تجربة دواء جديد لعلاج سرطان الرئة تعطي النتيجة الأفضل على الإطلاق وتضع معيارًا جديدًا
أكثر من نصف مرضى السرطان المتقدم الذين يتناولون الدواء، لم تظهر عليهم أي علامات تدل على تقدم المرض بعد خمس سنوات. وقد أُعلن عن نتائج المرحلة الثالثة لتجربة الدواء الجديد المستهدف لسرطان الرئة المتقدم، ووصفها الخبراء بأنها نتائج غير مسبوقة وخارجة عن التوقعات. هذا الدواء يسمى لورلاتنيب lorlatinib، ويقول عنه فريق التجارب إنه يضع معيارًا جديدًا للعلاجات التي تستهدف علاج السرطان.
وفقًا لهذه النتائج، فإن 60% من المرضى الذين تناولوا هذا الدواء لم تظهر عليهم أي علامات تدل على تقدم المرض بعد خمس سنوات، في حين كانت هذه النسبة سابقًا للذين يتناولون دواءً كان موجودًا بالفعل غير هذا الدواء 8% فقط. وعلقت الدكتورة جولي جرالو Julie Gralow، رئيسة الأطباء في الجمعية الأمريكية للأورام السريرية ASCO، لصحيفة الجارديان Guardian، قائلة: “نحن لسنا بحاجة إلى عدسة مكبرة لملاحظة الفارق بين نتيجتي هذين العقارين”.
إن نسبة بقاء 60% من مرضى سرطان الرئة غير صغير الخلايا مدة خمس سنوات بدون تقدم المرض هي نسبة غير مسبوقة. وطُوّر اللوراتينيب، المعروف تجاريًا باسم لوربرينا Lorbreba، من أجل استهداف نوع من سرطان الرئة غير صغير الخلايا الذي يتضمن طفرة جينية محددة تشمل جين كيناز سرطان الغدد اللمفاوية الكشمية ALK.
مع أن سرطان ALK الإيجابي يشكل نسبة صغيرة من تشخيصات سرطان الرئة، إلا أنه يؤثر بشكل أكبر على ذوي السن الأصغر وغير المدخنين، ويمكن أن ينتشر بسرعة في الدماغ من خلال عملية تسمى انتشار الورم.
يمثل علاج سرطان ALK الإيجابي تحديًا، إذ إن الأدوية المعروفة باسم التيروزين كيناز TKIs، والتي يعد اللورلاتينيب Lorlatinib مثالًا متقدمًا عنها، تكون فعالة في البداية، ولكن يعاني جميع المرضى تقريبًا من عودة المرض عندما يصبح السرطان مقاومًا للعلاج.
في هذه التجربة الأخيرة، جرت مقارنة دواء اللورلاتينيب Lorlatinib مع مثبط آخر للكيناز يسمى كريزوتينيب Crizotinib، والذي لم يكن شائع الاستخدام في الولايات المتحدة، ولكنه مازال يستخدم في المملكة المتحدة وبعض الدول الأخرى.
وأوضحت الدكتورة جرالو لشبكة NBC News أن الأدوية الأحدث التي يستخدمها أطباء الأورام في الولايات المتحدة لم تكن قد حصلت على الموافقة عندما بدأت التجربة، ولذلك لم تُدرَج.
وأضافت: “ولكن هذا لا ينفي أن هذه النتائج الجديدة تُظهر أطول فترة للبقاء بدون تطور المرض والتي لم تشهدها هذه الفئة من المرضى. وجرى اختيار 296 مريضًا عشوائيًا ممن يعانون من سرطان الرئة المتأثر ببروتين ALK لتلقي العلاج إما ب Lorlatinib أو ب Crizotinib، ثم متابعة حالة هؤلاء المرضى لمدة خمس سنوات لمراقبة تطور حالتهم واستجابتهم للعلاج. بالإضافة إلى تلك النتائج الفريدة من بقاء المريض بدون تقدم، لوحظ أن أربعة فقط من المرضى المتلقين للعلاج ظهرت لديهم تغيرات غير طبيعية في أنسجة أدمغتهم، مما يشير إلى انتشار السرطان هناك.
بالنسبة للمرضى الذين كانت تظهر عليهم علامات انتشار السرطان إلى أدمغتهم عند بدء التجربة، عمل Lorlatinib على تقليل احتمالية استمرار تطور المرض في الدماغ بنسبة 83%.
أما من تلقّى ل Crizotinib، فكان كل مريض لديه انتشار السرطان في الدماغ يواجه تدهور حالته خلال فترة التجربة. ويعد الجيل الثاني من مثبطات التيروزين كيناز TKIs – الحديثة التي لم تُدرج في تلك التجربة – هو الذي أدى إلى تحسنات كبيرة مقارنة ب Crizotinib في معالجة انتشار سرطان الدماغ. ولكن أوضح الباحثون أن تشخيصات هؤلاء المرضى ما زالت سيئة.
ومع ذلك، يمكن أن يُمثل Lorlatinib خطوة تقدم كبيرة إلى الأمام. وكما قال المسؤول الرئيسي عن البحث، الدكتور بنيامين سولومون Benjamin Solomon: “إن Lorlatinib هو الدواء الوحيد المثبط لكيناز التيروزين لعامل تميز الخلايا ALK الذي أثبت قدرته على الحفاظ على البقاء دون تطور المرض لمدة خمس سنوات. وحتى بعد هذه الفترة، تستمر قدرته في السيطرة على المرض، بما في ذلك انتشاره في الدماغ لدى غالبية المرضى”.
يمكن لجميع الأدوية أن تسبب آثارًا جانبية، وتعد الآثار الجانبية المحتملة للعلاج الكيميائي من أكبر المخاوف التي يواجهها المرضى عند تشخيصهم بالسرطان.
وقد ظهرت بعض الآثار الجانبية على 77% ممن تناولوا اللورلاتينيب، ومن أكثرها شيوعًا الانتفاخات وارتفاع مستوى الكوليسترول والدهون. وتعتبر هذه أعراضًا معروفة تظهر مع أدوية السرطان الأخرى ويمكن معالجتها والتعامل معها بأدوية خفض الكوليسترول. وأحيانًا يمكن تخفيف الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي عن طريق تقليل الجرعة أو إيقاف العلاج لفترة مؤقتة.
يقول الباحثون في تلك الدراسة إنه نتيجة للآثار الجانبية، فإن 62% من المرضى توقفوا عن علاج اللورلاتينيب لفترة مؤقتة، و11% توقفوا عن أخذه تمامًا. كما أن للكريزوتينيب أيضًا آثارًا جانبية، إذ توقف 48% من المرضى عن أخذه لفترة مؤقتة و11% توقفوا عن أخذه تمامًا.
ويُفيد الباحثون بأن تقليل الجرعة في بداية فترة العلاج لم يظهر أن له تأثيرًا سلبيًا على النتائج بشكل عام. يستنتج الباحثون أن هذه النتائج تمثل أطول فترة بقاء للمرضى دون تقدم المرض قد سجلت على الإطلاق بأي علاج مستهدف جزيئي واحد فقط. وهذا ليس في الحالات المتقدمة من سرطان الرئة غير صغيرة الخلايا فحسب، بل يشمل أيضًا الأورام الصلبة النقيليّة.
يُعد سرطان الرئة السبب الرئيسي لوفيات السرطان في جميع أنحاء العالم، لذلك يمكن أن يكون اللورلاتينيب مناسبًا فقط لنسبة معينة من الحالات الحاملة لطفرة ALK، لكن بالنسبة للمرضى المستحقين، يمكن أن يكون هذا الجيل الجديد من الأدوية تغييرًا حقيقيًا في التأثر بالعلاج. نُشرت هذه الدراسة في مجلة الأورام السريرية Journal of Clinical Oncology.
ترجمة: أسماء سيد
تدقيق: فريال حنا
- ترجمة: أسماء سيد
- تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
- المصادر: 1