونية عمرها قرونًا في بلدة بوبول الصغيرة عام 1969، ليخلق لها ملاذًا خاصًا لا يمكنه زيارته إلا بإذن مكتوب منها. وقد كتب عن المنزل في كتابه “الاعترافات التي لا تُنطق”: “كل شيء يحتفل ويمجّد بعبادة غالا، حتى الغرفة الدائرية بصداها المثالي الذي يتوج المبنى بأكمله، والتي تشبه قبة كاتدرائية غالا”. عندما توفيت غالا عام 1982، خالف الرسام المفجوع القانون الإسباني الذي يحظر نقل الجثث دون إذن رسمي، حيث وضعها في المقعد الخلفي لسيارته لنقلها من منزلهما في بور ليغات إلى بوبول، حيث أرادت أن تُدفن. انتقل دالي للعيش هناك بعد وفاتها ليقترب منها. وهي الآن متحف “منزل قلعة غالا-دالي”.

11. ظهر سلفادور دالي في برامج المسابقات

خلال مسيرة حياته، حلّ دالي ضيفًا على العديد من البرامج الحوارية. ففي عام 1957، ظهر في برنامج “ما هو خط عملي؟” كضيف مجهول الهوية ومن المفروض على فريق من الضيوف معصوبي الأعين تحديد مهنته. على الرغم من بذل المضيف جون دالي قصارى جهده لكبح جماح الفنان، إلا أن دالي أثبت صعوبة الكشف عن مهنته، حيث حاول الإجابة ب “نعم” على كل سؤال، بما في ذلك سؤال “هل لك علاقة بالرياضة أو أي نشاط رياضي؟”. وفي النهاية، تم التعرف عليه من خلال سؤال أخير حول ما إذا كان يمتلك شاربًا “معروفًا إلى حد ما”.

12. اشتهر سلفادور دالي ومارسيل بروست حسب ما يتم روايته باستخدامهما نفس منتجات تصفيف الشعر

أصبح شعر وجه دالي المتحدي للجاذبية موضوع نقاش عند ظهوره عام 1954 في حلقة من برنامج “اسم الشهرة”. في وقت مبكر من العرض، وصف المذيع روبرت كيو لويس الشارب بأنه “جميل جدًا”، وعندما أشار إليه عضو اللجنة جين رايبورن “هل أنت تمزح بشأن هذا الشيء؟” سأل، وهو يلوح بيده وكأنه يلف شاربًا أجاب دالي بالضبط مثلما تتوقع منه “هذا هو الجزء الأكثر جدية في شخصيتي”. ثم بدأ في الشرح بأن لشعر وجهه تأثير أدبي. “إنه شارب مجري بسيط للغاية. والسيد مارسيل بروست استخدم نفس النوع من المرطب لشعره”. وقال أما بالنسبة لاعتبار أن الفيزياء وراء هذا الأمر، فقد كان سبب كل شيء في المرطب. ورفض دالي مناقشة كيفية جعل شعر وجهه ينمو إلى هذا الطول الجنوني تحديداً.

13. نال شارب سلفادور دالي كتاب خاص به

في عام 1954، نشر دالي بالتعاون مع المصور فيليب هالسمان كتابًا تم تكريسه بشكل كامل لشاربه الشهير، ويتضمن 28 صورة لشعر الوجه الأيقوني. التقى هالسمان ودالي عام 1941 وتعاونا لعدة عقود، وابتكرا ما تم اعتباره بعضًا من أكثر صور الفنان شهرة، بما في ذلك لوحة “ذرة دالي” التي تعرض الفنان معلقًا في الهواء إلى جانب العديد من القطط وحامل لوحات ودلو من الماء وكرسي. يقدم كل صفحة من كتاب “شارب دالي: مقابلة فوتوغرافية” سؤالًا قصيرًا من هالسمان، مع إجابات من دالي مطبوعة في الصفحة التالية أسفل الصورة، والنتائج كما هو متوقع غالبًا ما تكون عبثية. على سبيل المثال، يسأل في أحد الصفحات: “دالي، ما الذي يحركك؟” ليجيب دالي: “نابض شعري، بالطبع”. أما الصور فتُظهر دالي وقد لُفّ شاربه على شكل رمز اللانهاية، أو متنكّرًا في زي الموناليزا، أو مستخدما شعر وجهه كفرشاة رسم، على سبيل المثال لا الحصر.

14. لا يزال شارب سلفادور دالي محافظا على شكله حتى يومنا هذا

في يوليو 2017، تم استخراج جثمان دالي من قبره كجزء من دعوى إثبات نسب رفعتها امرأة ادعت أنها ابنته. وعلى الرغم من أن عملية الاستخراج أثبتت خطأ ادعائها، إلا أنها كشفت عن مفاجأة غير متوقعة: شاربه ما زال كما هو. وفقًا للخبراء الطبيين الشرعيين الذين عاينوا الجثمان، فقد حافظ شاربه المميز المشمع على شكله المنحني الشهير الذي يشبه عقارب الساعة عند العاشرة وعشر دقائق، وذلك منذ وفاته عام 1989. صرح لويس بينويلاس من مؤسسة غالا-سلفادور دالي لصحيفة “إل باييس” الإسبانية (كما ترجمتها الإذاعة الوطنية الأمريكية) بأن “الشارب حافظ على موقعه الكلاسيكي عند العاشرة وعشر دقائق”. أما الطبيب الذي قام بتحنيط دالي عام 1989 فقد وصف الأمر بأنه “معجزة”.

15. ابتكر سلفادور دالي لوحة خاصة لجزيرة رايكرز

في عام 1965، كان من المقرر أن يقوم دالي بزيارة سجن جزيرة رايكرز لإعطاء درس فني للسجناء. ولكن في اليوم المحدد للدرس، جعله المرض يلتزم غرفته في فندق بنيويورك مما أدى إلى إلغاء الدرس، وبدلاً من ذلك رسم للسجناء لوحة تصوّر صلب المسيح بطابع سوريالي. ظلت اللوحة التي لم يعلم بها العالم الخارجي معلقة بالقرب من سلة المهملات في كافيتريا السجن حتى الثمانينيات، حيث أُخفِيَت ثم أُعيد تعليقها بالقرب من مدخل السجن حيث لا يمكن للسجناء الوصول إليها. أثبتت هذه النقطة مدى خطورتها أكثر من جدار ملطخ بالكاتشب بجوار سلال المهملات ففي عام 2003 قامت مجموعة من ضباط السجن بسرقتها واستبدالها بتقليد رخيص لها. وتمت مقاضاة الضباط، لكن اللوحة لم يتم استعادتها ابداً. ووجه أحد اللصوص أصابع الاتهام نحو شريكه في الجريمة، وهو نائب مدير مساعد يُدعى بيني نوتزو، زاعماً أن نوتزو دخل في حالة ذعر ودمر اللوحة بعد ارتكابهم للجريمة.

16. لم يكن سلفادور دالي رافضاً للعمل التجاري

لم يظهر فن دالي في صالات العرض والمتاحف فحسب، بل لقد قام أيضًا بالعديد من الأعمال التجارية. (لقبه زميله السوريالي أندريه بريتون ب “آفيدا دولار”، أي “المولع بالدولارات” ). ابتكر دالي إعلانات لشركة “دي بيرز” للألماس، وشركة إس. سي. جونسون، وجاب، وعربات ستيشن داتسون. (جاء إعلان جاب بشعار “كان سلفادور دالي يرتدي السراويل الكاكي” ). وبين عامي 1938 و1971، ابتكر أربعة أغلفة لمجلة فوغ، وفي عام 1945، ابتكر غلافًا لمجلة تاون آند كونتري. وفي مثال على ترويجه الدؤوب لنفسه، كان دالي أيضًا متحدثًا مشهورًا بالنيابة عن علامات تجارية مثل ألكا-سيلتزر وشركة الشوكولاتة الفرنسية لافين. ولا يزال بعض من فنه التجاري مستمراً حتى يومنا هذا حيث لا يزال بإمكانك رؤية عمله في شعار مصاصة شوبا شوبس.

17. صمم سلفادور دالي ملابس للسباحة

لم يكتفِ سلفادور دالي بريشته وفنه لتشكيل عوالمه السريالية، بل تعداها إلى عالم الموضة. حيث أنه تعاون مع مصممة الأزياء الإيطالية إلسا سكياباريللي لتقديم تشكيلة من الملابس النسائية استوحت عناصرها من لوحاته، كفستان بجيوب تشبه الأدراج مستوحى من لوحة “الخزانة المجسمة”، وقبعة حذاء مستوحاة من صورة فوتوغرافية التقطها لزوجته غالا، وفستان بطبعة سرطانات البحر ارتدته واليس سمبسون في جلسة تصوير لمجلة فوغ عام 1937. (اعتاد دالي على وضع سرطانات البحر في لوحاته بشكل متكرر، وغالبا ما كان يستخدمها للتعبير عن خوفه من الخصاء. ).

لم يقف طموح دالي عند هذا الحد، فقد صمم أيضًا مجموعة من ملابس السباحة لشركة تصنيع ملابس في ولاية ويسكونسن الأمريكية تدعى جاك إيه وينتر. تميزت هذه المجموعة من ملابس السباحة الغريبة بوجود قطعة علوية تشبه لوحة إعلانات كبيرة وتتميز بعينين عملاقتين، بالإضافة إلى بيكيني جاء بشكل غير مفهوم مع قفاز قابل للنفخ لحارس البيسبول. لم تُطرح هذه الملابس للجمهور، لكن يُقال إن دالي احتفظ بالقطع القابلة للنفخ ليستخدمها في مسبحه الخاص.

18. كاد سلفادور دالي أن يختنق حتى الموت في افتتاح معرض فني

في عام 1936، ارتدى دالي بدلة غوص أعماق استعدادًا للمعرض الدولي للفن السوريالي، وهو معرض فني رئيسي في لندن سيتم عرض أعماله فيه إلى جانب أعمال فنانين حديثين مشهورين آخرين مثل بابلو بيكاسو، مان راي، جوان ميرو، رينيه ماغريت، ومارسيل دوشامب.

خطط دالي لإلقاء محاضرة وهو يرتدي بدلة الغوص بينما يحمل عصا بلياردو وكلبين من كلاب الصيد مربوطين بسلاسل. لم يستطع أحد سماع محاضرته التي أطلق عليها عنوان “بعض أشباح جنون العظمة الأصيلة” بسبب بدلة الغوص المحكمة الإغلاق والتي قام ميكانيكي بربطه بها قبل المحاضرة وبعد دقائق قليلة، بدأ يختنق. حاول الإشارة إلى أنه بحاجة إلى مساعدة في خلع الخوذة، لكن الجمهور اعتقد الأمر جزءًا من أدائه وضحكوا. كما تروي كاتبة السيرة الذاتية ميريل سيكريست في كتابها “سلفادور دالي المهرج السوريالي”، “كلما تحرك بأفعال مبالغة، زاد ضحكهم واستغرق الأمر بعض الوقت، ظن دالي خلاله أنه سيفقد الوعي تمامًا، قبل أن يدرك الشاعر السوريالي ديفيد جاسكوين الأمر، كما أوضح” أدركنا أنه يعاني من بعض الضيق “وأنقذه جاسكوين من الخوذة المثبتة باستخدام مفتاح ربط. (كما هو الحال مع الكثير من حوادث حياة الفنان، هناك القليل من الجدل حول التفاصيل الدقيقة للحادث حيث قال دالي نفسه أن غالا والشاعر إدوارد جيمس أنقذاه باستخدام مطرقة، متجاهلاً ذكر جاسكوين على الإطلاق).

تتناسب هذه الحادثة بالتأكيد مع الصورة العامة الغريبة التي زرعها دالي في الأذهان. وكتب الفنان لاحقًا في كتاب “الحياة السرية لسلفادور دالي”: “أعتقد أن الأسطورة الدالية التي كانت قد تشكلت بالفعل عند عودتي إلى نيويورك ترجع إلى حد كبير إلى الغرابة الشديدة لهذه المحاضرة في بدلة الغوص”. وتم تخليد هذا الحدث في كتاب مايكل تشاون “المغامرات المذهلة لكافاليير وكلاي”، حيث ينقذ أحد الشخصيات الفنان من مأزق مشابه في حفل كوكتيل في مدينة نيويورك.

بالطبع، وفي معرض يضم مجموعة من السورياليين، لم يكن تصرف دالي هو أغرب سلوك يتم عرضه في ذلك اليوم. وصلت الرسامة شيلا ليج إلى افتتاح المعرض وهي تحمل قطعة لحم خنزير سرعان ما تعفنت بسبب حرارة شهر يونيو، وتجول الشاعر ديلان توماس بين الزوار يقدم لهم فناجين شاي من خيوط مسلوقة.

19. نشر سلفادور دالي كتاب طبخ خاصًا به

اشتهر دالي وزوجته جالا بإقامة حفلات عشاء فخمة وغريبة. وفي إحدى تلك الحفلات التي أقيمت لجمع التبرعات في مونتريي بكاليفورنيا عام 1941، طُلب من الضيوف، أمثال بوب هوب وألفريد هيتشكوك، أن يتأنقوا بملابس تجسد أحلامهم الشخصية. (ارتدت جالا رأس وحيد قرن. ) استعار دالي قرودًا من حديقة حيوان سان فرانسيسكو لتلك الأمسية، وقد قُدّم للضيوف طبق سمك في حذاء من الساتان، وبعدها تبعه تقديم ضفادع حية. كان الحدث باذخًا للغاية لدرجة أنه بدلاً من جمع الأموال للفنانين اللاجئين، كما هو الغرض المقصود، لقد تم تكبّد خسائر مالية.

20. نشر سلفادور دالي رواية أيضًا

صدرت رواية “وجوه خفية” عام 1944، والتي كانت تتابع حياة مجموعة من النبلاء الذين كانوا يعيشون في فرنسا قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها. وأعلن دالي عن إصدارها بطريقته المعتادة الملفتة للنظر، حيث قال “أوقات المسؤولية الفكرية الجديدة” دفعته إلى كتابة “رواية طويلة ومملة وحقيقية” فاستعرضتها صحيفة نيويورك تايمز تحت عنوان “مملة، ولكن هل هي فن؟” وكتب المراجع مارك شورير في عموده اللاذع: “إن أريكته على شكل شفاه أظهرت مسؤولية فكرية أكبر من هذه الرواية”.

أما عند إعادة إصدارها عام 1974، فقد أثار إعجاب قراء آخرين بشكل أكبر. حيث أعلنت مراجعة مجلة الناشرين الأسبوعية أن الرواية “تتناول ببراعة الحب والعشاق، والحرب والموت، والعواطف والانحرافات”، بينما كتب جون ميلي من صحيفة الإندبندنت أنها “مليئة بالابتكار البصري، وذكية للغاية، ومشحونة بطاقة ديكينزية تقريبًا يصعب معها عدم قبول تقييم المؤلف المتغطرس لنفسه كعبقري”.

21. أقامت مسرحية شارع السمسم محاكاة ساخرة للفنان سلفادور دالي

من خلال الإلهام من شاربه الشهير الذي لا يُخطئه أحد، ظهرت في شارع السمسم دمية مسرح متحركة ذات شارب تُدعى سلفادور دادا. وعلى مر السنين، قدم مسرح العرائس.

العديد من المحاكاة الساخرة لأعمال دالي، بما في ذلك حلقة خاصة عام 2015 بعنوان “لص الكوكيز”، حيث يرى بعض الدمى المتحركة لوحة فنية تُسمى “استمرار الكوكيز” في متحف الفن الحديث للكوكيز.

22. بنى سلفادور دالي متحفه الخاص

في ستينيات القرن الماضي، طلب عمدة فيغيريس، مسقط رأس دالي بإسبانيا، من الفنان التبرع بإحدى لوحاته لصالح متحف الفن بالمدينة، “متحف إمبوردَى.” لكن دالي، بأسلوبه الفريد، أعلن أنه لن يتبرع بلوحة واحدة بل سيتبرع بالمتحف بأكمله. وهكذا شرع في تجديد مسرح بلدية فيغيريس الذي تعرض لأضرار جسيمة خلال الحرب الأهلية الإسبانية، ليحوله إلى مسرح-متحف سلفادور دالي. افتتح المتحف رسميًا عام 1974، وكان واجهته من تصميم دالي نفسه وقد زُينت بتماثيل لبيض عملاق ولفائف خبز ضخمة. واستمر دالي في توسيع المتحف حتى وفاته.

لم يقتصر الأمر على ذلك، بل اتخذه دالي أيضًا مسكنًا له في سنوات عمره الأخيرة. فبعد أن تعرض قصره في بوبول لحريق كهربائي، انتقل إلى برج غالاتيا الملحق بالمتحف (والذي سمي نسبة إلى زوجته غالا) عام 1984، وابتعد إلى حد كبير عن الحياة العامة إلى أن توفي عام 1989. وبعد وفاته، تم دفنه تحت خشبة مسرح المتحف.

23. يحظى فن سلفادور دالي اليوم بقيمة هائلة

في فبراير 2018، عرضت صالة سوذبيز للمزادات لوحتين غير معروفتين إلى حد كبير لسلفادور دالي، أعُيد اكتشافهما ضمن المجموعة الشخصية لعائلة أرجنتينية. كان الفنان قد رسمهما في الأصل للكونتيسة دي كويفيس دي فيرا، وهي أرستقراطية كانت تقيم بين فرنسا حيث كانت تخالط فنانين مثل دالي وبيكاسو وبوينس آيرس. رُسمت اللوحتان عامي 1931 و1932 وتم تناقلهما عبر عائلة الكونتيسة. صرح توماس بومبارد من صالة سوذبيز لصحيفة “The Guardian” قبل عرض الأعمال في المزاد، قائلاً: “هذه هي الأعمال الفنية التي أعمل من أجلها”، مضيفًا أنه يشعر بأنه “محظوظ للغاية لكوني من يقدم هذه الجواهر إلى السوق للمرة الأولى”. وقد باع اللوحتان معًا مقابل 8 مليون دولار.

  • ترجمة: مايا قصي عبد اللطيف
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1