هل يرفع زواج الأقارب خطر إنجاب أطفال مشوهين؟
ما الشيء المشترك بين الملكة فيكتوريا وتشارلز داروين وألبرت أينشتاين؟ الجواب أنهم جميعًا تزوجوا أقاربهم من الدرجة الأولى. من المفترض أن دراوين الأعلم بهذا، لكن الزواج من الأقارب يوّرث جينات سيئة تؤدي إلى طفراتٍ جينية مميتة.
يُمنع الزواج من الأقارب من الدرجة الأولى في 24 ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية حاليًا. ولكن في معظم التاريخ الغربي، استوجب على الناس الزواج من أيَّ أحدٍ يسكن بالقرب منهم، والذي يعني غالبًا الزواج من العائلة نفسها. في الحقيقة، بين عامي 1650-1850 كان معدّل صلة القرابة بين الأزواج هو أنهم أقارب من الدرجة الرابعة، أي إنهم يتشاركون الجد الرابع. جينيًا هذا يعني أنهم يتشاركون 0.20% من الدنا DNA. هذا الرقم ليس كبيرًا قياسًا بنسبة 0.78% الذي بين أقارب الدرجة الثالثة، 3.13% بين الثانية، و12.5% بين الأولى. وكلما زادت نسبة الدنا المشتركة بين الأزواج، زاد خطر إصابة أطفالهم بالأمراض الوراثية (مثل فقر الدم المنجلي والتلّيف الكيسي).
ولكن المهم يكمن هنا: لا يشترط أن تكون مصابًا بالمرض لِتَورثه إلى أطفالك. لنأخذ مرض التلّيف الكيسي مثالًا. سبب هذا المرض خلل في الجين CFTR. لكنك تحتاج إلى وراثة نسختين من هذا الجين المتضرر لتُصاب بالمرض. لذلك لن تظهر عليك آثار المرض إن كنتَ تحملُ نسخةً واحدة من الجين. وستكون ناقلًا له فقط (carrier).
في هذه الحالة، إذا ما تزوّج شخصٌ ناقل آخرَ غير ناقل، فلا خطر على الأبناء من المرض. ولكن إن كان كِلا الزوجين ناقلًا للجين المتضرر CFTR، سيكون الأبناء عرضةً للإصابة بالمرض بنسبة 25%.
لمعرفة مدى خطورة الزواج من الأقارب من الدرجة الأولى، علينا حساب النسب الواردة لِكَون كِلا الزوجين من أبناء العمومة ناقلين نسخةً من الجين المُمرِض نفسه. وبما أن الزوجين يتشاركان عدة أجداد فإن علينا تحليل الأمر من البداية. ماذا إن كان كِلا الجدّينِ ناقلٌ للمرض وماذا إن كان أحدهما فقط ناقلًا؟ ماذا إن كان أحدُ أبنائهم ناقلًا للمرض وماذا إن لم يكن كذلك؟ وماذا إن تزوّج هؤلاء الأبناء ناقلينَ آخرين، أو غير ناقلين؟ تؤدي هذه التساؤلات إلى تعقيداتٍ كثيرةٍ بسرعة عالية.
لكن جهود العلماء حَصَرت تلك الإحصائيات وقَدّرتْ نسبة حصول تشوهات خَلقية في أبناء المتزوجين من الدرجة الأولى ب4-7%. علمًا أن هذه النسبة لعامّة الناس قدرها 3-4%. يبدو الفرق غير مهم لضآلته، صحيح؟ حسنًا إليك التالي: هذه الإحصائياتٍ لمرضٍ جينيٍ واحد وحسب، وربما هناك الآف الجينات المتنحية المختبئة في شجرة عائلتك.
إضافةً إلى ذلك، إن تزوج أولادك أبناء عمومتهم، وتزوج أولادهم أبناء عمومتهم كذلك، فإن هذا لوصفة لتحضير كارثة! لأن هذا الفعل لا ينتج جينات جديدة مفيدة لنسل العائلة، بل يعيد الجينات القديمة التي قد تكون خطرة.
ختامًا، لنأخذ إمبراطورالنمسا فرديناند الأول مثالًا. كان والداه أبناء عمومة من الدرجة الأولى، وكان جداه أبناء عمومة من الدرجة الأولى كذلك، لذا لم يكن بتلك الصحة حين ولد (مصابًا باستسقاء الرأس والصرع وفكه مشوه ويعاني اضطرابات عصبية شديدة). لذلك، إذا ما قُدّرَ لك الزواج من أقارب الدرجة الأولى، فلا تجعل ذلك تقليدًا عائليًا.
- ترجمة: أحمد يحيى
- تدقيق علمي ولغوي: موسى جعفر
- المصادر: 1