لماذا بدا الناس أكبر سنًا في الماضي؟

هل هناك أي حقيقة لهذه لفكرة؟

إذا كنت قد تصفّحت ألبومات الصور القديمة لأقاربك عندما كانوا شبابًا، أو شاهدت برامج تلفزيونية قديمة، قد تكون خطرت لك هذه الفكرة: لماذ بحق الجحيم يبدو هؤلاء المراهقين وكأنهم قلقون بشأن الرهون العقارية والمعاشات التقاعدية وهم في طريقهم لإجراء اختبارات البروستات الدورية؟

بينما قد يكون بعض ذلك بالتأكيد نتيجةً لانحياز الاختيار (حسنًا، سأصدمكم بالقول بأن الجميع لا يشيخ بالمعدل نفسه)، لكن هل هناك أي صحة لهذه الفكرة؟ هناك فيديو من Vsauce يبحث في الموضوع ويجيب بنعم، ولكن جزء منه يتعلق بكيفية ارتباط بعض المظاهر من الماضي بكونها “قديمة” عندما يكبر الأفراد الذين يرتدون تلك المظاهر.

كما يوضح مايكل ستيفنز من Vsauce في الفيديو، حدثت هناك تغيرات في معدلات الشيخوخة على مر الزمن بسبب عدة عوامل مثل مستويات العيش، تحسّن الرعاية الصحية، وخيارات نمط الحياة، بالطبع في الأجزاء الأكثر حظًا من العالم. حتى في المناطق التي حدثت فيها هذه التحسينات، فإن هناك تفاوتًا بين المجموعات المختلفة حسب الدخل والطبقة.

وبينما من غير الصادم أن معايير العيش الجيدة تؤثر على تقدمك بالسن (مفاجأة، فإذا كنت تعمل في مكتب ستكبر بشكل أفضل من منظف مدخنة فكتورية يدخن 20 سيجارة باليوم)، فإن التغيير واضح خلال فترة عقود قليلة.

في دراسة نُشرت عام 2018، درست التغيرات في عملية الشيخوخة البيولوجية (من خلال مؤشرات كضغط الدم ووظائف الرئة) وعلاقتها بالعمر الزمني، بين عامي 1988 و2010. وقد وجد الباحثون أنه حتى في هذه الفترة الزمنية القصيرة، كانت هناك تغيرات ملحوظة في الشيخوخة، بوجود عدد متزايد من الأجيال الحالية التي تُعتبر بيولوجيًا “أصغر” من الذين جاؤا قبلها.

كتب الفريق في الدراسة: «خلال ال 20 سنة الماضية، انخفض العمر البيولوجي لسكان الولايات المتحدة من الذكور والإناث على مقياس العمر. ورغم ذلك، فإن درجة التغيير لم تكن نفسها بين الذكور والإناث. إذ أظهرت النتائج بأن الذكور الشباب أظهروا تحسنًا أفضل من الإناث الشابات. مما قد يفسّر سبب انخفاض معدل الوفيات المبكر للبالغين الذكور أكثر من الإناث، الأمر الذي يُسهم في تضييق فجوة الوفيات بين الجنسين. بالإضافة لذلك، كانت التحسينات أيضًا في البالغين الأكبر سنًا أفضل منها في الأصغر سنًا».

وقد أكّدت الدراسة على عوامل نمط الحياة مثل التدخين، الذي يُحتسب جزئيًا السبب في غلق الفجوة بين الأعمار البيولوجية للرجال والنساء، إذ إن الرجال بدأوا يدخنون بشكل أقل بينما لحقت النساء بالركب. بالإضافة إلى أن استخدام الأدوية أدى الى تحسينات في الصحة.

ويضيف الفريق: «لكن السبب الأكثر تأثيرًا في الانخفاض على مدار الزمن كان غير مُفسّر. إذ إن هناك تفسيرات أخرى للتحسن في الصحة السكانية لم نتمكن من قياسها، وتشمل الظروف الأفضل للحياة المبكرة وأثناء الحمل، والانخفاض في تفشّي الأمراض المعدية».

بينما تلعب هذه العوامل دورًا في كون الناس من الماضي يبدون أكبر سنًا، فإنها ليست القصة الكاملة بأي حال من الأحوال. كما يُلاحظ مايكل من Vsuace، سيُفسّر هذا ظهور البالغين الستينيين في عمر 56 عامًا، والأربعينيين في عمر 37.5 عامًا، والعشرينيين في عمر 19 عامًا. إذًا، ماذا يحدث أيضًا؟

وفقًا ل Vsuace، هناك عاملًا مهمًا (بالإضافة لكل التغيرات الأخرى، كالتحسن في مجال صحة الأسنان وواقي الشمس الذي يحمي البشرة من الشيخوخة) وهو نظرتنا للأزياء القديمة. إذ إننا نربط الأزياء القديمة بكونها قديمة (فكّر برفض والدك التوقف عن ارتداء القميص نفسه الذي يرتديه منذ عام 1972). إننا نربط بشكل تلقائي هذه الأزياء بكونها قديمة، حتى عند النظر إلى صور لأشخاص شباب بشكل موضوعي من عام 1972 يرتدون القميص نفسه.

أضف إلى ذلك بعض التحيز في الانتقاء (ابحث عن “سوني من فيلم Grease” إذا كنت ترغب في رؤية مثال رائع)، عندها ربما تكون قد حصلت على تفسير جيد لسبب ظهور الناس في الماضي أكبر سنًا مما يظهرون الآن.

  • ترجمة: سجى مبارك
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1