كيف بإمكاننا أن نجعل المزروعات أكثر تنوعاُ؟

يمكنك شراء 10% فقط من بذور النباتات الأصلية، الأمر الذي يعدّ مشكلة كبيرة لإصلاح الطبيعة!

أكثر من 52 مليون هكتار من معظم أراضي أستراليا متدهورة، وينقصها التنوع البيئي والتوازن الطبيعي للنظام البيئي مما يجعلها غير ملائمة للحياة البرية والزراعة، وهذا يعني أننا نخسر فوائد النظم البيئية السليمة التي تمنحها للطبيعة والناس.

لتلافي هذا التهديد، أنجزت أستراليا في عام 2022 إطار عمل لتنوع بيئي شاملٍ، إذ تعهدت بتأمين 30% من النظم البيئية المتدهورة لاستعادتها فعليًا بحلول عام 2030. بما يقارب 15,6 مليون هكتار من هذه البلاد.

لبدء استعادة النظام البيئي، زرعت الحكومة ومدراء البيئة ومالكي الأراضي مزيجًا متنوعًا من الفصيلة الأصلية على الأراضي المتدهورة، إذ يشكل التنوع العنصر الأهم. فزراعة نباتات متنوعة وشاملة يجعل من الأنظمة البيئية أكثر استقرارًا للقاعدة الصحية البيئية والحياة البرية.

لكن النباتات المتنوعة بيولوجيًا تتطلب خصائص كبيرة من بذور أصلية متنوعة تتراوح كمياتها من 600 إلى 20000 بذرة لكل متر مربع.

تكمن المشكلة بعدم توفر كمية بذور كافية من النباتات الأصلية المستوطنة، وهذه الفصلية موجودة فقط في نطاق محدود.

يظهر بحثنا الجديد أن كلّاً من النوعية والكمية من البذور الأصلية الموجودة للإصلاح تكون محدودة في أنحاء البلاد، ويوجد 10% من الفصيلة الأصلية جاهزة للبيع كبذور.

ومن الواضح أن مضاعفة مشكلة العرض والطلب هذه على النطاق المطلوب لتلبية أهداف أستراليا الطموحة لإصلاح الطبيعة، ونقص البذور أمر بالغ الأهمية.

يحدد بحثنا الثغرات في سلسلة توريد البذور، وطورنا طريقة جديدة لتحسين التنوع البيئي للمزروعات من كمية التوريد المحدودة، ونقترح أيضًا طرقًا لتقوية سلسلة توريد البذور.

كيف ندعم الحاجة الماسة للتنوع؟

يطرح بحثنا سؤالين ملحين:

1. هل يعكس الإمداد الحالي للبذور المعدة للإصلاح البيئي في أستراليا تنوعًا في الأنظمة البيئية حيث الإصلاح الطبيعي مطلوب؟

2. إن استخدام البذور متاح بسهولة، فهل يمكننا أن ننجز التنوع النباتي الذي يدعم نظامًا بيئيًّا مرنًا؟

بدأنا بجرد البذور من 32 مورد تجاري في أستراليا، استخلصنا النسبة المئوية للفصيلة التي يمكن أن تُشترى كبذور من ستة أصناف شاملة للغطاء النباتي مثل الأوكاليب والغابات المطيرة، ثم قارنّا تنوع الفصيلة الموجود كبذور مع تنوع الفصيلة الشامل من كل صنف نباتي.

باستخدام هذه المعلومات، طورنا إطار عمل للتمييز بين الأصناف المختلفة من الفصيلة النباتية (تنوعها الوظيفي) المستخدم في خلطات البذور، آخذين بعين الاعتبار معوقات التوريد. يصب هذا الهدف في إنجاز خليط متنوع من الفصيلة بخصائص نباتية مختلفة، مثل الارتفاع، البذور، أو نوعية الورقة من إمدادات البذور المتاحة.

🔺 يفتقر إمداد البذور إلى “مخلوقات صغيرة”

إن ما يمكن شراؤه من البذور يشكل نسبة 10% فقط من فصيلة النبات الأسترالي أو 2992 فصيلًا. يستطيع المتعاقدون أو المتطوعون تجميع البذور من أكثر فصيلة حراجية من أجل مشاريع الاستصلاح إذا كان لديهم رخصة تخولهم القيام بذلك. نسبة 10% التي وجدناها للشراء الفوري تحدد العجز الخطير في تنوع إمدادنا الوطني.

عندما تكون البذور موجودة غالبًا ما تكون للأشجار والشجيرات، بينما تكون بذور أنواع الفصائل السفلية المهمة غير متوفرة.

تشكل هذه المخلوقات الصغيرة بشكل رئيسي الأعشاب والنباتات، وهي مصدرٌ لتنوع الغطاء النباتي في الأنظمة البيئية المتدهورة كالغابات العشبية والخشبية.

ونظرنا أيضًا في تغييرات كتلة الرصيد للموردين الأفراد. إذ أضاف الموردون فصائل أكثر إلى قائمة متطلباتهم، بدأ التنوع في ازدياد الطلب على الأشجار والأعشاب. ويشمل ذلك النباتات الخشبية مثل ألاكاسيا والإيكولوبيا.

إن ازدياد بذور الفصيلة الخشبية خفف بشكل مؤثر توزيع التنوع لفصيلة الأعشاب والحشائش مثل عشب الكنغر، ورد الفلانيل وزنبق الكتان مما عوضّ فقد فصائل الطبقة السفلى.

أدت الزيادة في بذور الأنواع الخشبية إلى “تخفيف” المساهمة في تنوع أنواع الأعشاب والنباتات الطبية، مثل عشب الكنغر، وزهرة الفانيلا، وزنبق الكتان، التي تشكل الطبقة السفلى، ويصبح مزيج البذور الإجمالي أقل تمثيلًا لتوازن الأنواع في الغطاء النباتي المحلي.

يعكس هذا التحول المحتمل طلباً متزايدًا على بذور الأشجار والشجيرات. وتكون الفصيلة الخشبية مفضلةً من أجل المشاريع التي تعتمد على إعادة التحريج وزراعة الكربون.

كيف نطور إمداد البذور؟

أظهرنا أن التخطيط الدقيق يمكن أن يجعل المزروعات متنوعة باستخدام مخزون البذور المتاح. ومع ذلك لا يزال الأمر مقلقًا لأن 90% من بذور النباتات الأصلية مفقودة.

ومن بين ال 10% المتاحة، فإن الكميات الموجودة في المخزون لا تكفي لاستعادة مساحات واسعة من الغطاء النباتي المتنوع.

ولهذه النتيجة آثار خطيرة على النظم البيئية حيث يوجد معظم التنوع في الطبقات السفلى.

ومن الأمثلة على ذلك غابات سهل كامبرلاند المهددة بالانقراض في غرب سيدني، ففي هذا النظام البيئي، يتطلب الإصلاح تعويض آثار التنمية.

ومن أجل استعادة الغطاء النباتي الذي يوفّر موطناً جيّداً للأدغال الطبيعية التي نحبها، نحتاج إلى العمل على تحسين إمداد البذور الأصلية. وبالتالي تجدر الإشارة إلى الحاجة لسياسةٍ وتخطيطٍ أفضل لدعم قطاع البذور المحلية في أستراليا.

وبعد الخوض في معوقات إمدادات البذور، نوصي بطرق لتحسين الإمدادات من خلال تعزيز التعاون في كل مراحل سلسلة الإمداد. وهذا يشمل كلًّا من الممولين وهواة جمع البذر ومجددي الأدغال في جميع أنحاء البلاد.

نقترح زيادة الدعم المالي لتوسيع أنظمة إمداد البذور وبالأخص لصغار الموردين. وسيساعد توسيع مساحات إنتاج البذور، مثل: ‘بذور الفواكه’ في جميع أنحاء البلاد على توفير المزيد من البذور المتنوعة التي يصعب تخزينها في السوق. كما سيؤدي ذلك إلى تجنّب تعريض مجموعات النباتات البرّية لخطر الحصاد الجائر لأعداد النباتات البرية.

إن التوجيه الجيّد حول كيفية الاستفادة القصوى من مجموعة واسعة من أنواع النباتات المختلفة ذات السمات المتنوعة قد يساعد في تجنب بعض عواقب نقص إمدادات الذور. يمكن أن تحسن خيارات الإمدادات الحالية المحدودة في تحسين وابتكار خلطات بذور متنوعة للتجديد.

ولكن يتطلب ذلك الكثير من التخطيط، وقد يكون هذا الأمر خارج نطاق قدرة مالك الأض العادي الذي يشارك في إصلاح الطبيعة.

في نهاية المطاف، نحتاج إلى استثمارٍ أفضل لتحسين سلسلة إمداد البذور بطريقة أخلاقية ومستدامة بيئيًّا، وعندها فقط سيكون لدينا الأدوات اللازمة التي تمكّننا من استعادة الأنظمة البيئية المتدهورة.

  • ترجمة: ماهر حبيب أحمد
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1