نصيحة ذهبية للحماية من التهاب المفاصل الذي يصيب الأطفال
عادةً، يصاب الأشخاص المتقدمين بالعمر بمرض التهاب المفاصل، ولكن يمكن أن يعاني الأطفال من هذا المرض أيضًا. ويعدّ مرض التهاب المفاصل الشبابي مجهول السبب (JIA) النوع الأكثر انتشارًا بين الأطفال.
إن معدّل الإصابة بهذا المرض في المملكة المتحدة البريطانية هو واحد من 1,000، أي قرابة 15,000 طفل، وهو يسبب ألمًا في المفاصل والتهابات في اليدين، الركبتين، الكاحلين، المرفقين والمعصمين، وقد يصيب أيضًا مناطق أخرى من الجسم.
لا يوجد علاج لهذا المرض، ولكن يمكن التقليل من الألم باستخدام علاجات تعمل على تخفيف الأعراض، تخفيف الألم والانتفاخ والحماية من تلف المفاصل. ومن أكثر الأدوية المستخدمة لهذا الهدف دواء ميثوتريكسيت المثبط للمناعة، والطب البيولوجي باستخدام إيتانيرسيبت. ولكن قد تملك هذه الأدوية تأثيرات جانبية، مثل انخفاض القدرة على مواجهة العدوى.
تعتبر الأنشطة الحركية أساسية للأطفال الذين يعانون من JIA، ولكن أحيانًا قد تزيد هذه الأنشطة من شدة الأعراض، وقد تمنع الطفل من أن يكون نشطًا حركيًّا لأنها تسبب آلامًا في المفاصل، وضعفًا في العضلات وتحدّ من القدرة الحركية. ولكن على الرغم من هذه التحديات، تبقى الأنشطة الحركية مفيدة للأطفال الذين يعانون من JIA.
يفرض مرض JIA مشاكل جسمية، كما إنّه يؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية والقدرة على الاستقلال مستقبلًا، وهذا ما يستلزم عنايةً تفوق الرعاية الصحّية وحدها. إذ يواجه المراهقون المصابون بهذه الحالة مشاكل أكثر من أقرانهم، وهذا ما يسبب لهم صعوبات أكثر فيما يتعلق بالمدرسة، اختيار المهنة، النشاط الجسدي والتطور الاجتماعي.
كيف يعزل التهاب المفاصل الأطفال
يواجه الطلّاب الذين يعانون من JIA على وجه الخصوص مشاكل تتعلق بالحضور والمشاركة في المدرسة. وقد يفرض عليهم الابتعاد عن بعض الأنشطة الحركية مما قد يسبب لهم الشعور بالعزلة ويؤثر سلبًا على تحصيلهم الدراسي.
وتستطيع المدارس دعم هؤلاء الطلاب عبر تقديم برامج مخصصة لهم تتوافق مع احتياجاتهم، مما قد يساعدهم على التعايش مع مرضهم والمشاركة بشكل أكثر في المدرسة. ويعتبر هذا الدعم أساسيًا من أجل نجاحهم الدراسيّ ومستقبلهم المهني، ولكن يبقى تفويت المدرسة والأنشطة المختلفة عائقًا أمام تحقيق إنجازات حقيقية.
وإذا لم يُتعامل مع سنوات المراهقة بشكل جيد، فقد يؤثر ذلك على حياتهم المهنية لاحقًا. إذ قد يجبر هذا المرض أصحابه على التغيّب عن العمل، أو يفرض عليهم صعوبة في التركيز أو مشاكل أخرى تصعّب عملهم.
يتغيّر مرض JIA عبر الوقت، وهذا ما يصعّب العمل أيضًا. وقد تتحسّن الأعراض لدى بعض الأشخاص مما يسمح لهم بتخفيف إجراءاتهم المتّخذة ضد هذا المرض، كما قد يضطر البعض إلى التعامل مع الصعوبات نفسها بشكل مستمر. هذه الحالة من الريبة وعدم التأكّد تصعّب عملية التخطيط للمستقبل وإيجاد الوظيفة المناسبة.
وكنتيجة لذلك، إنّه لمن المهم أن نساعد الشباب المصابين بهذا المرض للتعايش معه، كما يتوجب علينا أن ندعمهم نفسيًا واجتماعيًا في مرحلة مبكرة.
النشاط الجسدي
من أهم الأمور التي قد تُحدث فرقًا لدى مرضى JIA هو السماح لهم بالمشاركة بالأنشطة الجسدية.
إذ يؤدي انخفاض النشاط الجسدي إلى ضعف العضلات وانخفاض في مستوى الحياة. ولكن بالمقابل، تساعد التمارين المناسبة على تقوية عظام الأطفال، بناء عضلاتهم، تطوير قدرتهم على التمرّن الرياضي وتحسين شعورهم بشكل عام. لذا يقترح الخبراء على الأطفال مرضى JIA ممارسة نشاط جسدي لمدة 60 دقيقة بشكل يومي وذلك بما يتناسب مع صحّتهم والأعراض التي يعانون منها.
لا يعني امتلاك مرض JIA الابتعاد عن المشاركة بالرياضة، كما تُبيّن لنا لاعبة الغولف المحترفة كريستي ماكفيرسون، ونجم كرة القدم الأميركي كاركاندريك ويست، اللذين اتّخذا من كونهما رياضيين عاليي المستوى مهنةً على الرغم من التحديات المفروضة عليهم بسبب مرضهم.
ومع ذلك كلّه، عادةً ما يمارس الأطفال المصابون ب JIA النشاط الحركي بمعدل أقل من أقرانهم، ما يُظهر حاجتهم إلى نصيحة واضحة ومنهجية لمساعدتهم على التمرّن بشكل أكثر أمانًا. كما يجب أن تكون هذه النصيحة جزءًا من خطّة متكاملة تتضمّن علاجًا طبّيًا بالإضافة إلى تمارين رياضية مناسبة ودورية تساعدهم على تحسين صحّتهم وتجنّب أيّ مشاكل مستقبلية.
وتبقى المشكلة الأكبر التي تواجه هؤلاء الأطفال وتمنعهم من الحصول على الدعم الذي هم في أمسّ الحاجة إليه انخفاض الوعي لديهم بتلك الحالة. ولذلك يقع على عاتق البالغين ذوي الأدوار التأثيرية في المجتمع، مثل المعلّمين وصانعي القرار كالسياسيين ومشرفي الرعاية الصحية، مهمة فهم تلك الحالة الصحية بما يسهم في تقديم الدعم المناسب للشباب المصابين ب JIA.
تُجرى حاليًا البحوث اللازمة في جامعة مانشستر للمساعدة على فهم أعمق لتأثير أمراض المفاصل التي تصيب الشباب، كمرض JIA، على المراهقين والشباب.
ويهدف بحثنا إلى إدراج بعض التحدّيات التي يواجهها الشباب المصابون بمرض JIA وذلك عبر العمل على تطوير السياسات بالاعتماد على الدليل العلمي للعمل على تطبيقها في المدارس وأماكن العمل، وتحسين السياسات الحكومية بما يدعم احتياجات الشباب المصابين بتلك الحالة.
عادةً ما تكون أعراض مرض JIA غير واضحة على المصاب، إلّا أن تأثيرها العميق على الشباب يمتد إلى أبعد من الطفولة، تاركةً أثرها على الحياة التعليمية والمهنية والاجتماعية للأفراد.
يعدّ الإدراك الكامل لتأثيرات مرض JIA، بالإضافة إلى تقديم الدعم الشامل اجتماعيًا وطبّيًا، عاملان أساسيّان من أجل تقوية الأطفال المصابين ومنحهم القدرة على مواجهة تحدّياتهم بشكل أكثر فعاليّة بما يضمن لهم حياةً راضية.
- ترجمة: كريم عبد الرحمن
- تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
- المصادر: 1