
لماذا يجب ألا تتجاهل الشخير العالي عند الأطفال
يشير الشخير إلى انخفاض نسبة الأكسجين، ولكن يوجد العديد من العلاجات التي يمكنها استعادة تدفق الهواء الصحي.
هل تريد تفاصيل أكثر حول الأسباب والعلاجات الممكنة؟
ضجيج الشخير أو الصفير الناتج عن الشخير المنتظم يُعد من أكثر الأمور إزعاجًا بالنسبة لمن يشاركون الفراش مع شخص يشخر. غالبًا ما يُنظر إلى الرجال في منتصف العمر والأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن كمسببين رئيسيين لهذه المشكلة، إذ إنهم الأكثر عرضة لانقطاع النفس أثناء النوم، والذي غالبًا ما يحدث بسبب انهيار مؤقت في مجرى الهواء يؤدي إلى شخير شديد. لكن الدراسات الحديثة على الأطفال والنساء الحوامل كشفت أن حتى الشخير الخفيف قد يؤثر سلبًا على الصحة والسلوك وجودة الحياة.
تقول الدكتورة سوزان ريدلاين، اختصاصية أمراض الرئة وعالمة الأوبئة في مستشفى بريغهام والنساء في بوسطن:
«نعلم أنه قد يكون لاضطرابات التنفس واضطرابات النوم تأثيرات فسيولوجية عديدة. وعدد الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات التنفس في أثناء النوم أكبر مقارنةً بمن لديهم انقطاعات نفس واضحة. لا ينبغي أن نغفل عن هؤلاء».
الشخير العرضي أمر شائع، إذ يمكن أن تسببه الحساسية أو التهابات الجهاز التنفسي. يحدث الشخير عندما يضيق مجرى الهواء العلوي في مؤخرة الحلق، مما يؤدي إلى اهتزاز الأنسجة هناك وإصدار الصوت المألوف. ويبدأ الأطباء بالقلق عندما يكون الشخير متكررًا ثلاث ليالٍ أو أكثر في الأسبوع، خاصةً إذا صاحبه علامات أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم غير المبرر.
تشمل فئة اضطرابات التنفس في أثناء النوم:
1 انقطاع النفس (توقف كامل للتنفس)
2 نقص التهوية (تنفس ضحل)
3 الشخير دون وجود انقطاعات
4 مشكلة أكثر دقة تُسمى «تحديد تدفق الهواء» إذ يضيق شكل مجرى الهواء دون إصدار صوت.
المعيار الأساسي لقياس الشدة هو«مؤشر انقطاع النفس-نقص التهوية AHI»، الذي يحسب عدد مرات توقف التنفس في الساعة والانخفاضات المرتبطة في مستويات الأكسجين. المعدل الطبيعي لدى البالغين أقل من خمس مرات في الساعة، وأكثر من 30 يُعتبر شديدًا. أما لدى الأطفال، فإن 10 مرات قد يُعتبر متوسط الشدة.
لكن في الأطفال، أظهرت الدراسات أن مؤشر انقطاع النفس-نقص التهوية AHI، ليس دائمًا أفضل مؤشر للآثار السلبية المحتملة. ففي تجربة سريرية نُشرت عام 2023، تمت متابعة 458 طفلًا تتراوح أعمارهم بين ( 3 و12 ) عامًا ويعانون من اضطرابات تنفس خفيفة في أثناء النوم، ومؤشر انقطاع النفس-نقص التهوية AHI بين ( 0 و 3 ).
تلقى نصفهم علاجًا مبكرًا باستئصال اللوزتين، بينما جرت متابعة النصف الآخر بالمراقبة فقط. بعد 12 شهرًا، لم تظهر فروق معرفية بين المجموعتين، لكن الأطفال الذين خضعوا للجراحة شهدوا تحسنًا في السلوكيات مثل الانتباه، والتواصل الاجتماعي، والتنظيم العاطفي. كما أبلغ آباؤهم عن قلة النعاس وتحسن جودة الحياة، وانخفض ضغط الدم لديهم مقارنةً بارتفاعه في مجموعة المراقبة، مع أنه لم يصل لمستوى ارتفاع الضغط.
يقول الدكتور إغناسيو تابيا، اختصاصي أمراض الرئة للأطفال بجامعة ميامي: «جمال هذه الدراسة أنها استقطبت أطفالًا لم يكونوا ليُعالجوا عادةً بسبب حالتهم الخفيفة، ومع ذلك استفادوا من العلاج المبكر، وهذا يفتح آفاقًا جديدة».
وفي دراستين حديثتين شملتا بيانات نحو 12 ألف طفل، وجد الدكتور أمل ايسايا وزملاؤه أن الشخير المزمن ارتبط بمشكلات سلوكية مثل صعوبة اتباع القواعد أو تكوين الصداقات، دون أن تظهر مشكلات معرفية واضحة. لكنهم رصدوا فقدانًا في الخلايا بقشرة الفص الجبهي، وهي منطقة مسؤولة عن التحكم السلوكي، ويُعتقد أنها حساسة لنقص الأكسجين خلال التطور الطفولي.
أما بالنسبة للحمل، فقد أظهرت دراسة عام 2022 شملت نحو 2000 امرأة حامل أن من لديهن مؤشر انقطاع النفس-نقص التهوية AHI أعلى من 5، كنّ أكثر عرضة بثلاثة أضعاف للإصابة بارتفاع ضغط الدم، وبمرتين لمتلازمة الأيض. وفي دراسة عام 2024، ارتبط «تحديد تدفق الهواء» في أثناء الحمل بزيادة خطر الإصابة بمقدمات الارتعاج ومضاعفات أخرى.
تشتبه الدكتورة ريدلاين في أن اضطرابات التنفس أثناء النوم، حتى دون وجود انقطاع نفس، تزيد من عبء العمل على الجسم وتنشط الجهاز العصبي الذي يتحكم في أعضاء مثل القلب والرئتين.
لذلك، تشير اختصاصية النوم الدكتورة أرييل ويليامسون إلى أهمية الانتباه ليس فقط للشخير، بل أيضًا لمدة النوم وتغيراته، إذ ترتبط هذه العوامل بالسلوك العاطفي والمعرفي لدى الأطفال، وبمشكلات معرفية لدى البالغين.
لحسن الحظ، توجد علاجات للأطفال والبالغين. ففي الأطفال، كما أوضحت الدراسات، يمكن لاستئصال اللوزتين أن يفيد حتى من يعانون من شخير خفيف. أما البالغون وبعض الأطفال، فيبقى جهاز ضغط الهواء الإيجابي المستمر (CPAP) الخيار الأول لانقطاع النفس، ويمكن أن يساعد الشخير المزمن أيضًا. البعض لا يتحملون ارتداء الجهاز، وهؤلاء قد يستفيدون من تحفيز العصب تحت اللسان بجهاز مزروع، أو من أجهزة الفم مثل جهاز تقدم الفك السفلي الذي يبقي مجرى الهواء مفتوحًا دون جراحة أو بجهاز ضغط الهواء الإيجابي المستمر وقد يساعد النوم على الجانب بتقليل الشخير.
فقدان الوزن وزيادة النشاط البدني يُحسنان جودة النوم في جميع الأعمار. كما أن اتباع نظام غذائي مضاد للالتهابات، مثل ذلك الغني بأحماض أوميغا-3 الدهنية، قد يساعد في تقليل الشخير.
هذه مقالة رأي وتحليل، والآراء التي يعبر عنها المؤلف أو.
المؤلفون ليست بالضرورة آراء مجلة Scientific American.
- ترجمة: د. محمد إقدام الشديدي
- تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
- المصادر: 1