معيار كارل سيغان لاتخاذ قرارات أفضل

ابتكر رائد الفضاء والكاتب المشهور كارل سيغان قولًا مأثورًا اختصاره ECREE.

نقاط مهمة

  • نشر كارل سيغان القول المأثور «الإدعاءات الاستثنائية تتطلب أدلة استثنائية».
  • يمكن لهذا الأسلوب أن يمكننا من التصدي للمعلومات المزيفة.
  • أبدى مفكرون علمييون رأيًا مشابهًا قبل كارل سيغان بقرون.

أهناك كيانٌ قاهرٌ كليُّ المعرفة، يُدعى «الله»، يتحكم في شؤونا اليومية ويحكم على تصرفاتنا على أساسٍ فرديٍّ؟ أم أنَّ حياتنا يحكمها حاسوب خارق غير مرئي يسيطر على معظم أفعالنا، ضامنًا بذلك وجود حاجزٍ منيعٍ بيننا وبين الواقع يمنعنا من معرفة الطبيعة الحقيقة للأشياء؟ أو ربما هناك كائنات فضائية متقدمة، مسؤولة عن توجيه محاولاتنا الضئيلة للتحضُّر أو ​تستخدمنا كخنازير تجربة في تجربة لا نستطيع فهمها؟

مهما كان الذي يحصل فقد ابتكر رائد الفضاء الراحل كارل سيغان قولًا للتعامل مع مثل هذه الاقتراحات المهمة. قال سيغان «الإدعاءات الاستثنائية تتطلب أدلة استثنائية» والذي أصبح يدعى بمعيار سيغان. يُشار إليه أيضًا بالاختصار «ECREE».

وعلى الرغم من أنَّ سيغان جعل المقولة مشهورة بفضل برنامجه «الكون-Cosmos» في الثمانيات لكنه ليس بالضرورة أول شخص جاء بالفكرة. أشار المؤرخون لفكرةٍ مشابهةٍ أبداها عالم النفس السويسري ثيودور فلورنوي-Thédore Flurnoy سنة 1899 إذ قال: «يجب لقوة دليل الإدِّعاء الاستثنائي أن تكون متناسبًة مع شدة الإدِّعاء». أقام فلونوي بدوره فكرته على قولٍ من سنة 1814 للعالم والفيلسوف الفرنسي بيير-سيمون لابلاس الذي قال: «يجب أن ندرس الظاهرة التي تبدو متعذرة التفسير ونهتم بالدقة أكثر كلما بدا تصديقها أصعب».

عاد بعض المؤخرون للوراء أكثر إذ وجدوا جذور هذا النوع من التفكير عند نقاد القرن الثامن عشر مثل الفيلسوف ديفيد هيوم-David Hume، والذي كتب سنة 1748: «لا يوجد شهادة كافية لإثبات حدوث أعجوبة ما لم يكن تكذيب الشهادة أعجوبيًا أكثر من الحقيقة التي تحاول الشهادة إثباتها».

واليوم بينما لا زالت أعداد كبيرة من البشر تؤمن بالأعاجيب فنحن أيضًا نواجه العديد من المزاعم ذات الطبيعة العلمية وغير العلمية على حد سواء التي تطلب منا تصديقها. يمكن لECREE أن يكون أداةً مفيدةً تتذكرها في المرة القادمة التي تواجه فيها تصريحًا سياسيًا غريبًا، أو فيديو عميق التزييف-deepfake، أو إدعاء غير قابلٍ للإثبات حول إيجاد علاج للسرطان، أو رؤية الفصائيين. لا تعتبر التصريحات الغريبة صحيحة واطلب اثباتًا. كلما كَبُرَ الإدعاء زاد مقدار الأدلة المطلوبة لإثباته.

يصبح كشف الفيديو عميق التزييف أصعب.

وبينما تبدو الفكرة وراء معيار سيغان بديهيةً للوهلة الأولى فإنَّها كانت موضع نقد بالنسبة لعقولنا العصرية ذات التفكير العلمي. كان من بينها العالم الجيولوجي والجيوفيزيائي ديفيد ديمينغ-David Deming الذي جادل في أن قول سيغان لا يُعرِّف حقًا معنى كلمة «استثنائي». بعد كل ذلك، فإنَّ اعتبار شخص لشيء ما استثنائيا يتوقف على مستوى معرفته ومعتقداته. من يعرف القليل سيجد العديد من الأمور خارجة عن المألوف. يجب ألَّا ننسى أن الكثير مما نفهمه علميًا اليوم لم يكن كذلك حتى قبل مئة عام، فالعديد من الأمور التي نتفق كلنا عليها اليوم اعتبرتها الأجيال السابقة «استثنائية».

ما ينتج عن ذلك هو أنَّ المفهوم المشهور اُستخدم سابقًا لتعزيز العقيدة، وتشويه سمعة الابتكار والبحث باعتبارهما شذوذات في العلم، أو حتى الفرضيات السائدة ذات العديد من الأدلة التجريبية.

  • ترجمة: شادي الصعوب
  • تدقيق علمي ولغوي: نور عباس
  • المصادر: 1