ما هو الحب؟

أليس هذا حقًا سؤالًا منطقيًا؟ ما هو معنى الوقوع في الحب؟

النقاط الأساسية

  1. يتضمن الحب خليطًا من الشغف والحميمية والالتزام.
  2. تبين الدراسات ضمن عدة مجتمعات أن مكونات الحب هذه مشتركة بين جميع ثقافات العالم.
  3. من بين جميع الناس في العالم فهناك على الأغلب فقط حفنة من الناس الذين ستقع في الحب معهم.

مع أن تفصيل الموضوع إلى مكوناته الأساسية يُعد من الأمور المفضلة عند الباحثين فهو غير رومنسي عندما يكون هذا الموضوع هو الحب. على الرغم من ذلك، فإننا كبشر نتشارك نفس الدماغ عالي التطور في نواح كثيرة حتى ولو تنوعت تجاربنا باختلاف أنماط حياتنا بشكل هائل، ذلك يعني أننا نستطيع الإبحار عميقًا في مجال علم النفس لفهم بعض التجارب البشرية المشتركة التي يعتبر الحب أحدها.

هل حقًا نستطيع فصل مكونات الحب عن بعضها؟

نعم بالفعل، نستطيع فعل ذلك.

يكشف هذا البحث العلمي الجديد أن اختبار البشر للحب وإحساسهم به متشابه بشكل كبير حول العالم مما يعني أن بعض أبعاد الحب هي ذاتها في كل مكان. بُني هذا الاستبيان الذي تضمن 25 بلدًا مختلفًا على خلفية واسعة جدًا من الأبحاث المتعلقة بموضوع الحب واستطاع تأكيد الدليل الذي يُفيد بأن هناك ثلاثة عناصر أساسية للحب تعطي علاقاتنا العاطفية مزاياها وخواصها المختلفة (Sorokowski, 2021).

ما هي مكونات الحب الثلاثة؟

مكونات الحب الثلاثة هي: الحميمية والشغف والالتزام.

ترمز الحميمية إلى مشاعر القرب والتواصل وتتضمن الدفء العاطفي والمشاركة والاهتمام وهي بالطبع ليست محصورةً بالعلاقات العاطفية فحسب ولكنها تشكل عامل «الدفء» الأساسي فيها.

الشغف هو مشاعر الارتباط القوية التي تشبه المغناطيس الذي يجذب شخصًا إلى شخص آخر جسديًا وعاطفيًا وهو المكون «الساخن» لشعور الحب هذا.

أما الالتزام فهو مكون عقلي أكثر من الحميمية والشغف مشكلًا بذلك المكون «البارد» ويرمز للقرار الواعي الذي يقضي بتكريس الذات للعلاقة على المدى البعيد.

وضع ستيرنبرغ Sternberg نظريته المثلثية في الحب Sternberg’s Triangular Theory of Love التي نشرت عام 1988 (Sternberg, 1988) وهي تقول بأن علاقاتنا تتضمن نسبًا متنوعةً من تلك المكونات الثلاثة، إذ يمكن للعلاقة أن تتضمن الشغف والالتزام ولكن بدون أي حميمية (مثل ما يسمى بزواج فيغاس Vegas Wedding) وربما تبدأ العلاقة بالالتزام وحده مع بعض الحميمية بدون وجود مكون الشغف (كالزواج التقليدي الشرقي إذ لا يعرف الطرفان بعضهما جيدًا قبل الخطبة والزواج) على عكس العلاقات العابرة (كعلاقات الليلة الواحدة One-night stand) التي يقودها الشغف بدون وجود أي التزام أو حميمية. أخيرًا قد تحتوي علاقة ما على الالتزام وتخلو في نفس الوقت من الشغف أو الحميمية (مثل علاقة الزواج المعتادة بين عجوزين بعد سنين طويلة من الإرهاق).

ماذا إن لم نمتلك العديد من النقاط على مقياس الشغف أو الحميمية أو الالتزام؟

قد يختبر بعض الناس مستويات عالية من الشغف والحميمية والالتزام في نفس الوقت طوال مدة علاقتهم وهذا هو السيناريو المثالي، لكنه وللأسف ليس المعتاد أبدًا إذ إن سائر العلاقات تتصف بارتفاع أحد المستويات أو انخفاض اثنين على سبيل المثال.

من ناحية الشغف فإنه يميل لأن يصل للذروة مبكرًا في العلاقة (بعد 6-12 شهرًا من بدايتها) في حين يشكل الالتزام العامل الأبطأ الذي يزداد بشكل تدريجي مع مرور الزمن في العلاقات طويلة الأمد، بينما ترتفع الحميمية بثبات في البداية ثم تتناقص عادةً على المدى الطويل.

إذا كنت تعتقد أن الحب يجب دائمًا أن يكون كلعبة ملاهي عالية السرعة (هذه هي الدرجة العالية من الشغف) فقد يصيبك الإحباط والقلق إذا اعتقدت أنك فقدت الحب عندما تصل علاقتك إلى مرحلة المرافقة الودودة (انخفاض الشغف مع تزايد الحميمية)، تلك التي يمكن تشبيهها برحلة قارب هادئة في نهر، لكن هذه النقلة طبيعية في العلاقات العاطفية إذ إنها تحدث بسبب تزايد الراحة والقرب بين الطرفين والتي لا تترافق دومًا مع الحماس عالي المخاطر عندما يكون الشغف في أوجه ويتضمن ذلك التقلبات العاطفية باتجاه الزيادة أو النقصان. من الطبيعي جدًا للعلاقات أن تتخذ هذه المسارات مع وجود بعض الحالات الخاصة بالتأكيد.

توقع بعض التقلبات على امتداد فترة علاقتك العاطفية

يتوجب على معظم الناس العمل على إبقاء الشغف موجودًا في علاقاتهم، كما يمكن للعديد من الأحداث أن تزعزع الالتزام مما قد يخرب الأساس الذي بنيت عليه العلاقة أصلًا إذ يمكن للخيانة أن تقضي على الالتزام نهائيًا (إن لم تقضِ على العلاقة بأسرها أصلًا)، لكن من الممكن للعديد من التغيرات التدريجية في خطط حياة أحد الشريكين أن تمثل تحديًا أمام استمرار الالتزام ضمن العلاقة إذا ما سببت البعد بينهما.

يوجد في النهاية العديد من السبل لنأخذها في طريق الحب بغض النظر عن تلك المكونات الثلاثة الأساسية، إذ يمكن لأبحاث علم النفس أن تزيل بعص الغموض والدراما التي تبث الحياة في علاقتنا العاطفية، ومن بين جميع البشر في العالم هناك غالبًا قلة قليلة ستقع في غرامهم في حياتك. قد يكون شخصًا واحدًا وربما لا يوجد ذلك الشخص في حياتك أبدًا، في النهاية وعلى الرغم من كل ما نعرفه فإن من سيقع إنسان ما في حبه وما سيبقي ذلك الحب حيًا يبقيان لغزين غير محلولين (حتى الآن).

  • ترجمة: عبدالله دالي
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1