ما الذي يجعلك تشعر بألم شديد في جانبك؟

يألف كثير من الناس الألم الحاد الذي يمكن أن يصيب أسفل القفص الصدري أثناء التمرين. ولكن ما الذي يسبّب ذلك؟

لقد شعرنا جميعًا بذلك من قبل، إذ تكون قد بدأت للتو في العثور على إيقاع الجري الخاص بك على جهاز المشي، أو كنت تجري مسرعًا للحاق بالقطار، وفجأةً تُصاب بألم شديد في جانبك أسفل القفص الصدري مباشرةً.

يُعرف الألم الشديد في الجنب طبيًا “بآلام البطن العابرة المرتبطة بالتدريب”، ورغم أنه طبيًا غير خطير، إلا إنه مزعج ومتعب للغاية، لكن ما أسباب الألم الشديد في الجنب؟

رغم شيوع الشعور بالآلام الشديدة في الجنب، إلا أن لا أحد يستطع أن يؤكّد أسباب حدوثها، وهناك نظريات متنافسة حول مصدر ذلك الألم في الجسم.

عندما طُرحت هذه النظرية لأول مرة عام 1941، اعتقد العلماء وأطباء الرياضة لعقود بأن سبب الألم الشديد في الجنب هو عدم تدفّق الدم بصورة كافية إلى الحجاب الحاجز، وهي العضلة الكبيرة التي تقع تحت الأضلع والتي تساعد على سحب الهواء إلى داخل وخارج الرئتين، ويتسبّب نقص الدم في حدوث تقلصات وتشنجات عضلية. وقد بُنيت هذه الفكرة على نظرية مفادها أنه عندما نمارس الرياضة يتدفّق الدم بعيدًا عن الحجاب الحاجز ويتركّز في عضلات الأطراف.

لكن صرّح أندرو لافندر، وهو أحد كبارالمحاضرين في التمارين وعلوم الرياضة في جامعة الاتحاد في استراليا لموقع لايف ساينس عبر البريد الإلكتروني: «لقد فقدت هذه النظرية شعبيتها لأنه عند ممارسة الرياضة يعمل الحجاب الحاجز بمجهود أكبر وهذا يوجّه الدم إليه وليس بعيدًا عنه».

واستطرد لافندر قائلًا إن هناك فكرة أخرى عن الاهتزازات المستمرة الذي يقوم به الجسم خلال ممارسة الأنشطة الرياضية، مثل الجري، والتي تضغط على الأربطة التي تثبت أعضاء البطن بالحجاب الحاجز، وأن هذه النظرية قد توضح لماذا يعاني العدّائين عادةً من الألم الشديد في الجنب ولكنها لا توضح سبب الشعور به عند السباحة أو التجديف أو ركوب الدراجات.

لقد اقترح البعض أن ضعف مستوى اللياقة البدنية يزيد من خطر الإصابة بألم شديد في الجنب، لكن لافندر قد شكّك في هذه الفكرة إذ إن الرياضيين المحترفين أصحاب الأداء العالي يعانون أيضًا من تلك الآلام. لكن اقترح بعض العلماء الآخرين أن هذه الآلام الشديده تأتي من الأمعاء نتيجةً لضعف تدفّق الدم إليها أثناء ممارسة الرياضة، وهناك نظرية أخرى ترجّع الألم إلى الضغط على الأعصاب التي تتفرع من الحبل الشوكي وتمتد بين الأضلع.

ومع ذلك فإن النظرية الأكثر قبولًا حتى الآن تشير إلى أن غشاءً يُسمى الصفاق قد يكون مصدرًا للألم. والصفاق هو كيس مزدوج الطبقات يشبه البالون يغلّف الأعضاء الموجودة داخل البطن، إذ تلتف طبقته الداخلية حول الأعضاء مثل المعدة بينما تلتصق طبقته الخارجية بجدران البطن والحوض.

لقد اقترح باحثون في دراسة نُشرت عام 2000 في جريدة الطب والعلم في الرياضة والتمرين أن السبب المرجّح للشعور بالألم الشديد في الجنب هو التهيّج الناتج عن احتكاك الطبقتين الداخلية والخارجية للصفاق أثناء التمرين، وقد توصّل الباحثون إلى هذا الاستنتاج بعد سؤال أكثر من 900 مشارك رياضي منتظم حول تجاربهم عن آلام البطن العابرة المرتبطة بالتدريب ومقارنة أوصافها بالنظريات حول كيفية ظهور الآلام الشديدة في الجنب.

في الوقت الحالي، صرّح لافندر أنه يُعتقد أن تهيج الصفاق هو مصدر الألم الشديد في الجنب، وقد صرّح مؤلفو دراسة العام 2000 بأن هذه النظرية قد دُعمت بحقيقة أن الشعور بألم شديد في الجنب يحدث بمعدل أكثر عند تناول الطعام أو الشراب قبل التمرين مباشرةً، لأنه عندما تمتلئ المعدة فإنها تضغط على الصفاق الأمر الذي يؤدي إلى اقتراب طبقتيه من بعضهما البعض مما يزيد الاحتكاك بينهما.

لقد وجدت دراسة نُشرت في الجريدة الدولية للتغذية الرياضية والتمثيل الغذائي للتمرينات الرياضية عام 2004 أن تناول عصائر الفاكهة والمشروبات الرياضية عالية السكر يزيد من احتمالية الإصابة بألم شديد أكثر من تناول الماء أو عدم تناول أي سوائل. وقد يرجع السبب في ذلك إلى أن المشروبات مفرطة التوتر تسحب الماء خارج الخلايا الموجودة في الصفاق مما يؤدي إلى زيادة الاحتكاك، أو أن هذه المشروبات تبقى في الأمعاء لمدة أطول من الماء مما يتسبب في الضغط على الصفاق.

أفاد لافندر أن مراعاة ما تأكله قبل ممارسة التمارين أو تحديد مواعيد تناول وجبتك الخفيفة قد يساعد في منع الإصابة بالآلام الشديدة في الجنب، وقد نصح قائلًا: «تناول وجبة صغيرة قبل التمرين، وتأكّد من منح نفسك متسعًا من الوقت بين تناول وجبتك وبدء التمرين». وقد أضاف أن الأطعمة الغنية بالألياف أو الدهون تستغرق وقتًا أطول في الهضم مقارنةً بالأطعمة قليلة الألياف أو الدهون. لذلك، في حال تناول النوع الأول من الطعام، فمن الأفضل الانتظار ما لا يقل عن 60 إلى 90 دقيقة قبل ممارسة الرياضة.

يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الآلام الشديدة المعتادة في الجنب تأتي مصاحبةً لممارسة الرياضة وتختفي عند الراحة، أما إذا كنت تشعر بألم مستمر في الصدر أو البطن، يوصي الخبراء بزيارة الطبيب إذ إن الأمر قد يكون أكثر خطورة.

  • ترجمة: أسماء حسيني محمد
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1