قطرات للعين بدلًا عن نظارات القراءة

بعد أن بلغت منتصف العمر لاحظت أن الكلمات المطبوعة على الصفحات لم تعد واضحة كما كانت من قبل. مثل الكثير من الناس فأنا أرتدي نظارات القراءة منذ ذلك الحين. لكن مؤخرًا في يوم من الأيام، وضعت بضع قطرات دواء جديد في عيني بدلًا من ذلك. بعد عدة دقائق أصبح النص الموجود أمامي أكثر وضوحًا ودقة. ولكني لاحظت أيضًا أن المطبخ المشترك في جناح مكتبي كان قاتمًا بغرابة حتى مع إضاءة الأنوار وشعرت أيضًا بصداع خفيف.

بعد عمر الأربعين، يعاني العديد من الأشخاص من قصو البصر الشيخوخي Presbyopia، وهو مصطلح طبي له جذور في المعجم الإغريقي ويعني الأعين الكبيرة بالسن. فيصبح من الصعب عليهم قراءة الكتب، وملصقات وقوائم الطعام. فيلجأ الأشخاص إلى استخدام النظارات الطبية المخبأة في أدراج المكاتب والشنط. ولكن الآن أصبح هناك أيضًا حل معبأ: وهي قطرات عين توصف لمساعدة كبار السن على الرؤية بشكل أفضل عن قرب.

يقول أريك دونفيلد Eric Donnenfeld، طبيب عيون في جامعة نيويورك، والمستشار لدى شركة Allergan وصناع قطرات العين الآخرين: «إن العلاج الذي استخدمه هو منتج لشركة Allergan يسمى Vuity. وهو أول علاج من نوعه وصل إلى الأسواق. وقد وافقت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية U.S. Food and Drug Administration على هذه القطرات في أواخر العام الماضي. ومؤخرًا اختبرت عشرات الشركات قطرات مشابهة في التجارب السريرية، يهدف كلًا منهم إلى: الآمان، والفعالية، والعلاج القابل للعكس الذي يؤمن للناس ما يريدون، وهو الرؤية الجيدة عن قرب.

كل هذه القطرات تعوض ما يحدث في العين من تصلب (تجمد)، كعملية طبيعية مع تقدم العمر. إن عدسة العين مرنة لدى الأشخاص الأصغر سنًا والأصحاء إذ تركز الضوء القادم من الأشياء القريبة والبعيدة تلقائيًا. حتى تفقد العدسة مرونتها تبدأ الصور القريبة بالتعتيم.

إذن كيف تصلح هذه القطرات تلك المشكلة؟ تقلص هذه القطرات بؤبؤ العين وهو الجزء المسئول في العين عن تحويل الضوء إلى شبكية العين، والتي تحول هذا التنبيه إلى إشارات بصرية إلى المخ. إذ إن تقليل فتحة بؤبؤ العين مشابه لتقليل فتحة عدسة الكاميرا. فهي تحجب الضوء الخارجي القادم من الأجسام البعيدة، ويسمح بدخول الضوء القادم من الأجسام القريبة بتركيز أكثر حدة. يقول دوننفيلد: «وبالمثل، بؤبؤ العين الأصغر حجمًا يستبعد أشعة الضوء المنحرفة من الوصول إلى شبكية العين، وهذا هو مفتاح عمل القطرات».

العديد من هذه القطرات، بما فيها Vuity، تقلص بؤبؤ العين بواسطة نفس المادة الفعالة وهو مركب يطلق عليه اسم بيلوكاربين Pilocarpine، وله تاريخ طويل في علاج مرض الجلوكوما، إذ يحفز البيلوكاربين عضلة العين لتتقلص. يفيد هذا التأثير مرضى الجلوكوما عن طريق فتح قنوات تصريف السوائل الزائدة من العين، مما يخفف ضغط العين. تشد العضلات النشطة أيضًا على بؤبؤ العين والتي تقلل حجمها. ولكن من الممكن أن ينتج عن هذا الشد صداع خفيف يتركز خلف الحاجب (وهي حالة تعرف بألم الحاجب).

خلال التجارب السريرية باستخدام عقار Vuity، اكتسب حوالي 30 بالمائة من الأشخاص القدرة على قراءة ثلاثة صفوف إضافية من النص المخطط الموضوع على بعد ذراع. كما تلاشت التأثيرات تدريجيًا خلال ست ساعات. لكن الشركات الأخرى تعمل على مركبات ذات تأثير أطول. على سبيل المثال تقوم شركة Visus Therapeuticsفي إيرفين بولاية كاليفورنيا على تطوير قطرة للعين تحتوي على مادتين فعالتين: أحدهما يطلق عليه كارباكول Carbachol ووظيفتها تقليص بؤبؤ العين والأخرى يطلق عليها بريمونيدين Brimonidine، ووظيفتها منع حدقة العين من الاتساع. يقول ريت شيفمان Rhett Schiffman، طبيب العيون والمدير الطبي للشركة: «من المرجح أن يدوم تأثير هذا العلاج ما يقارب ثماني ساعات». وقد ضخ المستثمرون أكثر من 100 مليون دولار لتمويل هذه المنتجات.

ولكن هذا الأمر لا يخلو من الجدل. يشير ديفيد جيوتن David Guyton، طبيب العيون في معهد جونز هوبكنز ويلمر للعيون في بالتيمور، إلى أنه في حين أن البوليكاربين العام غالي الثمن كعلاج لمرض الجلوكوما، فإن زجاجة سعة 2.5ml من Vuity، وهي التي تكفي لمدة شهر تقريبًا ألن تكون كذلك. إذ أن زجاجتي تكلفتها حوالي 80 دولار. وتبرر شركة Allergan السعر المرتفع بأنهم غيروا التركيبة ليتفادوا الحرقان الذي يسببه المنتج، وجعله أكثر راحة في الاستخدام.

علاوةً على ذلك، فمن الممكن أن تسبب هذه القطرات بعض التغييرات غير المرغوب فيها في الرؤية. إذ يشير جيوتن إلى أنه في الإضاءة القاتمة (الضعيفة)، يتسع بؤبؤ العين حتى يسمح بمرور المزيد من الضوء. ولكن هذا لن يحدث إذا كان تقلص بؤبؤ العين سببه تأثير البوليكاربين، وسيكون هذا التأثير عائقًا أمام القيادة الليلية. ولكن في الواقع فإن ملصق العقار Vuity يتضمن تحذيرًا من القيادة الليلية في أثناء استخدامه. لكن دونفيلد يقول أن هذه لن تكون مشكلة بالنسبة للأشخاص الذين يستخدمونه في أوقات النهار كما هو موصوف لهم.

وبعد أن اختبرت هذه القطرات على عيني، اختبرها أيضًا زميلي في العمل والذي يستخدم نظارات القراءة أيضًا. وكان رأيه أنها نجحت ليس كثيرًا ولكنها نجحت فقد قللت القطرات ضبابية الرسائل النصية في هاتفه ولكنها لم تقضِ عليها تمامًا كما حصل معي، واستمر تأثيرها قرابة 3 ساعات.

بالنسبة للأشخاص الذين يكرهون النظارات الطبية فإن طريق القطرات يستحق كل هذا العناء. ولكن بينما أنا أكتب السطور الأخيرة من هذه القصة، فلقد ارتديت نظارتي.

  • ترجمة: ندى محمد
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1