هل الشهرة خطيرة على صحتك؟

أهم النقاط:

  • قد يكون للمشاهير عمرًا أقصر مقارنة بالأشخاص العاديين.
  • قد يساهم التوتر وسوء استخدام المواد الكيميائية وجوانب أخرى من نمط الحياة المشهور في تدهور الصحة الجسدية والعقلية.
  • قد يكون تطلع الشخص للشهرة بسبب تجارب الطفولة السيئة والمبكرة.

وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز (New York Times) وتقارير إعلامية أخرى، فقد لا يُكشف عن السبب الدقيق لوفاة الممثل ماثيو بيري (Matthew Perry) لعدة أشهر، ولكن أحدث الأبحاث العلمية حول العلاقة بين انخفاض متوسط العمر والشهرة، تشير إلى أن الوفيات المأساوية للأشخاص الموهوبين والشباب في عالم الترفيه قد تكون جزءًا من نمط متكرر والذي قد يزداد سوءًا.

عُثِر على نجم مسلسل (Friends) في حوض استحمام ساخن في منزله في لوس انجلوس، وقد دفعت هذه الظروف بعض الأطباء -الذين استدعوا من قبل وسائل الإعلام- إلى اقتراح أن السبب المُحتمل قد يكون مرتبطًا ومتعلقًا بمشاكله الصحيّة السابقة الناجمة عن صراعه العقلي.

كانت معاناة بيري السابقة مع الإدمانات المختلفة معروفة جيدًا -فقد كتب عنها بالتفصيل في مذكراته- وقد نُقِل إلى المستشفى بسبب أمراضٍ عديدة. وقد قضى كثيرًا من الوقت في مرافق العلاج المختلفة، ويُقال أيضًا أنه حوّل منزله مؤقتًا إلى نوع من مراكز إعادة التأهيل للآخرين الذين كانوا يعانون من نفس المشكلة.

تشير الوفيات المأساوية وغير المتوقعة مثل وفاة بيري، إلى أن الشهرة نفسها قد تكون عامل خطر. على سبيل المثال، من الملفت للنظر كيف تبدو ظروف وفاة بيري مشابهة سطحيًا لنهاية وحيدة ومأساوية لنجمة البوب ويتني هيوستن Whitney Houston، التي عُثر عليها فاقدة للوعي في حوض استحمام في فندق بيفرلي هيلز Beverly Hills hotel في عام 2012، وكانت تبلغ من العمر 48 عامًا.

أشار تقرير الطبيب الشرعي إلى الغرق العرضي، مع وجود أمراض القلب واستخدام الكوكايين كعوامل مساهمة. وكانت هيوستن مثل بيري تعاني من مشاكل الإدمان لسنوات عديدة، وكذلك الممثل فيليب سيمور هوفمان Philip Seymour Hoffman، الذي عُثر عليه ميتًا في حمام شقته في مانهاتن في عام 2014، وكان عمره 46 عامًا.

بحث حول الارتباط بين الشهرة والوفاة

أظهرت دراسة ل 1064 موسيقيًا مشهورًا بعنوان “من إلفيس إلى إيمينيم: قياس ثمن الشهرة من خلال وفاة المبكرة لنجوم الروك والبوب الأوروبيين والأمريكيين الشماليين”، أن نجوم البوب الأمريكيين والأوروبيين يعانون من معدل وفيات أعلى بصورة ملحوظة -تقريبًا ضعفين- من السكان المقابلين من الناحية الديموغرافية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

في حين ألقت الدراسة اللوم على المستويات المرتفعة من التوتر والاكتئاب واستخدام المواد المخدرة لمعدلات الوفيات الأعلى، فإن حقيقة أن معدل الوفيات الأعلى استمر لمدة تصل إلى 25 عامًا من وقت أصبحوا مشهورين، وتشير إلى أن عوامل الخطر طويلة الأجل -مثل أمراض القلب والأوعية الدموية- تكون قد بدأت، ربما بسبب أنماط حياة المشاهير غير الصحيّة في وقت سابق.

هل هو توتر الشهرة، أم نوع الشخص الذي يرغب فيها؟

نظرية بديلة تشير إلى إمكانية أن يُعزى الخطر إلى نوع الشخصية التي تختار متابعة الشهرة، وهنا يكمن الضعف. أظهرت دراسة بعنوان “الموت من أجل أن تكون مشهورًا: دراسة تتبعية لمجموعة من وفيات نجوم الروك والبوب وارتباطها بتجارب الطفولة السلبية”، أن المشهور أكثر عرضة لمعاناة من تجارب سلبية في الطفولة.

كما أظهرت الدراسة أن سبب وفاة النجوم من المرجح بسبب استخدام المواد المخدرة من قبل أولئك الذين كانوا يعانون من تجارب طفولة سلبية أكثر. وقد اقترح الباحثون أن بعض نجوم الروك والبوب قد يسعون إلى الشهرة كوسيلة للهروب من طفولة محرومة أو مسيئة.

عُرّفت تجارب الطفولة السلبية في هذا البحث على أنها تشمل تعرض الطفل لأشكال مختلفة من الإساءة أو العيش مع أشخاص مصابين بأمراض عقلية أو جسدية خطيرة، أو وجود شخص مدمن للمواد المخدرة في الأسرة، أو أسرة منفصلة، أو العنف الأسري.

وصرّح بيري في مذكرات أنه أصبح مقتنعًا بأن الشهرة ستُزيل كل مشاكله: «كنت أتوق إليها أكثر من أي شخص آخر على وجه الكوكب»، ليكمل في كتابته: «كنت بحاجة إليه، إنها الشيء الوحيد الذي سيصلحني، كنت واثقًا من ذلك»، كما عزا بيري عدم ثقته بنفسه ومواهبه الكوميدية إلى طفولة قسمت بين والديه المطلقين، ولكنه شعر بشعور بالتخلي من كلاهما. كانت حياة بيري معظمها كانت في أوتاوا- كندا، لكنه قال إنه كان “طفلًا يحمل المفتاح” لأن وظيفة والدته «تعني فقط أنني قضيت الكثير من الوقت وحدي».

تحقيق في “نادي ال27”

عندما توفي نجوم البوب برايان جونز Brian Jones وجيمي هندريكس Jimi Hendrix وجانيس جوبلين Janis Joplin وجيم موريسون Jim Morrison جميعهم في سن ال27 بين عامي 1969 و1971، بدا وكأن هناك شيء يسمى “نادي ال27″، وأنه ربما سن ال27 كانت سنة خطرة خاصة لنجوم البوب، وذلك عندما انتحر كورت كوبين Kurt Cobain في تلك السنة عام 1994. وتوفيت أيمي واينهاوس Amy Winehouse في وقت لاحق عند سن ال27 في عام 2011.

أجريت دراسة بعنوان “هل سن ال27 حقًا سن خطرة بالنسبة للموسيقيين الشهيرين؟

دراسة تتبعية لمجموعة ‘نادي ال27’ “. قارن الباحثون معدلات الوفاة مع السكان العامين في المملكة المتحدة ل 1046 موسيقيًا قد حققوا ألبومًا رقم واحد في المملكة المتحدة بين عامي 1956 و2007.

في حين لم تجد الدراسة أي ذروة في الخطر حول سن ال27، كانت مخاطر الوفاة للموسيقيين الشهيرين طوال سنوات العشرينات والثلاثينات من العمر مرتين إلى ثلاث مرات أعلى من السكان العامين في المملكة المتحدة.

لخص مؤلفو الدراسة إلى أن “نادي ال27” من غير المرجح أن يكون ظاهرة حقيقية، ولكن الشهرة قد تزيد من خطر الموت بين الموسيقيين، وهو خطر ليس مقتصرًا على سن ال27. قد يكون الأمر كذلك، إذ توفر وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج تلفزيون الواقع فرصًا أكثر وأسرع للشهرة العالمية لأولئك الذين لا يحتاجون إلى قضاء سنوات في تعلم حرفة أو مهارة، وقد يموت المشاهير في سن أصغر في المستقبل إذا استمرت الشهرة في أن تكون عاملاً يزيد من خطر الحياة المقصوصة.

هل يزداد خطر أن تصبح مشهورًا؟

دراسة أخرى بعنوان “وفيات المشاهير المرتبطة بالمخدرات: دراسة مقطعية”، فحصت وفيات المشاهير المرتبطة بالمخدرات بين عامي 1970 و2015 ووجدت 220 مشهورًا توفوا بسبب المخدرات مع وجود دليل واضح على المواد المعنية.

كان العمر المتوسط عند الوفاة 38.6 سنة؛ وكان 75% من الوفيات للذكور. توفي معظم المشاهير بين سن ال25 وال40. وأشار المؤلفون إلى أن عدد المشاهير الذين توفوا بسبب المخدرات في القرن الحادي والعشرين زاد بالمقارنة مع القرن العشرين، ربما بسبب زيادة استخدام المواد المسكرة الموصوفة. وكانت الوفيات التي تشمل المواد المسكرة الموصوفة والهيروين مرتبطة بمتوسط عمر وفاة أقل بشكل ملحوظ مقارنة بالوفيات التي لم تكن تشمل هذه المواد.

قد يكون بالفعل أمرًا أكثر خطورة أن تكون مشهورًا!

  • ترجمة: إلهام مخلوف
  • تدقيق لغوي: غفران التميمي
  • المصادر: 1