القراءة تعزّز القدرة على الصمود لدى الأطفال المعرضين للخطر

مع بدء الأطفال عامًا دراسيًا جديدًا، تُشجَّع العائلات على القراءة لأطفالهم في المنزل، إذ يُظهر بحثٌ جديدٌ من جامعة جنوب أستراليا أنّ القراءة بصوتٍ عالٍ تضاعف قدرة الأطفال على الصمود في المدرسة ثلاث مرات، بالأخص لدى الأطفال المعرضين للخطر.

استكشفت الدراسة العوامل التي قد تعدّل التأثيرات السلبية لظروف الحياة المُعاكسة، بالتركيز على الأطفال في سنّ الابتدائية المبكرة الذين يُعانون من التعسف أو الإهمال، ووجدت أنّ القراءة في المنزل هي أكبر مؤشرات الصمود لكلٍّ من الفتيان والفتيات، في الأسر المتعثّرة.

وكانت هذه الدراسة الأولى التي أظهرت فوائد القراءة لتخفيف بعض المسارات الضارة لمعاملة الأطفال السيئة؛ فلطالما كانت القراءة للأطفال في المنزل مرتبطةً بالاستعداد للمدرسة وبالنتائج المدرسية.

وفي أستراليا في العام 2021، كان لدى ما يقرب من 300 ألف طفل، تتراوح أعمارهم من الولادة حتى عمر 17 عامًا، إخطارٌ واحدٌ أو أكثر لحماية الطفل مع مائة وخمس آلاف مسألة تحقيقٍ وما يقرب من خمسين ألف مسألة تعسّفٍ أو إهمالٍ مثبتة.

ووجدت الدراسة أنّ ضحايا سوء معاملة الأطفال كانوا أكثر قابلية للتطور من أقرانهم في بداية العام الدراسي.

وقال مترأس البحث، البروفيسور ليوني سيغال، إنّ هناك حاجةٌ ماسّةٌ لدعم هؤلاء الأطفال وعائلاتهم قبل بدء المدرسة؛ لأنّ القراءة أصبحت عاملًا أساسيًّا للنجاح.

ويقول: «إنّ البداية الجيّدة للمدرسة تُنبِئ عن النتائج اللاحقة، وإنّه لأمرٌ حيويّ أنّنا لا نحدّد فقط أولئك المعرضين مبكرًا للخطر، بل نجد أيضًا طُرقًا لدعم النمو العاطفي والاجتماعي والجسدي للأطفال قبل بدئهم المدرسة». ويضيف: «إنّ القراءة بصوتٍ عالٍ تظهر الكثير من النتائج الإيجابية للأطفال، إذ شجّعت تجربةٌ مشتركةٌ بين الأهل والأطفال الترابط، بينما ساهمت مباشرةً في نمو الأطفال من خلال عرض الكلمات والقصص عليهم».

«ويستفيد بشكلٍ خاصٍّ الأطفال -في العائلات المُكافِحة لخلق بيئةِ رعاية- من القراءة مع أحد الوالدين أو مع مُقدّم الرعاية، لأنّها تُحسّن قدرتهم على الصمود وتُبقيهم أكثر تطوّرًا وعلى المسار الصحيح، بغض النظر عن تعرضهم للمحن».

وحللت الدراسة التي تغطّي 65083 طفلًا من عمر الخمس إلى الست سنوات، الذين أكملوا تعداد التنمية المبكر الأسترالي عندما بدأوا المدرسة الابتدائية، وحدّدت أنّ 3414 طفلًا ممّن خَبِروا سوء المعاملة هم في خطرٍ عال.

ووجدوا أنّ الفتيان يأتون خلف الفتيات في النمو، بالأخص أولئك الذين تعرضوا للتعسف أو الإهمال.

وبحسب سيغال فيجب على قطاع التعليم النظر في استراتيجياتٍ تدعم الفتيان بشكلٍ أفضل في بيئات التعلم المبكرة.

فيقول: «وجدت دراستنا أنّ لدى الفتيان خطر أعلى في النمو من الفتيات، كالأطفال الذين يعيشون في المناطق النائية أو الريفية وأولئك الذين يعانون من ضعفٍ في القدرات الجسديّة أو الحسيّة أو التعليميّة. كلّ هذه المجموعات تحتاج إلى دعمٍ كبير جدًّا. وإنّه لأمرٌ مهمٌ إيلاء الاهتمام للفتيان وبالأخص أولئك الضحايا لسوء معاملة الأطفال. وإنّ تشجيع الأهل على القراءة لأطفالهم ليس كافيًا، فالعبء يقع على قطاع التعليم في تحديد آليات دعم الفتيان».

«ويمكن لذلك أن يشمل توظيف المزيد من المعلمين الذكور في بيئة الطفولة المبكرة والتأكيد أنّ مناهج التعليم تراعي الحاجات الخاصة للفتيان؛ فالذكور اليوم يشكلون 5% من القوى العاملة في ميدان التعليم المبكر كما أن وجودهم في المدارس يتراجع أيضًا».

لذا، فإنّ تعزيز توازن الجنسين للأساتذة يشكّل خطوةً مهمةً في مساعدة الفتيان. وإنّ فهم أيّ ميزات يمكنها مساعدة الأطفال الصغار ليكونوا أكثر قدرةً على الصمود، أو على العكس أيّ عوامل يمكنها وضعهم في خطرٍ أكبر، يمكنه تشكيل أساس التدخلات للأطفال ضحايا سوء المعاملة لتحسين مسارات حياتهم».

ويختم قائلًا: «إنّ كلّ طفلٍ يستحقّ فرصةً لمستقبلٍ مشرق. ويجب علينا ألا نتغافل عن أولئك المعرضين أكثر للخطر».

  • ترجمة: فاطمة قنبر
  • تدقيق علمي ولغوي: بهاء كاظم
  • المصادر: 1