لماذا الفِرَق المنوّعة أذكى من الفرق عديمة التنوع؟
السعي لزيادة تنوّع العمل ضمن مكان العمل ليس مضيعةً للوقت، بل إنه قرار تجاريّ جيّد.
وجد تقرير ‘McKinsey/مكينزي’ الذي أُعدّ عام 2015 حول 366 شركة عامة، أنّ الشركات التي كانت في الربع الأعلى من حيث التنوّع العرقيّ الثقافيّ والجسديّ في الإدارة كانت أكثر عرضةً بنسبة تصل إلى 35% لتحقيق عوائد وأرباح ماليّة فوق متوسط صناعتها، أمّا تلك التي نوّعت بين الجنسين كانت معرّضة أكثر بنسبة 15% لتحقيق عوائد فوق متوسط صناعتها.
في تحليل عالمي ل 2400 شركة قامت به كريديت سويس، والذي أظهر أنّ المؤسسات التي تمتلك عضو إداريّ أنثويّ حققت عائدًا أعلى على حقوق المساهمة، بالإضافة لنموٍّ أعلى في الدخل الصافي، وذلك بالمقارنة مع الشركات التي لا تمتلك عضوًا أنثويّ في المجلس الإداريّ.
في السنوات الأخيرة، أظهرت مجموعة من الأبحاث فائدة أخرى أكثر دقّة لتنوّع مكان العمل، وهي أنّ فرق العمل غير المتجانسة أكثر ذكاءً، إذ أنّ العمل مع أشخاص مختلفين عنك يجعلك في حالة تحدٍّ دائمة، والتفكير بطرق إبداعية أكثر والتغلّب على طرق التفكير التقليديّة والمُستهلكَة، وبالتالي تحسين طريقة التفكير.
لنستكشف لماذا تُعتبَر الفرق المتنوّعة أكثر ذكاءً في مكان العمل:
يُركزون بشكل أكبر على الحقائق
يساهم الأشخاص الذين ينتمون لخلفيّات منوّعة في تغيير سلوك الأغلبية الاجتماعية في المجموعة بطرقٍ تؤدي إلى تحسين التفكير الجماعيّ وزيادة دقته.
في دراسة نُشرَت في مجلة علم الشخصية والعلاقات الاجتماعية، كلّفّ العلماءُ 200 شخص ليمثلوا دور أعضاء في لجنة محلفين وهمية مؤلفة من ستة أشخاص، وكان أعضاء هذه اللجان جميعهم من بيضِ البشرة أو أربعة من البيض واثنين من السود، ثمّ عُرِضَ على هؤلاء الأشخاص فيديو لمحاكمة متهم أسود البشرة وضحايا بيضِ البشرة، وكان عليهم أن يقرروا فيمَ إذا كان المتهم مذنبًا.
أظهرت هذه التجربة أنّ اللجان المنوّعة أثرت بشكل أكبر في زيادة الحقائق المتعلقة بالقضية مقارنةً باللجان المتجانسة، كذلك ظهرت أخطاء أقل أثناء مناقشة الأدلة المتاحة بالمقارنة مع اللجان غير المنوّعة، وعند حدوث خطأ ما يتم تصحيحه خلال التشاور، وهناك سبب محتمل لهذا الفارق، وهو أنّ الهيئات البيضاء في اللجان المتنوّعة ناقشت الأدلة بشكل أكثر دقة.
كما أظهرت الدراسات الأخرى نتائج مماثلة، عن طريق سلسلة من التجارب أُجريَت في تكساس وسنغافورة، وضع العلماء أشخاصًا متعلمين ماليًّا في أسواق وهمية وطُلِبَ منهم تسعير الأسهم.
وُضِعَ المشاركون إما في فرق متنوّعة عرقيًّا أو ضمن فرق متجانسة.
وجد الباحثون أنّ الأفراد المنتمين للفرق المتنوّعة أسهموا في تسعير الأسهم بشكل صحيح بنسبةٍ تصل إلى 58%، بينما كانت المجموعات المتجانسة أكثر عُرضةً للأخطاء في التسعير، وذلك لأنّ الفرق المتنوّعة تعيد فحص الحقائق باستمرار وتعمل بموضوعيّة وذلك باحتمالٍ أكبر مقارنةً مع الفرق المتجانسة، وفقًا لدراسة نُشِرَت في مجلة PNAS.
بالإضافة إلى أن الفرق المتنوعة قد تشجّع على المزيد من الفحص لأفعال كل عضو، وهذا يساهم في جعل مواردهم المعرفية المشتركة حادة ويقظة؛ ويعود ذلك إلى إلغاء التجانس في مكان العمل، إذ يمكنك السّماح لموظفيك بأن يصبحوا أكثر وعيًا لتحيزاتهم الذاتية (وهي الطرق المتجذرة للتفكير التي يمكن أن تعميهم عن المعلومات الرئيسية ومن الممكن أن تؤدي لارتكاب الأخطاء في عمليات اتخاذ القرار).
يعالجون الحقائق بعناية أكبر
قد تغيّر الفرق المتنوّعة الطريقة التي يقوم بها الفريق بأكمله في تحليل المعلومات اللازمة لاتخاذ أفضل القرارات.
نُشِرَت دراسة في مجلة علم الشخصية وعلم النفس الاجتماعيّ، قسّمت خلالها كاثرين فيليبس من جامعة نورث ويسترن وفريقها أعضاء جمعيات الأخويّة إلى مجموعات مكوّنة من أربعة أشخاص، إذ كان يجب على كلّ مجموعة قراءة مقابلات أجراها المحقق للتحقيق في جريمة قتل إذ كان:
- ثلاثة أشخاص في كلّ مجموعة يُطلَق عليهم ‘الأشخاص ذوو الخبرة’ في الدراسة وهم ينتمون لمجموعة الأخويّة ذاتها.
- الشخص الرابع يُطلَق عليه ‘الجديد’ عضو في نفس جمعية الأخوية أو جمعية أخرى.
اجتمع ثلاثة من ‘الأشخاص ذوي الخبرة’ في كلّ مجموعة لاتخاذ قرار حول المشتبه به، بعد مرور خمس دقائق من بدء المناقشة انضمّ الجديد إلى المداولات وأبدى رأيه بالنسبة لهوية المشتبه به.
اتضح أنّ الفرق التي تشمل أعضاء جدد من خارج المجموعة لديها ثقة أقل فيمَ يتعلق بدقة قراراتهم المشتركة، وبالمقابل لديهم احتمال أكبر لتخمين هوية المشتبه به الحقيقيّ، وذلك بالمقارنة مع فرق تشمل أعضاء متجانسة.
يعتقد العلماء أنّ الفرق المتنوّعة قد تتفوّق على الفرق المتجانسة في اتخاذ القرارات؛ لأنّها تعالج المعلومات وتحللها بعناية أكبر.
تذكر: النّظر إلى وجهة نظر شخص خارجيّ قد يبدو غير منطقيّاً، ولكن العائد من هذه العملية ضخم.
إنهم أكثر إبداعًا
للحفاظ على روح المنافسة يتوجب على الشركات مواصلة الابتكار بشكل دائم.
إن أبرز الطرق وأفضلها لزيادة القدرة على التطوّر وتطوير المنتجات من الممكن أن تشمل توظيف المزيد من النّساء وأعضاء متنوّعين ثقافيّاً، وذلك وفقًا لدراسة نُشِرَت في مجلة Innovation: Management, policy & practice، حلل المؤلفون مستويات التنوّع الجنسيّ في فرق البحث والتطوير لدى 4,277 شركة في إسبانيا، وجدوا أنّ الشركات التي تضم المزيد من النّساء تمتلك احتماليّة أكبر للمزيد من الابتكارات الجديدة والجذريّة في السوق على مدى عامين، وذلك باستخدام نماذج إحصائيّة.
في دراسة أخرى نشرت في الجغرافيا الاقتصادية، وجد الباحثون أن زيادة التنوع الثقافي هي مصدر للإبداع.
إذ جمعوا بيانات حول 7,615 شركة شاركت في استطلاع أعمال لندن السنوي، وهو استبيان يجرى مع المدراء التنفيذيين في عاصمة المملكة المتحدة ويطرح عددًا من الأسئلة حول أداء شركاتهم.
كشفت النتائج أن الشركات التي تديرها فِرَق قيادية متنوعة ثقافيًا كانت أكثر احتمالًا لتطوير منتجات جديدة من تلك التي تديرها فِرَق قيادية متجانسة.
وعلى الرغم من أنك قد تشعر بالراحة أكثر عند العمل مع الأشخاص الذين يشاركونك نفس الخلفية، لكن لا تدع راحتك تخدعك، إذ أن توظيف أشخاص لا يبدون مثلك، أو يتحدثون مثلك، أو يفكرون مثلك يمكن أن يسمح لك بتجنب المخاطر المكلفة للتقليد، والذي يثبط التفكير المبتكر.
وباختصار، إن إثراء موظفيك بوكلاء من أجناس وجنسيات وأعراق مختلفة أمر أساسي لزيادة القدرة المشتركة لشركتك على الفهم، كمل أن إنشاء مكان عمل أكثر تنوعًا سيساعد في الحفاظ على تحقيق أفراد فريقك لتحيزاتهم وجعلهم يشككون في افتراضاتهم.
وفي الوقت نفسه، نحتاج إلى التأكد من أن المؤسسة لديها ممارسات شاملة تجعل الجميع يشعرون بإمكانية سماعهم.
كل هذا يمكن أن يجعل فرق عملك أذكى، وبالتالي يجعل منظمتك أكثر نجاحًا، بغض النظر عن أهدافك.
- ترجمة: مروة حريب
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1