كيف تتحدث مع شخص مصاب بالخرف؟
يُعدّ التواصل مع شخص مصاب بالخرف تحدّيًا، سواء كنت تعمل مع مرضى الخرف، أم كنت تعتني بمن تحب. وتشارك الدراسات كيفية التحدث إلى مصاب بالخرف.
يفقد معظم المرضى في المراحل المتقدمة من الخرف القدرة على الكلام، أو إدراك اللغة. وقد وجدت الأبحاث أن معظم مرضى الخرف غير القادرين على الكلام لا يتلقون رعاية في المستوى المطلوب، لأن مقدمي هذه الرعاية لايعرفون كيفية التواصل معهم. فعلى سبيل المثال قد يرفض المرضى غير المتكلمين تناول الوجبات لأنهم لايدركون ماهية الطعام، وربما يصبح المريض في وقت الاستحمام لأنه لا يفهم ما الذي يحدث. ومع الوقت يؤدي تخطي الوجبات إلى سوء التغذية، ويسبب الامتناع عن الاستحمام تدنّي النظافة الشخصية.
لقد ازداد تركيز الأبحاث في السنوات الأخيرة على كيفية التواصل مع المصاب بالخرف، وقد تكون نتائج هذه الأبحاث مفيدة لمن يعمل مع المصابين بالخرف في العيادات سريريًا، أو لمن يرعى مصابًا يحبه في المنزل.
كيف تحدث مصابًا بالخرف
يوجد حول العالم أكثر من 50 مليون شخص يعيشون مع الخرف، هذا المرض العصبي المتدرج. وللخرف أكثر من 100 نمط، أكثرها شيوعًا ألزهايمر، تؤثر في الذاكرة ووظائف الجسم.
قد ينسى مريض الخرف بعض الكلمات في المراحل المبكرة منه، ومع تقدم المرض يفقد القدرة على بناء جُمَل معقدة، ويجد صعوبة أيضًا في تذكُّر ما قيل.
أما المرضى في المراحل المتقدمة فهم غير قادرين على فهم أجزاء من الكلام كالاستعارات والمصطلحات، فجملة مثل (يخترق سهم عينيك قلبي)، تسبب لهم الإرباك.
كما يفقد التواصل غير اللفظي معانيه أيضًا، فالمريض لايعود قادرًا على فهم معنى هز الكتف (إشارة إلى اللامبالاة)، أو رفع الإبهام (للموافقة).
أفاد أعضاء مجموعة دراسة تضم 22 من مقدمي الرعاية الذين يعتنون بأفراد من عائلاتهم يعانون الخرف، أن التواصل اليومي معهم كان تحديًا بالغ الصعوبة، وقد قدّم ثمانون بالمئة ممن يعتنون بأحباء لهم مصابين بخرف خفيف إلى متوسط، الإفادة نفسها.
التواصل مع مريض الخرف
مع أن مقدمي الرعاية يفيدون أن التواصل معاناة كبيرة، إلا أن الأبحاث تجاهلت طويلًا هذا الموضوع، فعلى سبيل المثال، ركزت إحدى المراجعات لدراسةٍ عام 2017 على تواصل فريق التمريض مع مرضى الخرف. وقد وجد فريق البحث فقط ستة مقالات تتناسب مع معايير بحثهم.
إن الأبحاث تتزايد، ففي مراجعة لدراسة نشرت عام 2021 في المجلة الدولية لأبحاث التمريض، وجدت 31 مقالًا مؤهلًا، لقد ازداد إدراك الباحثين لتأثير الخرف على التواصل، وكيف يستطيع مقدمو الرعاية إيصال رسائلهم بمعانيها.
تجنب طريقة الكلام المحبب
يُنصح من يعتني بمرضى الخرف أولًا بتجنب استخدام الكلام المحبب، فالناس عندما يستخدمون هذه الطريقة يرفقونها بنغمة عالية وغنائية، كما لوأنهم يكلمون طفلً صغيرًا، فكلمات مثل (حبيبي، أو ياحلو) غالبًا ما تكون مستخدمة. لكن الكلام المحبب قد يقلل من تقدير الذات عند المرضى، خاصة إذا أدركوا أنهم يُعامَلون كالصغار، وهذا يسبب مقاومتهم أكثر للمهمة المطلوبة كالاستحمام أو ارتداء الملابس.
وبدلًا من استخدام الكلام المحبب، تقترح الدراسات الكلام بصوت لطيف وواثق مع مراعاة السرعة، ويجب على من يعتني بالمريض أن يسأل أسئلة بسيطة تنحصر الإجابة عنها في (نعم، لا)، وربما يمنح تكرار جمل مثل (سنلبسك قميصك الآن) المريض الطمأنينة.
تجنب التواصل نزولًا
على مقدم الرعاية ألا يقف على نحو يجعله ينظر نزولًا إلى المريض، فالوقوف أعلى من المريض قد يُفَسّر بدونية التواصل، ما يعطي المريض شعورًا أن مقدم الرعاية في موقع المسؤولية ويتحدث إليه بدونية، وقد يرفض بعض المرضى عن الاستجابة.
قد يتمكن المصابون بدرجة خفيفة أو متوسطة من الخرف، من مناقشة واتباع توجيهات ذات خطوات متعددة، أو يتمكنون من الاختيار إذا قدمت لهم خيارات متعددة. وهنا يُنصَح مقدمو الرعاية أن يتفاعلوا بالراحة والهدوء مع فترات الصمت التي تفصل بين السؤال والجواب.
إزالة المشتتات
ينال مرضى الخرف من مستويات متفاوتة فائدة أكبر إذا خلت بيئتهم من المشتتات. فعلى مقدم الرعاية إطفاء التلفاز والراديو، وإغلاق أبواب الردهات، والحد من كمية المعلومات التي يحاول المريض التعامل معها. فالمريض الذي مازال يتفاعل لفظيًا يحتاج وقتًا ليعالج ما قيل قبل إبداء الاستجابة، فمن الصعب عليه الاستماع والاستجابة، وتحدّ كهذا قد يسبب الإحباط.
التعامل مع تصرفات المصابين والتواصل معهم
قد يبدو مريض الخرف غير القادر على التواصل ثائرًا وغاضبًا. كما أن الصراخ ورفض الاستحمام أو دفع طبق الطعام بعيدًا، جزء مما تسميه الأبحاث التواصل السلوكي.
قد يبدو التواصل السلوكي فظًا أحيانًا، لكن الدراسات حثت مقدمي الرعاية أن يركزا على الرسائل المبطنة، فعلى سبيل المثال، إذا خلعت مريضة بالخرف قميصها فجأة في جلسة علاج فيزيائي، فعلى المعالج أن يفهم أنها تشعر بالحر الشديد. هي غير قادرة على التعبير عن شعورها بالحر لفظيًا، لهذا تتخلص مما يسبب لها الإزعاج.
قد يشعر مقدمو الرعاية بالإحباط أيضًا بسبب عدم قدرة المريض على التواصل، فصراخ المريض عند محاولة تثبيت أزرار قميصه قد تجعل الشخص يترك هذه المهمة.
لقد وضعت الأبحاث في اعتبارها القصور في فهم التواصل السلوكي. قد يواجه المرضى الذين يعتمدون التواصل السلوكي خطر تدني مستوى الرعاية على نحو أكبر من غيرهم، ما دفع العلماء إلى الدعوة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لزيادة الوعي.
- ترجمة: فريال حنا
- تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
- المصادر: 1