
التعديل الوراثي يستعين بالحرارة لنمو البطاطا
عندما اجتاحت موجة حرٍّ شديدة ولايةَ إلينوي في يونيو/حزيران عام 2022، أملت عالمة فيزيولوجيا المحاصيل كاثرين ميتشام هينسولد، أن ينجو صنف البطاطا الجديد المُعدَّل حيويًا لفريقها، لكنها ذُهلت من مدى نجاحه. حيث أنتج النبات درنات حمراء كبيرة بنسبة 30 بالمئة مقارنة بنبات عادي غير معدَّل في الظروف نفسها، وذلك وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في مجلة Global Change Biology.
“هذه الدراسة جديرة بالملاحظة بشكل خاص لأنها تُبرز فوائد حقيقية في بيئةٍ حقليةٍ مع محصول أساسيٍّ”. يقول عالم الكيمياء الحيوية إدوارد سميث من جامعة أكسفورد، الذي لم يكن مشاركًا في البحث. “لا يوجد سبب يمنع من تطبيق هذه التقنية على المزيد من المحاصيل.
لتعديل البطاطا وراثيًا، ركَّزت ميتشام هينسولد وزملاؤها في جامعة إلينوي أوربانا شامبين على عمليةٍ غير مرغوب فيها تُحفِّزها الحرارة في معظم النباتات تُسمَّى التنفس الضوئيِّ، حيث ينحرف إنزيم التمثيل الضوئيّ الرئيسيّ المعروف باسم RuBisCO ويبدأ في إنتاج منتجٍ ثانويٍّ سامٍّ. تحتاج جزيئات RuBisCO إلى الارتباط بثاني أكسيد الكربون لإجراء عملية التمثيلِ الضوئيِّ، ولكن في حوالي ربع الوقت، تستحوذ على الأكسجين بدلاً من ذلك، وهذه العملية الخاطئة تحدث في كثير من الأحيان عند درجات الحرارة المرتفعة. يمكن لهذا القصور أن يقلِّل من غلة المحاصيل بنسبةٍ تصلُ إلى 50 بالمئة.
في البطاطا المُعدَّلة وراثيًا حديثًا، أنتج جينٌ مضافٌ إلى نواة الخلية النباتية بروتينًا انتقل إلى البلاستيدة الخضراء، العُضيَّة الخلوية المستخدمة في عملية التمثيل الضوئيِّ. هناك قام بتفكيك المنتج الثانويِّ السامِّ، لذلك لم تكن البلاستيدة الخضراء بحاجة إلى إرساله إلى عُضيَّات أخرى. هذه الطاقة الموفَّرة، تشبه الطريقة التي يوفر بها تناول الأطعمة المحلية طاقة نقلها عبر البلاد.
في موسم النموِّ للبطاطا المُعدَّلة وراثيًا في حقل التجارب في إلينوي عام 2022، شهدت المنطقة موجةَ حرٍّ شديدة استمرت أربعة أيام متتالية تجاوزت فيها درجات الحرارة 95 درجة فهرنهايتية. ومع ذلك، فإن التعديل الوراثي للبطاطا الجديدة، والذي يمكن نقله إلى الجيل التالي، أدى إلى زيادة المحصول بمقدار الثلث تقريبًا. تقول ميتشام هينسولد: “لقد صُدمنا حقًا”. وتضيف أنَّ عملية التمثيل الضوئيِّ تمثل هدفًا واعدًا للهندسة الزراعية، لأنها يمكن أن تساهم في زيادة إنتاجية المحاصيل دون الحاجة إلى استخدام أراضٍ إضافيةٍ وأسمدة. ويقول سميث إنَّ النتائج مثيرة، على الرغم من أنه يودُّ رؤية بياناتٍ من مواسم النموِّ المستقبلية.
ويمكن للتقنية الجديدة أنْ تساعد المحاصيل على التكيف مع تغير المناخ. والجدير بالذكر أنه في السابق استُخدمت استراتيجيات مماثلة في الأرز، لكنَّ هذه الدراسة هي الأولى التي تُظهر أنها لا تُسبِّب انخفاضًا في الجودة الغذائية للمحاصيل الغذائية، كما تقول ميتشام هينسولد: “قام الفريق بتجميد الدرنات وطحنها لقياس النشا والألياف والسكريات والبروتين والكالسيوم والبوتاسيوم والحديد والفيتامينات B6 وC”. بعد ذلك، يعمل الباحثون على فول الصويا واللوبياء. ويقول ميتشام هينسولد “إنَّ اللوبياء محصول مهم للغاية للأمن الغذائي في الدول الأفريقية”. وسيتم طرح صنف من فول الصويا ذي الإنتاجية العالية يحمل نفس التعديل الوراثيِّ في الحقول هذا العام.
- ترجمة: رجاء الغيثي
- تدقيق لغوي: سارة ابو جلبان
- المصادر: 1