كم عدد الآباء الذين يندمون على إنجاب الأطفال؟ لماذا لا يجعل هذا منهم آباءً سيئين
النقاط الرئيسية:
لاحظ فريق من الباحثين أنّ الندم على الأبوة ليس أمرًا نادرًا، ولكن هناك القليل من الأبحاث حول هذا الموضوع، وأرجعَ.
الباحثون النقصَ في الأبحاث إلى الرفض الاجتماعي، وعدم وجود طرق لتقييمها، وقد طوّروا تقييمًا لقياس الندم على الأبوّة.
وتعزيز الأبحاث في هذا المجال.
الندم يعني الشعور بالحزن أو الأسف على شيء فعلته أو لم تفعله، وسيشعر غالبية الأشخاص (إن لم يكن جميعهم) بالندم على قرار واحد على الأقل اتخذوه لإجراء ما فعلوه من عدمه، حتى لو كان صغيرًا نسبيًا، فعلى سبيل المثال: لنفترض أنك توقفت لتناول القهوة في طريقك إلى اجتماع عمل، وأخطأت في تقدير الوقت، وانتهى بك الأمر بالوصول متأخراً، قد تندم على التوقف لتناول تلك القهوة، وبدلًا من ذلك، إذا كان قلقك بشأن الوصول متأخرًا قد دفعك إلى عدم تناول القهوة، فقد تندم على هذا القرار إذا وصلت مبكرًا وعيناك قاتمة.
ولكن ماذا عن الخيارات الكبيرة في الحياة؟ أحد أهم الاختيارات التي يمكن لأي شخص أن يتخذها هو ما إذا كان يريد إنجاب أطفال، نظرًا لأنّ الغالبية العظمى من الناس سيصبحون آباءً في مرحلة ما من حياتهم، ولأن الأعراف الاجتماعية تعزز الأبوة، فلن نستكشف الندم على عدم إنجاب الأطفال، ولكن بدلًا من ذلك، سنركز على دراسة جديدة تبحث في الندم على إنجاب الأطفال.
وسلّط فريق الباحثين الذين أجروا الدراسة الضوءَ على الأبحاث السابقة التي أظهرت أنّ الندمَ على إنجاب الأطفال ليس نادرًا، أو غير معروفٍ، إذ أن 5-14% من الآباء يتملّكهم هذا الشعور. وأشاروا أيضًا إلى أن الرفض الاجتماعي حول هذا الموضوع، إلى جانب غياب الطرائق لتقييم الندم على الأبوة، هما عاملان وراء الندرة النسبية للأبحاث في هذا المجال القيّم، ولمعالجة هذه المشكلة، أنشؤوا واختبروا تقييمًا يُعرَف باسم مقياس الندم الأبوي، وترجموه عبر ثلاث لغات (البولندية والفرنسية والإنجليزية)، ووجدوا أنه مقياس موثوق وصالح.
وخلال بحثهم بالاعتماد على هذا المقياس، وجدوا صلة بين الندم على الأبوة والإرهاق الأبوي، والاكتئاب، والرضا عن حياة الفرد، وعلى وجه التحديد، كان المزيد من الندم الأبوي مرتبطًا بسعادة أقل في الحياة، والمزيد من الإرهاق الأبوي والاكتئاب، بالطبع، كان فريق البحث على حقّ لإقراره بأن هذه الارتباطات لم تكن قوية، ولم يقدّموا دليلًا على أن الندم على التربية يسبب هذه المشاعر (أو العكس)، وفي الوقت نفسه، كانوا على حق أيضًا في الإشارة إلى أن الندم على التربية هو مجال جدير بالاهتمام لمعالجته، وسلّطوا الضوء على الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها، حول ما يؤدي إلى الندم على التربية وما ينتج عنه.
فعلى سبيل المثال، أشاروا إلى أن الضغوط المحيطة بالتربية يمكن أن تدفع الشخص إلى الشعور بالإرهاق عندما تكون موارد الوالدين (الشخصية والاجتماعية) غير كافية لمواجهة أعباء الأبوة، ممّا قد يؤدّي إلى الندم على التربية، ومع ذلك، فقد استشهدوا أيضًا بأبحاث تشير إلى أن العكس قد يكون صحيحًا، فالشعور بالندم على أنك أصبحتَ والدًا يمكن أن يخلق عقبات أمام التعود على التغييرات والتحديات التي تجلبها الأبوة.
وبالمثل، أشار الباحثون إلى وجود ارتباط بين الندم الأبوي والاكتئاب من جهة، والرضا عن الحياة من جهة أخرى مع فروقات بسيطة، فعلى سبيل المثال، ذكروا أنّ الندم على الأبوة قد يترافق مع الاكتئاب وعدم الرضا، ولكن ليس هو الحال دائمًا، فمن الممكن أن يشعر الشخص غير السعيد في حياته بالرضا عن قراره بإنجاب الأطفال، وقد يشعر الشخص بالندم على إنجاب الأطفال، بينما يشعر بالرضا عن حياته ككل.
إنها خطوة ذات معنى عميق لجذب المزيد من الاهتمام العلمي لهذا الجانب المهمَل من التجربة الإنسانية، إذ لا بأس أن تشعر بالندم، فمشاعر الندم على القرار لا تعني أن شخصًا ما هو شخص سيء، وينطبق الشيء نفسه على الندم المحيط بالأبوة، ومن المهم إزالة الوصمة من هذا الشعور وفهمه بشكل أفضل، وإيجاد طرائق لمنح الآباء التعاطف والدعم الذي يستحقونه، لأنفسهم ولأطفالهم.
- ترجمة: منهل زريقة
- تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
- المصادر: 1