للمرة الأولى في العالم: علاج داء السكري من النوع الأول من خلال إعادة برمجة الخلايا الدهنية

أعاد العلماء برمجة الخلايا الدهنية الخاصة بامرأة لتصبح خلايا بيتا المنتجة الأنسولين، ما ساهم في علاجها من داء السكري من النوع الأول.

لأول مرة، أعاد علماء في الصين برمجة الخلايا الدهنية لامرأة لتصبح خلايا بنكرياسية تنتج الأنسولين الأمر الذي أدى إلى عكس اتجاه داء السكري من النوع الأول الذي تعاني منه.

يضاف هذا الإنجاز إلى مجموعة متزايدة من الأدلة على أن الخلايا الجذعية المعاد برمجتها يمكن استخدامها يومًا ما للعلاج أو الشفاء من المرض المزمن. وما تزال المريضة التي عولجت في الدراسة الأخيرة في غِنًى عن أي حقن أنسولين بعد عام من العملية.

قال الدكتور كيفان هيرولد، أستاذ علم الأحياء المناعي والطب في كلية الطب بجامعة ييل، وهو لم يشارك في البحث، إن هذه النتائج «مثيرة للغاية».

يعد الأنسولين المفتاح الكيميائي الذي يسمح لجزيئات السكر بالخروج من مجرى الدم ودخول الخلايا، حيث يمكن استخدامها كوقود للتغذية. ومع ذلك، في حالة داء السكري من النوع الأول، يدمر الجهاز المناعي الخلايا المنتجة للأنسولين في الجسم، والتي تقع داخل «أعضاء صغيرة» داخل البنكرياس، تسمى الجزر.

بدون الأنسولين، تتضور الخلايا جوعًا للحصول على الوقود للتغذية بينما ترتفع مستويات السكر في الدم. وفي الحالات القصوى، يموت الناس عندما ينتج الجسم مركبات حمضية، تُعرف باسم الكيتونات، في محاولة لتوفير طاقة كافية لتلك الخلايا من أجل البقاء على قيد الحياة.

في الدراسة الجديدة التي نُشرت يوم الخميس 31 تشرين الأول/أكتوبر في مجلة Cell، أخذ العلماء خلايا دهنية من مريضة مصابة بداء السكري من النوع الأول واستخدموا مواد كيميائية لإعادتها إلى الخلايا الجذعية «متعددة القدرات»، ما يعني أنها يمكن أن تتحول إلى أي نوع من الخلايا.

وبعد إعادة الخلايا إلى هذه الحالة، برمجها العلماء كيميائيًا لتصبح خلايا الجزر. ثم زرعت هذه الخلايا الجديدة في بطن المريضة.

قال الباحث هونغكوي دينغ، الباحث في مركز بكين تسينغهوا لعلوم الحياة في جامعة بكين إنه قبل الخضوع لهذا العلاج التجريبي، كافحت المريضة للسيطرة على نسبة السكر في دمها، وقضت أقل من نصف وقتها للبقاء ضمن نطاق سكر الدم الصحي «المستهدف». ولكن بعد زرع الخلايا للمريضة، «تحسن وقتها في المنطقة المستهدفة إلى أكثر من 98%»، كما قال دينغ لموقع Live Science في رسالة بالبريد الإلكتروني.

وبعد 75 يومًا من عملية الزرع، لم تعد المريضة بحاجة لحقن الأنسولين للسيطرة على نسبة السكر في الدم.

أشار الدكتور دينج إلى أن «السرعة التي أظهرت بها المريضة التشافي من داء السكري وتحقيق الاكتفاء من الأنسولين بعد الزرع كانت مفاجئة»، مضيفًا أن «هذه النتيجة تشير إلى إمكانيات ملحوظة لاتباع هذه الاستراتيجية في العلاج».

لا تعتبر عملية زرع خلايا الجزر في المرضى استراتيجية جديدة. فعلى مدى ثلاثة عقود، استأصل العلماء الجزر الصغيرة من الجثث المتبرع بها ثم زرعوا الخلايا في أكباد مرضى السكري من النوع الأول. ومع ذلك، هناك عدد محدود من المتبرعين، ويجب على المتلقي تناول أدوية قوية لبقية حياته للتحكم في جهاز المناعة وتجنب رفض الأعضاء الصغيرة الجديدة. ونتيجةً لذلك، عادةً ما يتلقى تلك الخلايا الجزر المتبرعبها فقط أولئك المرضى الذين يحتاجون إلى عمليات زرع أخرى، مثل زراعة الكلى أو الكبد.

لم تكن المريضة في الدراسة الجديدة مختلفة في هذا المجال. إذ كانت قد خضعت سابقًا لعملية زرع كبد، كما كانت تتناول عقاقير قوية مثبطة للمناعة. ومع ذلك، فإن النوع الجديد من زراعة الجزر التي تلقتها يمثل تقدمًا: فعلى عكس الخلايا من الجثث المتبرع بها، توفر الخلايا الجذعية مصدرًا محتملًا غير محدود للجزر الجديدة.

قال الدكتور دينج إن الخلايا المزروعة في البطن كانت تؤدي عادةً دورًا أفضل مما تفعله الخلايا المزروعة في الكبد، الأمر الذي يدل على «تحسّن إفراز الأنسولين بشكل ملحوظ». علاوةً على ذلك، يمكن الوصول إلى البطن بسهولة ويمكن فحصها باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي. وأضاف أن ذلك يدل على إمكانية مراقبة الخلايا المزروعة بسهولة بحثًا عن السلامة وإزالتها إذا بدأت بالفشل.

تعد الدراسة الجديدة دليلًا على أن الخلايا الجزر المستمدة من الخلايا الجذعية يمكن أن تعالج داء السكري من النوع الأول، على الأقل لمدة من الزمن. فعلى سبيل المثال، تعمل شركة فيرتكس فارماسوتيكالز Vertex Pharmaceuticals على تطوير خلايا جزر مشتقة من الخلايا الجذعية الجنينية، وأظهرت أن هذه الخلايا يمكنها جعل مستويات السكر في الدم مستقرة، على الأقل لدى العدد القليل من المرضى الذين اختبروا حتى الآن.

في حين أن العلاج الجديد باعتماد الخلايا الجذعية قد لا يواجه المخاطر التقليدية المرتبطة برفض الأعضاء، ما يزال من الممكن تعرض الخلايا الجزر المزروعة للتدمير من قبل جهاز المناعة. ولكي يكون هذا العلاج مناسبًا لمزيد من مرضى السكري من النوع الأول، يحتاج العلماء إلى إيجاد طريقة لجعل عمليات زرع الخلايا الجذعية غير مرئية لجهاز المناعة دون استخدام مثبطات مناعية قوية.

  • ترجمة: إبراهيم كرموم
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1