الفوسفور ضروري للحياة، وهو آخذ في النفاد
يعد الفوسفور ضروريًا لجميع جوانب الحياة، فإضافته إلى النباتات المزروعة والنظام الغذائي للماشية يحسن المحاصيل الزراعية والحيوانية. لذا يشيع استخدامه سمادًا، وله دور مهم في تلبية متطلبات الغذاء في العالم.
ولكي نضيفه، فنحن أولًا بحاجة إلى استخراجه من شكله الخام، وعادةً ما يأتي الإمداد -بنحو حصري تقريبًا- من مناجم الفوسفات في المغرب (بكميات أقل بكثير من التي تستخرج من الصين والولايات المتحدة والأردن وجنوب إفريقيا). توجد معظم المناجم في الصحراء الغربية في المغرب، وهي مستعمرة إسبانية سابقة ضمها المغرب في عام 1975.
وبما أن أكثر من 70% من العرض العالمي يأتي من هذا الموقع الوحيد فإن ذلك يمثل مشكلة، خاصةً وأن العلماء يحذرون من أننا نقترب من «ذروة الفوسفور»، وهي النقطة التي يبدأ عندها الطلب في تجاوز العرض ولا يمكن للزراعة المكثفة أن تستمر في توفير الإنتاج الحالي، وفي أسوأ الأحوال، قد تنفد الاحتياطيات القابلة للتعدين في أقل من 35 عامًا.
يوجد الفوسفور في الطبيعة فقط مرتبطًا بالأكسجين، وهو ما يعرف بالفوسفات. ويمكن للكيميائيين إزالة الأكسجين المرتبط به للحصول على عنصر الفوسفور الأبيض الذي يضيء في الظلام، بيد أنه ليس مستقرًا، لدرجة أنه يشتعل تلقائيًا عند التعرض للهواء.
ينتشر الفوسفات بسهولة في التربة أو الماء، ويمكن أن تمتصه الخلايا. فعندما يلتقي الفوسفات بالكالسيوم أو الحديد الحر، يتحدان لإنتاج أملاح غير قابلة للذوبان بدرجة عالية.
نشر جوستوس فون ليبيج Justus von Liebig في النصف الأول من القرن التاسع عشر، قانون الحد الأدنى، والذي ينص على إن نمو النبات لايحدده إجمالى العناصر المتوفرة ولكن يحدده العنصر الأقل توفرًا في بيئة النمو. وسرعان ما اكتشف أن هذا العنصر الأقل هو نوع من الفوسفور.
نتيجة لذلك، استخدمت العظام الموجودة في ميادين القتال القديمة للزراعة نظرًا لاحتوائها في الغالب على الكالسيوم والفوسفات، واستخدم ذرق الطيور لتخصيب المحاصيل وهو تراكمات كبيرة من فضلات الطيور، تحتوي على تركيزات عالية من الفوسفور. لكن هذه الامدادات سرعان ما تستنفد مع زيادة الطلب، لذا كان لا بد من تعدين الإمدادات بدلًا من ذلك.
لكن هذه الأسمدة الفوسفاتية غير العضوية المطبقة عالية الحركة وتتسرب إلى المجاري المائية. بالإضافة إلى ذلك، فإن صخور الفوسفات تتساقط أيضًا في النهاية في المحيط حيث تترسب إما بشكل فوسفات الكالسيوم أو تمتصها الكائنات البحرية التي تترسب بدورها في قاع المحيط عند موتها. لذا لا يختفي الفوسفور الأرضي فعليًا، لكنه يمكن أن يتجاوز قدرتنا على الوصول إليه.
الفاقد الطبيعي
ومما يزيد الأمور تعقيدًا، ضياع الفوسفور الذي يمكننا استخدامه إلى حد كبير. فمثلًا، قد يصل الخمس فقط من الفوسفور المستخرج كسماد إلى الطعام الذي نأكله، وقد يتسرب بعضه، والبعض الآخر يرتبط بالكالسيوم والحديد في التربة. بعض جذور النباتات لديها القدرة على استخلاص الفوسفور، ولكن ليس بكميات كبيرة بما يكفي لاسترجاعه كله.
بالإضافة إلى هذه الأشكال غير العضوية، يُحوّل الفوسفات أيضًا إلى مركبات خلوية، مما ينتج عنه فوسفور مرتبط عضويًا، مثل الفوسفوليبيدات أو الفيتات. بعد موت الكائن الحي، تحتاج مركبات الفوسفور العضوية هذه إلى العودة إلى شكل الفوسفات القابل للاستخدام، ويعتمد مقدار الفوسفور المرتبط عضويًا الموجود في التربة على عدد ونشاط الكائنات الحية التي يمكنها القيام بذلك.
عادةً ما تكون التربة الزراعية غنية بالفوسفور غير العضوي، في حين في النظم البيئية المتوازنة، مثل الغابات والمراعي المعمرة، يسود الفوسفور المرتبط عضويًا. لكن الأراضي الزراعية غالبًا ما تنضب من الفوسفور أثناء ممارسات الحصاد وإدارة الأراضي مثل الحرث، ومن ثم إضافة الأسمدة المحتوية على الفوسفات.
يعد نشر الروث وتجنب الحرث طرقًا لزيادة الميكروبات في التربة، وبالتالي الحفاظ على المزيد من الفوسفور في شكل مرتبط عضويًا.
ومن هنا يمكن مواجهة مخاطر ذروة الفوسفور ببعض الحلول البسيطة، فمثلًا يعد تناول كميات أقل من اللحوم بداية تقنين استخدامه، وذلك بسبب استخدام كميات ضخمة لتربية الماشية من أجل اللحوم. وهناك احتمالات بمحدودية توافر الفوسفور في المحاصيل الزراعية وسوف تمتد لأبعد من ذلك مع نمو سكان العالم.
يهدر البشر أنفسهم الفوسفور، لأن معظم ما نتناوله نتخلص منه مباشرةً مرةً أخرى. لكن لحسن الحظ، طورت تقنيات لاستخراج الفوسفور من مياه الصرف الصحي، ولكنها في الوقت الحاضر مكلفة للغاية فلا يمكن أن تكون عملية.
شحة الفوسفور لا تعني اختفاءه، بل إن الاحتياطيات ذات التركيزات العالية القابلة للتعدين آخذة في النضوب. فنحن نزيد تراكيز الفوسفور البعيدة ونجعله في قاع المحيط. يتطلب الاستخدام المستدام للفوسفور قدرًا أكبر من التقدير والفهم للكائنات العديدة في التربة والدور الذي تؤديه في توزيع الفوسفور، وإلا لن يكون إطعام العالم بسعر مناسب ممكنًا.
- ترجمة: عبير زبون
- تدقيق علمي ولغوي: موسى جعفر
- المصادر: 1