حواسيب كمية تختبر قوانين فيزيائية جديدة

استخدم باحثون من جامعة آلتو «Aalto» حاسوبًا كموميًا من شركة آي بي إم «IBM» للبحث في المجالات الفيزيائية التي قلما يُتطرق إليها، وتحدوا مفاهيمًا فيزيائيةً كموميةً عمرها أكثر من 100 عام.

إن قواعد فيزياء الكم، والتي تحكم كيفية تصرف الأشياء المتناهية في الصغر، تستخدم معاملات رياضية تسمى بالعوامل الهاملتونية الهيرميتية.

لقد دعمت المعاملات الهرميتية فيزياء الكم لما يربو عن 100 عام. ولكن في الآونة الأخيرة، أدرك الباحثون أنه من الممكن أيضًا توسيع معادلاتها الأساسية لاستخدام عوامل هيرميتية غير هيرميتية.

تصف هذه المعادلات كونًا جديدًا قائمًا على مجموعة قواعد خاصة. فعلى سبيل المثال، إذا عكسنا اتجاه الزمن وأنت تنظر في المرآة، فسترى نسخة مطابقة لك كما هي في العالم الحقيقي تمامًا.

ففي الورقة البحثية الجديدة، استخدم فريق من الباحثين بقيادة «دوسنت سورين باراوانو» «Docent Sorin Paraoanu» حاسوبًا کمومیًا لإنشاء عالم افتراضي تحکمه هذه القواعد الجديدة.

يضم الفريق الدكتور «شروتي دوجرا» من جامعة آلتو، وهو المؤلف الأساسي للورقة، و«أرتيم ميلنيكوف» من معهد موسكو للفيزياء والتكنولوجيا «MIPT» و«فریق تیرا کوانتوم» «Terra Quantum».

تمکن الباحثون من صنع «الكيوبتات» «qubits»، وهي الأجزاء التي تنفذ العمليات الحسابية، وفقًا للقواعد الجديدة لميكانيكا الكم الغير هيرميتية، في الحواسيب الكمومية، وقد أظهروا بشكل تجريبي، بعض النتائج المثيرة للاهتمام والتي لايمكننا الحصول عليها في ميكانيكا الكم الهيرميتية العادية.

كان الاكتشاف الأول هو أن تطبيق العمليات على الكيوبتات ينقض معلوماتنا الكمومية السابقة، كالسلوك الأساسي لنظرية الكم التقلیدية التي تؤدي إلى مشاكل لم نتمكن من حلها حتى الآن، مثل مفارقة معلومات الثقوب السوداء لستيفن هوكينج، ثم جاءت النتيجة الثانية المثيرة، عندما أجروا تجربة على اثنين من الكيوبتات المتشابكة معًا.

التشابك: هو نوع من الارتباط الذي يظهر بين الكيوبتات، كما لو كان بينها رابط سحري يجعلها تتصرف بتزامن مع بعضها البعض.

اشتهر أينشتاين بعدم ارتياحه لهذا المفهوم، مشيرًا إليه على أنه «الفعل المخيف عن بعد»، ففي ظل فيزياء الكم التقلیدية، لا يمكن تغيير درجة التشابك بين جسيمين عن طريق التلاعب بأحد الجسيمات بمفرده ولكن، في ميكانيكا الكم الغير هيرميتية، تمكن الباحثون من تغيير مستوى تشابك الكيوبتات من خلال معالجة واحدة منها فقط، وهي نتيجة خارجة عن حدود فيزياء الكم التقليدية.

قال سورين باراوانو «Sorin Paraoanu»: «إن المثير في هذه النتائج هو أن الحواسيب الكمومية قد طُورت إلى الحد الذي يسمح لنا ببدء استخدامها لاختبار الأفكار الغير تقليدية والتي كانت نظرية فقط حتى الآن».

ولكن مع الإنجاز الذي توصلنا له حاليًا، «فالعمل المخيف عن بعد»، كما وصفه أينشتاين، سيصبح أكثر رعبًا. وعلى الرغم من أننا نفهم جيدًا ما يجري، إلا أنه لا يزال يسبب لنا الفزع.

البحث أيضًا له تطبيقات محتملة، فكما يبدو أن العديد من الأجهزة الجديدة التي تعتمد على البصريات أو الميكروويف «الأمواج القصيرة» التي تم تطويرها في الآونة الأخيرة، تتصرف وفقًا للقواعد الجديدة. وهذا ما سيفسح المجال لمحاكاة هذه الأجهزة باستخدام الحواسيب الكمومية.

نُشرت الورقة البحثية بعنوان «المحاكاة الكمية لكسر التناظر الزمني المتكافئ باستخدام معالج كمي فائق التوصيل» في مجلة فيزياء الاتصالات «Communications Physics».

  • ترجمة: حسن يوسف حماد
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1