هل فكرت يومًا بزيارة ثقبٍ أسود؟! ماذا يمكن أن ترى داخله؟
ما مقدار ما تعرفه عن الثقوب السوداء؟ ماذا سيحدث إذا وقعت في واحدة؟ لنفترض يوماً أنك كنت تستكشف الفضاء بحثاً عن كوكب جديد يسكنه البشر، لكنك صادفت ثقباً أسود وقررت: لماذا لا نتحقق منه؟! هل ستكون لديك أية فرصة للبقاء على قيد الحياة ؟ كيف ستخرج؟ هل تجد اختصاراً لكون آخر؟ على الرغم من كونه “أسود” وكونه “ثقباً”، فإن الثقب الأسود ليس فضاء فارغاً ومظلماً .
في نظريته النسبية؛ تنبأ أينشتاين بكيفية تشكل الثقوب السوداء: عندما يموت نجم ضخم، فإنه يترك وراءه نواة أصغر، إذا كانت كتلة اللب أكبر بثلاث مرات على الأقل من كتلة شمسنا، فإن الجاذبية تغلب على جميع القوى الأخرى وتحول اللب إلى ثقب أسود .
لكن لا تدع اسمه يخدعك، فالثقب الأسود ليس ثقباً على الإطلاق، بل كمية هائلة من المادة معبأة في مساحة صغيرة جداً.
فكر بالشمس بمجال جاذبيتها الأقوى 28 مرة من مجال جاذبية الأرض؛ إذا كنت ستمشي على الشمس، فستكون أثقل 28 مرة مما أنت عليه على الأرض.
تخيل الآن أن تضغط أربعة شموس في شيء يبلغ قطره 15 ميلاً (24 كم) فقط -وهي المسافة التي يمكنك قطعها في 30 دقيقة بالسيارة… كيف ستكون الجاذبية هناك؟ جاذبية الثقب الأسود قوية جدًا لدرجة أنه حتى الضوء لا يستطيع الخروج، لهذا السبب لن ترى واحدًا أبداً… لكن يمكنك اكتشافه من خلال رشقات أشعة جاما التي يصدرها الثقب.
هذه الانفجارات، التي اكتشفها ستيفن هوكينج، تحمل الآن اسمه : “إشعاع هوكينغ”.
يعتقد ستيفن هوكينج نفسه أن الثقوب السوداء يمكن أن تكون ممرات لكون آخر.
لذا فإذا كنت ستقع في أحدها، فهل ستجد نفسك في بُعد بديل؟
لكل ثقب أسود “أفق حدث”: النقطة التي يصبح عندها سَحْب الجاذبية قوياً جداً بحيث لا يمكنك الهروب منه.
نقطة اللاعودة:
إذا وجدت نفسك خارج هذه النقطة، فسترى أن النجوم تلتف حول دائرة كاملة من الظلام… عندما تبدأ بالانجذاب نحو ثقب أسود، ستتحرك بشكل أسرع وأسرع، مع تسارع قوة الجاذبية.
هذه أول أخبار سيئة لك أيها المسافر الشجاع في الفضاء؛ قوة الجاذبية للثقب الأسود قوية جداً جداً.
إذا سقطت قدماك أولاً، ستشعر ساقاك بقوة جاذبية أقوى من رأسك، سيمتد جسدك بعيداً.
أكثر الثقوب السوداء شيوعاً تسمى “ثقب نجمي”، يمكن أن تمتد إلى حوالي 9 أميال (15 كم) عرضاً وتكون ثقيلة مثل 20 شمس.
إذا حدث وانجذبت نحو ثقب أسود نجمي، فستتمزق تماماً قبل أن تصل إلى أفق الحدث.
لذا تأكد من اختيار واحدة فائقة الضخامة؛ تلك التي هي أثقل مليون مرة من شمسنا، ففي هذه الحالة سيظل جسدك سليماً وأنت تعبر أفق الحدث، حيث أن الجاذبية ستسحب قدميك ورأسك بنفس القوة تقريباً.
وإذا كنت تتساءل عن مكان العثور على واحد -فلا داعي للبحث بعيداً.. هناك واحد في وسط مجرتنا درب التبانة.
لحسن الحظ أنه يبعد عنا 165 كوادريليون ميل (أو 265 كوادريليون كيلومتر) ولن يمتص الشمس ولا الكواكب.
لكن لا تحزم حقيبتك الآن -عبور أفق الحدث هو مجرد بداية التحدي- هناك جاذبية فريدة في مركز الثقب الأسود، حيث تصبح الكثافة لانهائية، ستندفع إلى هذا المركز وتصبح واحداً مع الثقب الأسود.
لن تكون قادراً على إخبار أي شخص بتجربتك، ومع ذلك، فإن الشخص الذي يراقبك خارج أفق الحدث سيرى صورة مختلفة تماماً… فبينما كنت تسقط في ثقب أسود، بالنسبة لهم ستتباطأ، وتصبح باهتًا وأكثر احمراراً.
في النهاية، كل ما عليك فعله هو التجمد وعدم عبور أفق الحدث مطلقاً، هذا لأن المكان والزمان في الثقب الأسود يتبادلان أدوارهما؛ في أفق الحدث ، يتوقف الوقت، بينما تتحرك المساحة إلى الأمام. لن تكون قادراً على الالتفاف والهروب من الثقب الأسود أكثر مما يمكنك العودة عبر الزمن.
حتى عندما يموت الثقب الأسود في النهاية ينبعث منه كل الجسيمات التي امتصها (بما في ذلك جسمك)، سيكون من المستحيل معرفة ما إذا كانت هذه الجسيمات هي أنت!!
ومع ذلك، وجد ستيفن هوكينج طريقة لا تضيع بها المعلومات المتعلقة بجسدك: لقد افترض أن هناك أكواناً بديلة لها تواريخ مختلفة، هذا يقود لحقيقة أنك وقعت في ثقب أسود، والحقيقة الثانية: لم يكن هناك ثقب أسود.
من المستحيل التأكد من خارج أفق الحدث ما إذا كان هناك ثقب أسود أم لا حتى تسقط فيه… إذا عبرت أفق الحدث وكان هناك ثقب أسود؛ فقد حصل الأمر.
ولكن إن صادف أنه في الواقع لم يكن الثقب الأسود موجودًا، فستظل على قيد الحياة، لكن في عالم مختلف لن تكون هناك طريقة للعودة إلى منطقتنا…
هل تجرؤ على استكشاف الاحتمال؟
- ترجمة: نغم ناصر
- تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
- المصادر: 1