المزيد من التفاعل بين الإنسان والآلة: علماء يطورون جلدًا إلكترونيًا مطبوعًا بتقنية ثلاثية الأبعاد
يعد جلد الإنسان أكبر شكل من أشكال الاتصال الحسي للدماغ بالعالم الخارجي، وذلك بفضل أكثر من 1000 نهاية عصبية توفر للإنسان ثروة هائلة من ردود الفعل عن طريق اللمس والحرارة والضغط. وفي حين تجعل هذه الميزات المركبة والمعقدة الجلد عضوًا حيويًا، فإنها على الجانب الآخر تجعل من الصعب تقليده وتناسخه.
ومع ذلك يزعم باحثون في جامعة تكساس إيه آند إم بأنهم طوروا جلدًا إلكترونيًا مطبوعًا بتقنية ثلاثية الأبعاد قادر على الانثناء والتمدد والشعور مثل جلد الإنسان، وذلك عن طريق استخدام الهلاميات المائية (الجيل المائي) المهندسة نانويًا التي تظهر قدرات الاستشعار الحيوي الإلكترونية والحرارية القابلة للضبط.
صرح الدكتور ‘أخيليش غاهاروار’ أستاذ ومدير الأبحاث في قسم الهندسة الطبية الحيوية: “إن القدرة على تقليد وتكرار حاسة اللمس ودمجها في تقنيات مختلفة تفتح إمكانيات جديدة للتفاعل الإنساني-الآلي والتجارب الحسية المتقدمة. يمكن أن تحدث ثورة في الصناعات وتحسن نوعية الحياة للأفراد ذوي الإعاقة”.
فالاستخدامات المستقبلية للجلد الإلكتروني واسعة النطاق وتشمل أجهزة الصحة القابلة للارتداء التي تراقب باستمرار الحرارة ونبضات القلب وضغط الدم، مقدمة نظرة عامة للمستخدمين عن حالتهم الصحية مما يساعدهم على تحسين مهاراتهم الحركية والتنسيق.
وأضاف غاهاروار: “إن الإلهام وراء تطوير الجلد الإلكتروني متجذر في الرغبة في إنشاء واجهات أكثر تقدمًا وتنوعًا بين التكنولوجيا والجسم البشري والبيئة، ولعل الجانب الأكثر إثارة في هذا البحث هو تطبيقاته المحتملة في مجال الروبوتات والأطراف الصناعية والتقنيات القابلة للارتداء والرياضة واللياقة البدنية وأنظمة الأمن والأجهزة الترفيهية”.
تقنية الجلد الإلكتروني، المفصلة في دراسة نشرتها دورية ‘Advanced Functional Materials’، طوّرت في مختبر غاهاروار.
أما المؤلفان الرئيسيان لهذه الورقة البحثية هما ‘كايفاليا ديو’ طالبة سابقة في مختبر غاهاروار والآن عالمة في شركة Axent Biosciences و’شوناك روي’ زميل دكتوراه سابق في برنامج فولبرايت نهرو في مختبر غاهاروار.
تنطوي صناعة الجلد الإلكتروني على تحديات تتعلق بتطوير مواد متينة يمكنها في الوقت نفسه محاكاة مرونة جلد الإنسان، وتحتوي كذلك على قدرات الاستشعار الكهربي الحيوي وتستخدم تقنيات تصنيع مناسبة للأجهزة القابلة للارتداء أو القابلة للزرع.
تقول ديو: “في الماضي، كانت صلابة هذه الأنظمة عالية جدًا مقارنة بأنسجة جسم الإنسان، مما حال دون نقل الإشارة وتسبب في خلق عدم تطابق ميكانيكي في الواجهة الحيوية-غير الحيوية. لقد قدمنا استراتيجية ’التشبيك الثلاثي‘ للنظام القائم على الجيل المائي، مما سمح لنا بمعالجة أحد القيود الرئيسية في مجال الإلكترونيات الحيوية المرنة”.
عالج استخدام الهلاميات المائية المهندسة نانويًا بعض الجوانب الصعبة التي كانت تقف أمام تطوير الجلد الإلكتروني بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، ويعود ذلك إلى قدرة الهلاميات المائية على تقليل اللزوجة تحت ضغط القص أثناء تصنيع الجلد الإلكتروني، مما سمح بسهولة التعامل والمعالجة.
وقال الفريق أن هذه الميزة تسهل بناء هياكل إلكترونية معقدة ثنائية وثلاثية الأبعاد، وهو جانب أساسي لتقليد الطبيعة المتعددة الأوجه لجلد الإنسان.
استخدم الباحثون أيضًا ‘الخلل الذري’ في التركيبات النانوية لثاني كبريتيد الموليبدينوم (وهي مادة تحتوي على عيوب في تركيبها الذري) مما يسمح بتوصيل كهربائي عالٍ، كما استخدموا جسيمات البوليدوبامين النانوية لمساعدة الجلد الإلكتروني على الالتصاق بالأنسجة الرطبة.
أضاف روي: “عملت جسيمات ثاني كبريتيد الموليبدينوم النانوية المصممة خصيصًا كروابط متشابكة لتشكيل الجيل المائي ونقل التوصيل الكهربائي والحراري إلى الجلد الإلكتروني، ونحن أول من أبلغ عن استخدامها كمكون رئيسي. تعد قدرة المادة على الالتصاق بالأنسجة الرطبة أمرًا بالغ الأهمية خاصة لتطبيقات الرعاية الصحية المحتملة؛ إذ يحتاج الجلد الإلكتروني إلى التوافق والالتصاق بالأسطح البيولوجية الديناميكية الرطبة”.
تجدر الإشارة أيضًا إلى تعاون ومشاركة مجموعة من الباحثين الآخرين في هذا البحث من مجموعة دكتور ‘ليمي تيان’ في قسم الهندسة الطبية الحيوية في جامعة تكساس إيه آند إم والدكتور ‘أميت جايسوال’ من المعهد الهندي للتكنولوجيا في ماندي.
- ترجمة: رانا عبد الرحمن
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1