يقول باحثون من غوغل أنهم قاموا بعملية محاكاة لظهور الحياة

الحياة تجد طريقًا، وعلى ما يبدو فسلسلةٍ من التعليمات البرمجية البسيطة ستجد طريقها أيضًا.

يقول باحثون من غوغل أنهم شهدوا ظهور أشكال حياة رقمية مكررة ذاتيًا في تجربةٍ علمية صوَّرت محاكاة لما سوف يحدث إذا تركت مجموعة من البيانات العشوائية لمفردها لملايين من الأجيال المتلاحقة.

يمكن أن تعكس نتائجهم التي توصلوا إليها ظهور الحياة الحيوية الفعلية أو على الأقل تلقي الضوء عليها، وقد نشرت نتائجهم هذه كدراسة لم تُراجَع بعد من قِبَل الأقران.

قالت سوزان ستيبني من جامعة يورك في المملكة المتحدة والتي لم تشارك في الدراسة ل New Scientist: «إن التمكن من تطوير برامج ذاتية التكرار من نقاط بداية عشوائية يعد إنجازًا كبيرًا» وتُضيف «هذه قطعًا خطوة كبيرة نحو فهم الطرق المحتملة لأصل الحياة هنا في وسط بعيد تمامًا عن “الواجهات العصبية الحيوية” (مصطلح يشير إلى الأنظمة الحيوية التي تعمل بشكلٍ مشابه للأجهزة والبرمجيات. ) المعيارية لعلم الأحياء».

على الأرجحِ بدأت الحياة على الأرض في “حساء بدائي” (مصطلح يشير إلى مزيج من الجزيئات العضوية في محيطات الأرض يعتقد أنها أدّت لنشوء الحياة في وقتٍ مبكر من عمر الأرض. ) إذ أدّى في النهاية خليط عشوائي من الماء والمركبات العضوية إلى تخمير الكائنات الحية الأولى وهذا حصل على مدى مليارات السنين عَبرَ تفاعلات صغيرة لا حصر لها، لكن كيف كانت تبدوا تلك العملية بالضبط فهذا لا يزال أمر غير واضح. كيفية توليد الفوضى للنظام فكرة شائكة وصعبة الفهم.

«لا أعتقد أن شيئًا سحريًا قد حدث». هذا ما قاله بن لوري ل New Scientist المؤلف المشارك في الدراسة وهو مهندس برمجيات في شركة غوغل. وأضاف: «العمليات الفيزيائية استمرت فترة زمنية طويلة جدًا وقد أدّت لظهورِ بعض الأشياء المعقدة جدًا».

محاكاة لوري وفريقه عبارة عن حساء بدائي رقمي من نوع ما، حيث لم تكن فيها أي قواعد مفروضة ولم تُزوَّد بأي دافع للبيانات العشوائية فيها. فقد استخدموا لغة برمجة غير تقليدية تدعى Brainfuck لإبقاء الأمور بسيطة بقدرِ المستطاع والتي -على حدِ تعبير الباحثين- معروفة بتبسيطيتها المبهمة التي تسمح فقط بعمليتين رياضيتين وهما إضافة واحد أو طرح واحد.

وخلاصة الأمر أنهم قاموا بتعديل هذه اللغة؛ للسماحِ فقط للبيانات العشوائية التي تمثل الجزيئات أن تتفاعل مع بعضها البعض، إذ أنها تركت لتنفيذ التعليمات البرمجية والكتابة فوق نفسها وجيرانها بناءً على تعليماتها الخاصة.

على الرغمِ من هذه الظروف الصارمة استطاعت البرامج ذاتية التكرار أن تتشكل.

قال لوري ل New Scientist إنه يعتقد أن النتائج تظهر أن هناك “آليات متأصلة” تسمح بتكوين الحياة، إلّا أن التكرار الذاتي ليس حياة. فوفقًا للخبراء يجب أن نرى زيادة في تعقيد الكائنات الحية.

وقال ريتشارد واتسون من جامعة ساوثامبتون في المملكة المتحدة ل New Scientist وهو ليس من المشاركين في الدراسة: «التعقيد كما يقيسونه يرتفع بعد بداية المكرر الذاتي ولكن ليس من الواضح أنه “ينطلق” بطريقةٍ مثيرة للإهتمام».

ويضيف: «التكرار الذاتي مهم ولكن من الخطأ الاعتقاد بأنه الحل السحري من حيث أن كل شيء آخر مثير في الحياة يرافق تلقائيًا».

قد يتكون بعض ذلك بسبب القيود العملية إذ يعتقد لوري أنه لو أعطي قوة حوسبة كافية فقد كانوا بالفعل سيدفعون بمليارات الخطوات في الثانية على حاسوب محمول ولرأينا برامج أكثر تعقيدًا تظهر وإذا أعطيناها فرصة أخرى مع أجهزة أقوى فقد كنا سنرى شيئًا أكثر واقعية وتشابهًا للحياة موجودًا.

  • ترجمة: عبد الرحمن موسى
  • تدقيق لغوي: فاطمة قائد
  • المصادر: 1