لقاح جديد لسرطان الدماغ القاتل يحقق نتائج غير مسبوقة في مرحلة التجارب السريرية
أطال لقاحٌ للورم الأرومي الدبقي، الذي يعُتبر أكثر أنواع سرطان الدماغ فتكًا، أمد حياة أربعة أشخاصٍ في أول تجربة سريرية من نوعها. حيث يعمل اللقاح المصمم حديثًا على تزويد جهاز المناعة بطريقةٍ للتعرف على الورم ودليلٍ لتركيبته الداخلية، مما يحدد نشاط كلِّ جين في الورم.
وكونه مجهز بمثل هذه المعلومات الحيوية، يمكن لجهاز المناعة تقوية دفاعاته المضادة للسرطان وشن هجوم أكثر نجاحًا.
في التجربة السريرية الأخيرة، تلقى أربعة مصابين بالورم الأرومي الدبقي المقاوم للعلاج جرعتين أو أربع جرعاتٍ من اللقاح، مما ساهم في تنشيطٍ مناعيٍّ كبيرٍ وسريع. فبعد ساعاتٍ فقط من تلقي اللقاحات، لاحظ الباحثون ارتفاعًا في البروتينات الالتهابية التي تحشد خلايا الدم البيضاء القاتلة في موضع الورم. ارتبط هذا التعزيز المبكر لجهاز المناعة بالآثار الجانبية قصيرة المدى النموذجية للاستجابة المناعية، مثل الغثيان والحمى الخفيفة والقشعريرة، التي تلاشت تدريجيًا خلال يوم أو يومين.
أشار إلياس سايور، طبيب الأورام والرائد في أبحاث اللقاحات من جامعة فلوريدا، إلى أنه «في أقل من 48 ساعة، يمكننا أن نلاحظ تحول هذه الأورام من ما نشير إليه بالضعف المناعي، والعدد القليل من الخلايا المناعية، والاستجابة المناعية الصامتة إلى الاستجابة المناعية القوية النشطة للغاية».
وأضاف سايور أن «ذلك كان مفاجئًا للغاية نظرًا لمدى سرعة حدوث ذلك، إذ تمكنا من تنشيط المراحل الأولى للاستجابة المناعية ضد هذه السرطانات بسرعةٍ كبيرةٍ، وهذا أمرٌ بالغ الأهمية لتفعيل المراحل اللاحقة للاستجابة المناعية». تاريخيًا، يمكن للمرضى الذين تعالجوا من الورم الأرومي الدبقي بالعلاج الكيميائي والإشعاعي والجراحة أن يأملوا في العيش لمدة ستة أشهر تقريبًا، أقل أو أكثر، دون تفاقم المرض.
أما مع هذا اللقاح الجديد، بقي مريض واحد على قيد الحياة دون تفاقم المرض لثمانية أشهرٍ وبقي آخر تسعة أشهر. وعاش المريض الثالث لمدة تسعة أشهر أخرى مع الورم الأرومي الدبقي الناكس ولم يُبلّغ عن معلومات دقيقة عن البقاء على قيد الحياة للمريض الرابع، وهو أول مشارك في المرحلة الأولى الموسعة من التجارب السريرية.
عادةً، يكون متوسط البقاء على قيد الحياة للورم الأرومي الدبقي الناكس بين خمسة وثمانية أشهر. تستند النتائج الواعدة إلى تجربة سابقة اختبرت اللقاح على 10 كلابٍ أليفةٍ تعاني من أورام في المخ. حاليًا، قفز معدل بقاء الكلاب التي لديها هذا التشخيص النهائي ولا يوجد علاج آخر من 35 يوماً إلى 139 يومًا بفعل اللقاح. صرّح الطبيب سايور: «آمل أن يكون هذا نموذجًا جديدًا لكيفية علاجنا للمرضى، ولكيفية تعديل جهاز المناعة».
يعتمد لقاح السرطان الجديد على نفس تكنولوجيا لقاحات كوفيد19، ولكن مع بعض الاختلافات الرئيسية. أحد أصعب الأمور في علاج الورم الأرومي الدبقي هي أنها محمية بشدة من جهاز المناعة. فالبيئة الدقيقة للورم كابتة للمناعة، مما يعني أنها تتسبب في موت الخلايا المناعية إذا حاولت الهجوم. يعمل اللقاح الجديد عن طريق إعادة برمجة البيئة الدقيقة للورم باستخدام عينة منه.
فمن خلال أخذ الرنا المرسال للورم وتعبئته في لقاح قابل للتوصيل، يمكن للباحثين تعليم خلايا المريض المناعية القاتلة كيفية الالتفاف على البيئة الدقيقة للورم. أبرز الطبيب سايور وزملاؤه أن هذه الضربة المزدوجة تسمح للدواء بالعمل في نفس الوقت كاللقاحات، وتنبيه جهاز المناعة إلى العوامل الغازية، وكعوامل معدلّة للمناعة، مما يغير الورم ليسهل غزوه بواسطة الجهاز المناعي.
أشار الطبيب سايور إلى أنه «بدلًا من حقن جزيئات مفردة، فإننا نحقن مجموعة من الجسيمات التي تلتف حول بعضها البعض مثل البصل، مثل كيس مليءٍ بالبصل»، مضيفًا أن «السبب وراء ذلك في حالة السرطان هو أن هذه المجموعات تنبه الجهاز المناعي بطريقة أعمق بكثير مما تفعله الجسيمات المفردة».
ويحاول الطبيب سايور وزملاؤه الآن تحديد عدد مرات وجرعة اللقاح الواجب إعطاؤها لتحقيق النتائج المثلى والسلامة، إضافةً إلى خطط العلاج المشتركة التي ستكون فعالة مع اللقاح. كما يجب موازنة النتائج الإيجابية مع النتائج السلبية لتقليص الآثار الجانبية الضارة المحتملة.
قال الطبيب سايور: «آمل أن يساهم هذا في تعزيز العلاجات المناعية الأخرى».
- ترجمة: ابراهيم كرموم
- تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
- المصادر: 1