استئصال المبيضين وتأثيره الخطير على الدماغ

يلعب المبيضين دورًا أكبر بكثير من مجرد التكاثر، إذ لا يقتصر دور هذه الغدد الموجودة على جانبي الرحم على إنتاج البويضات فقط، بل تقوم أيضًا بإفراز هرمونات تساعد في الحفاظ على صحة القلب والعظام والدماغ والجهاز المناعي مع تقدم العمر.

لقد أثارت دراسة حديثة في مجال التصوير الدماغي قلق العلماء حول أن استئصال المبيضين جراحيًا قد يكون له عواقب صحية غير متوقّعة على المدى البعيد.

وقد تضمّنت الدراسة بيانات لأكثر من 1,000 امرأة تزيد أعمارهن عن الخمسين عامًا في الولايات المتحدة، وأظهرت النتائج أن النساء اللاتي خضعن لعملية استئصال المبيضين قبل سن الأربعين يعانين من انخفاض في المادة البيضاء في أجزاء مختلفة من أدمغتهن مقارنةً ب 907 امرأة تحت سن الخمسين لم تخضعن للعملية الجراحية نفسها.

ولاحظ الباحثون انخفاضًا في تماسك المادة البيضاء في الدماغ عند النساء اللاتي خضعن لعملية استئصال المبيضين بعد سن الأربعين، ولكن بشكل أقل من النساء اللاتي أجرين هذه العملية في سن أصغر.

كما لاحظ الباحثون أن التغيرات المرصودة تشبه بشكل كبير مرض الدماغ الوعائي vascular brain disease أكثر من مرض الزهايمر، وأشاروا إلى أن هذه التغيرات قد تمثّل «ملامح مبكرة قبل الإصابة السريرية بمرض الزهايمر».

لقد أظهرت الأبحاث الأخيرة أن النساء اللاتي أُجريت لهن عملية استئصال المبيضين قبل دخولهن مرحلة انقطاع الطمث يواجهن خطرًا كبيرًا للإصابة بالاضطرابات العقلية والخرف في مراحل متقدمة من حياتهن فيما بعد. ومع ذلك، تعدّ هذه إحدى أول الدراسات التي تسعى لفهم الأسباب وراء هذه الظاهرة.

حتى الآن، كانت معظم الدراسات العصبية تركّز على أدمغة الذكور.

إذ من بين جميع الأبحاث والدراسات المنشورة حول تصوير الدماغ، أقل من 0.5% فقط هي التي تدرس تأثير الهرمونات، بما في ذلك تلك التي تنتجها الغدد التناسلية، على صحة الدماغ وتطوره.

تحتوي أدمغة الذكور بشكل عام على كمية أكبر من المادة البيضاء مقارنةً بأدمغة الإناث، ولذلك يعتقد بعض العلماء أن هذا الفرق يرجع إلى كيفية تأثير الهرمونات الجنسية التي تنتجها الخصيتين والمبيضين على نمو الدماغ.

في حين يُعتقد في كثير من الأحيان أن هرمون التستوستيرون هو هرمون ذكري، إلا أنه يُنتج أيضًا عن طريق المبيضين، ويلعب دورًا مهمًا في الجسم الأنثوي. كما يرتبط هذا الهرمون بسلامة المادة البيضاء في الدماغ.

وإذا استؤصل المبيضين من الجسم قبل الوصول إلى مرحلة انقطاع الطمث، فإن الفقدان المفاجئ لهرمون التستوستيرون يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات سلبية على تطوير الدماغ.

في دراسة أُجريت لتحليل صور أدمغتهن، تبين أن النساء اللاتي خضعن لاستئصال المبيضين قبل سن الأربعين كن يتناولن الاستروجين عادةً لتعويض نقصه الناتج عن فقدان الغدد التناسلية الجنسية. وعلى الرغم من ذلك، لم يؤثر هذا العلاج الهرموني على تكامل المادة البيضاء في الدماغ.

ويقترح فريق البحث أن تفسير نتائجهم قد يكون جزئيًا بسبب فقدان التستوستيرون، كما يشيرون إلى حاجة واضحة لإجراء دراسات إضافية لتكرار هذه النتائج.

حتى الآن، هناك العديد من الأسئلة التي لا إجابات لها حول دور المبيضين في صحة النساء على مدار الحياة وتأثير إزالتها.

لقد ناقش العلماء لسنوات تكاليف إزالة المبيضين لأسباب حميدة غير مرضية، وما إذا كانت هذه الإجراءات آمنة وفي أي عمر تكون مناسبة.

ففي حالات السرطان، يُعتبر استئصال المبيضين ضروريًا لإنقاذ المريض، وهو شائع أيضًا في حالات علاج التهاب بطانة الرحم، والتكيسات المبيضية، والأورام الليفية غير السرطانية.

في الولايات المتحدة، يُستأصل المبيضين أيضًا لأكثر من نصف النساء اللاتي يخضعن لعملية استئصال الرحم، وأكثر من ثلث هؤلاء النساء يكنّ أقل من 44 عامًا.

بناءً على هذه الأدلة الحديثة، يقول بعض الخبراء أن المخاطر والفوائد الناتجة عن استئصال المبيضين في سن مبكر لم تُأخذ بعين الاعتبار أو تُقيّم بشكل كافٍ من قبل الجراحين أو المرضى. إذ قد تُشكّل عملية استئصال المبيضين لأسباب غير مرضية تهديدًا بالنسبة للأطفال والمراهقين، وقد تحمل مخاطر طويلة الأمد.

إذا أُزيلت هذه الغدد خلال مرحلة الإنجاب، يمكن أن يدخل الجسم في مرحلة سن اليأس بشكل مبكر، مما يزيد من خطر الإصابة بحالات صحية مزمنة خطيرة تشمل فقدان كثافة العظام، وتأثيرات على الصحة الجنسية، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وتأثيرات على الإدراك واضطراب التنفس أثناء النوم، والتهاب المفاصل.

هناك العديد من الأسباب التي تُبرز أهمية الحفاظ على المبيضين قدر الإمكان، ومن بين هذه الأسباب حماية الدماغ من الأضرار المحتملة.

نُشرت هذه الدراسة في مجلة Alzheimer’s and Dementia.

  • ترجمة: أسماء سيد
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1