الانتقاء الطبيعي: كيف وماذا تسمع الخفافيش؟

في دراسة جديدة نُشرت في دورية Proceedings of the Royal Society B قُدِمَ التقييم المقارن الأكثر شمولًا لقدرة الخفافيش على السمع حتى الآن وسلط الضوء على الضغوط التطورية التي تعمل على إدراكها الحسي. درس علماء من متحف التاريخ الطبيعي في برلين سمع الخفافيش في كل من نطاقات التردد العالية والمنخفضة المستخدمة لتحديد الموقع بالصدى والنداءات الاجتماعية وأظهروا أن حساسية السمع جيدة بنفس القدر في كلا النطاقين. علاوة على ذلك، أظهر تحليل مقارن للتطور أن التغيرات في حساسية السمع تطورت لإستجابة التغيرات الترددية لكل من تحديد الموقع بالصدى والنداءات الاجتماعية.

تعيش الخفافيش في عالم من الأصوات. بصفتها متخصصة في السمع، فهي تعتمد على النداءات لتحديد الموقع بالصدى عالي التردد لإدراك العالم المحيط، ولكنها تعتمد أيضًا على النداءات الاجتماعية والأصوات البيئية الأخرى بترددات أقل. لا يختلف تحديد الموقع بالصدى والنداءات الاجتماعية في التردد (درجة الصوت) فحسب، بل يختلف أيضًا في السعة (ارتفاع الصوت): عادةً ما تكون نداءات تحديد الموقع بالصدى أعلى من النداءات الاجتماعية، ولكن يمكن أن تكون أصداء النداءات المرتدة هادئة للغاية. على الرغم من أن الخفافيش تعد تصنيفًا مثيرًا للاهتمام بشكل خاص للبحث حول الإدراك السمعي، إلا أن الدراسات المقارنة نادرة.

تعاون علماء من متحف برلين للتاريخ الطبيعي وكلًا من الباحثتين ميريام نورنشيلد Mirjam Knörnschild ومارتينا ناجي Martina Nagy وكذلك باحثين من جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونخ LMU Munich ومعهد ماكس بلانك لعلم اللغات النفسي MPI for Psycholinguistics لدراسة كيفية تشكل الضغوط التطورية للإدراك الحسي للخفافيش. قيموا حساسية السمع وترميز السعة لـ 11 نوعًا استوائيًا جديدًا باستخدام تقنية طفيفة التأثير لا تؤذي الخفافيش. أظهر العلماء أن السعة يُرمز لها بدقة أكبر لنداءات تحديد الموقع بالصدى عالية التردد مقارنة بالنداءات الاجتماعية منخفضة التردد.

قالت ميريام نورنشيلد: «قد يكون هذا الاختلاف مرتبطًا بحاجة الخفافيش إلى تشفير مجموعة واسعة ومختلفة السعة في نداءات تحديد الموقع بالصدى». على عكس ترميز السعة، فإن حساسية سمع الخفافيش جيدة على حد سواء في نطاقات التردد العالية والمنخفضة. وأضافت مارتينا ناجي: «من المثير للاهتمام، أنه في بعض الأنواع، يكون لدى الإناث حساسية سمعية أعلى من الذكور في نطاق التردد المنخفض. قد تكون هذه الحساسية المعززة قابلة للتكيف لأن الخفافيش الصغيرة تنتج نداءات عزل منخفضة التردد لطلب الرعاية من أمهاتهم».

جمع العلماء بياناتهم الأصلية مع المعلومات المنشورة عن 27 نوعًا إضافيًا من الخفافيش في تحليل مقارن للتطور وأظهروا أن الذروات الخاصة بالأنواع في حساسية السمع ترتبط بترددات الذروة لنداءات تحديد الموقع بالصدى ونداءات العزل للصغار. قالت ميريام نورنشيلد: «يشير هذا إلى أن التغيرات في حساسية السمع تطورت كاستجابة للتغيرات الترددية لكل من تحديد الموقع بالصدى والنداءات الاجتماعية».

هذه النتائج ذات صلة تتجاوز الخفافيش. من المحتمل أيضًا أن تُظهر الأنواع الأخرى، خاصةً تلك التي تستخدم التحديد بالصدى مثل الحيتان، تطورًا تكيفيًا مترابطًا بين قمم حساسية السمع وترددات النداءات المهمة. يأمل العلماء أن توفر نتائجهم حافزًا للدراسة المتعمقة في الضغوط التطورية التي تعمل على الإدراك الحسي لأصناف تحديد الموقع بالصدى بشكل عام.

مفاهيم

ضغط تطوري Evolutionary pressure: أي سبب يقلل من النجاح التكاثري في جزء من النوع أو المجموعة يحتمل أن يمارس ضغطًا تطوريًا أو ضغطًا انتقائيًا يقود الانتقاء الطبيعي. بوجود ضغطٍ كافٍ، تنتشر السمات الموروثة التي تخفف من آثارها، حتى لو كانت ضارة في ظروف أخرى، على نطاق واسع بين المجموعات. إنه وصف كمي لمقدار التغيير الذي يحدث في العمليات التي يبحثها علم الأحياء التطوري، لكن المفهوم الرسمي يمتد في كثير من الأحيان ليشمل مجالات أخرى من البحث. في الوراثيات السكانية، عادة ما يُعبَّر عن الضغط التطوري كمُعامل انتقاء.

  • ترجمة: بهجت بن صبيح
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1