هل يمكن لتنانين مسلسل صراع العروش Game of thrones أن تطير بالفعل؟

تتّفق هندسة الطّيران والرّياضيّات على أنها تستطيع فعل ذلك حقًّا.

كُتب من قبل: غاي غراتون وموقع THE CONVERSATION US.

إنّ قدرة التّنانين على الطّيران في مسلسل “صراع العروش” تعود للمساحة الكبيرة لأجنحتها، والوزن، والسّرعة مع تلميحات إلى اختلاف الغلاف الجويّ عن ذلك الخاصّ بالأرض.

مثل معظم النّاس، أصبحت في الآونة الأخيرة مفتونًا بطريقة حياة الطّبقات الحاكمة لدى شعب ويستروس، حيث تتنازع جميع الشّخصيّات الرّائعة معظم الوقت على الحكم.

إنّ مسلسل صراع العروش ممتعٌ جدًّا، ولكن إيّاك أن تتعلّق بأيٍّ من الشّخصيّات، لأنّ الحياة في عالمهم متغيّرة للغاية، ومختلفة عمّا هي في عالمنا.

تقضي دينيريس تارغيريان، وهي إحدى الحكّام الطّموحين وأم التّنانين التي تقضي معظم الوقت مع تنانينها، سواءً لإطعامها أو امتطائها أثناء الطّيران.

كمهندس طيران، أذهلتني هذه المخلوقات الأسطوريّة وجعلتني أفكّر في الأسباب التي ساهمت في مساعدتها على الطّيران، ووجدتُ أنّه لابدّ أن يكون عالمها مختلفًا بعض الشّيء عن العالم الموجود على كوكب الأرض حاليًّا.

بالمقارنة مع دينيريس التي يبدو أنّ طولها يبلغ حوالي 1.6 متر (5 أقدام و3 بوصات)، وكتلتها حوالي 60 كغ (132 رطلًا)، فإنّ طول جسم التّنين يبلغ حوالي أربعة أضعاف طولها، وعمقه حوالي خمسة أضعاف، وعرضه حوالي الضعف، مع ذيل بنفس طول جسم التّنين وبسمك جسمها تقريبًا.

بافتراض أنّ كثافة التّنين والمرأة متساوية تقريبًا، فإنّ كتلة التّنين مكتمل النّموّ يجب أن تكون حوالي 44 ضعف كتلة دينيريس، أيّ حوالي 2600 كغ (5700 رطل).

تبعًا لحركة الأشخاص في ويستروس والتي تبدو مشابهة لحركتنا على كوكب الأرض، لنفترض أنّ الجاذبيّة نفسها، وبالتّالي فإنّ وزن التّنين يساوي 26000 نيوتن وهو ما يُدعى Wالنّاتج عن ضرب سرعة الجاذبيّة الأرضيّة (التي تبلغ 10 أمتار في الثّانية) بكتلة الجسم.

إذا أردنا أن نفهم الدّيناميكا الهوائيّة للتّنانين الطّائرة، سوف نحتاج إلى معلومتين إضافيّتين:

1-مساحة الجناح: إذ يبدو أنّ طول كلّ جناح يبلغ ضعف طول جسم التّنين تقريبًا، فإذا اعتبرنا أنّ الجناحين على شكل مستطيلين طول كلّ منهما 8 أمتار والعرض 4 أمتار (26 قدم و13 قدم على التّوالي)، وبالتّالي فإنّ مساحة كلّ جناح 32 متر مربّع، ومساحة الجناحين معًا 64 متر مربع (340 قدمًا)، والذي سنسمّيه S.

2-سرعة المماطلة (أبطأ سرعة يمكن أن يطير بها التّنين بأمان قبل هبوطه من السّماء): من المنطقيّ أنّ التّنانين تقلع وتهبط بنفس سرعة توقّفها تقريبًا، كما تفعل الطّائرات والطّيور تمامًا.

واستنادًا إلى المعطيات، يبدو أنّ طول جسم التّنين الذي يبلغ حوالي 13 مترًا يستغرق 3 ثوانٍ تقريبًا للعبور، وبالتّالي فإنّ سرعة المماطلة حوالي 4.3 م/ث (14 قدمًا/الثّانية).

ديناميكا التّنين الهوائيّة

كمهندس، ألجأ عادةً إلى الرّياضيّات لحلّ أي مشكلة تواجهني، وفي هذه الحالة استخدمت معادلة الرّفع القياسيّة، والتي أعدت ترتيبها كما يلي:

إذا استخدمنا كثافة الهواء على الأرض القياسيّة على مستوى سطح البحر إذ أنّ ρ=1.2 (كغ/ متر مكعب)، فإنّ هذا يعطي معامل رفع يساوي 36. وهو أمر غير واقعيّ تمامًا.

على سبيل المقارنة، طائرة روجالو ذات الأجنحة الصّغيرة المجنّحة، وهي طائرة صغيرة ذات مقعد واحد أو مقعدين تتألّف من هيكل خفيف ومحرّك صغير معلّق أسفل جناح من القماش على غرار الطّائرة الشّراعيّة المعلّقة-سيكون معامل الرفع فيها بين 2.2 و2.7.

لا شكّ أنّ التّطوّر أنتج جناح التّنين ليكون بكفاءة عالية، ولكن وجب عليّ وضع بعض الافتراضات في هذه الحالة، لذا اخترت أقصى معامل رفع أو (CL. max) يبلغ 3.5.

بغضّ النّظر عن احتماليّة وجود السّحر، فإنّ هذا الأمر يعني أنّ الغلاف الجويّ لويستروس يجب أن يكون أكثر كثافة بكثير من غلافنا الجويّ.

وباستخدام نفس المعطيات يمكننا حساب كثافة هذا الغلاف، والذي سيكون 12 كغ/متر مكعّب، أو حوالي 10 أضعاف معدّل الكثافة الطّبيعيّة للأرض (أيّ تقريبًا سيكون 10 بار) والذي يبدو معدّل مرتفع بشكلٍ مخيف، ولكن في الواقع إنّه ليس بهذا السّوء، ويساوي تقريبًا ما يواجهه الغوّاص على عمق 100 متر، أيّ يمكن النّجاة منه.

كما أنّ هناك أدلّة تجريبيّة تدعم هذه النّتائج، إذ أنّه في بعض حلقات مسلسل “صراع العروش” يمكن لأيّ شخص تقريبًا التقاط رمح أو سيف ثمّ رميه لمسافات يحسده عليها رامي الرّمح الأولمبيّ.

وبالعودة إلى أنّ الجاذبيّة تبدو مشابهة لجاذبيّتنا تقريبًا، فإن هذا يشير إلى أنّ الأسلحة الملقاة تولّد قوّة رفع أكبر بكثير من تلك الموجودة على الأرض، وذلك يتوافق مع الغلاف الجويّ ذي الكثافة العالية.

يوجد شيء ما بالهواء

هل تساءلت ما هو مزيج الغازات في هذا الغلاف الجويّ؟

يتكوّن الغلاف الجويّ للأرض من 21% أكسجين، و78% نيتروجين، و1% غازات أخرى مختلفة. إنّ نسبة 21% من الأكسجين لا بأس بها -إنّها النّسبة الطّبيعيّة التي نتنفّس فيها في الوقت الحالي-، ولكن إذا وصل تركيز الأكسجين إلى 30% سوف يكون كلّ شيء قابل للاشتعال (وإذا زاد عن ذلك سيبدأ بالوصول إلى مرحلة الانفجار).

ويبدو هذا الأمر محتملًا في ويستروس، إذ يتّضح أنّ أيّ شخص يقترب من أنفاس التّنين ستشتعل فيه النّيران، بالإضافة إلى أنّ معظم السّكّان المحليّين يرتابون من إشعال النّيران في أيّ مكان إلا داخل القلعة الحجريّة.

من المحتمل أن يكون هواء ويستروس عالي الكثافة يحتوي على 30% من الأكسجين فقط.

وماذا عن بقيّة الغازات؟

سأجازف بتخمين مدروس مفاده أنّه قد لا يوجد النّيتروجين الذي اعتدنا عليه على الأرض، وإنّما بدلًا منه غاز “الأرغون” (وهو غاز خامل وثاني غاز أكثر شيوعًا على الأرض بعد النّيتروجين).

الأرغون أكثر كثافة من النّيتروجين بنسبة 42% وسيسمح بجوّ أعلى كثافة عند ضغط أقلّ بقليل من 10 بار.

يوجد قانونان متعلّقان بالغازات يمكن استخدامهما لمعرفة سلوك مزيج من الهواء يحتوي على الأرغون والأكسجين، وهما:

1-قانون تشارلز: لجمع المكوّنات.

2-قانون بويل: لتوضيح ما يحدث عند زيادة الضّغط.

وبتطبيق القانونين السّابقين يمكن التّوضيح أنّه عند ضغط حوالي 7 atm، فإنّ الغلاف الجويّ الذي يحتوي على 70% أرغون، و30% أكسجين تكون كثافة الهواء فيه 12 كغ/متر مكعّب، وبالتّالي يمكن للتّنانين أن تطير.

وبطريقة أبسط: يمكن أن يكون لدينا غلاف جويّ أكثر كثافة إذا كان الهواء أثقل، وذلك عن طريق استبدال النّيتروجين الخامل الموجود على الأرض بالأرغون الأثقل (أو بشكلٍ أدق “الأكثف” ).

هذا المزيج من الأرغون والأكسجين (الأرغوكس) تحت ضغطٍ عالٍ، سيكون مخدِّرًا إلى حدٍّ ما عند استنشاقه. ولعلّ هذا يفسّر جزئيًّا السّلوك غير العقلانيّ والعدوانيّ الذي يظهر بين العديد من مواطني ويستروس.

وبذلك فإن بعض أساسيّات الفيزياء والدّيناميكا الهوائيّة بالإضافة إلى القليل من المعرفة العلميّة بعلم وظائف الأعضاء البشريّة يمكن أن تخبرك الكثير عن ويستروس، حيث تطير التّنانين، والنّار تكون مرعبة، والسّلوك غير العقلانيّ للنّاس يعود لما يتنفّسونه وليس لما يشربونه.

  • ترجمة: روان نيوف
  • تدقيق علمي ولغوي: ريمة جبارة
  • المصادر: 1