لماذا يقلّ احتمال أن تكون قد ولدت في 25 ديسمبر عن أي يوم آخر؟ إليك السبب
إذا طلب منك شخص ما أن تحزر تاريخ ميلاده دون أن يقدم لك أي معلومات إضافية فلربما تجد نفسك في حيرة، كما أن احتمال أن تعطيه إجابة صحيحة هي 1 من 365، ومن ذا الذي بإمكانه أن يحزر تلك الإجابة الصحيحة!!
لقد تبين أنه بإمكانك أن تتلاعب قليلاً بهذه القاعدة، فهناك يوم في السنة يقل احتمال أن يولد أحدهم فيه، وهو يوم عيد الميلاد في 25 ديسمبر.
إنها ليست مزحة ولا مفارقة احتمالية بل حقيقة إحصائية عُثر عليها عام 1999 في ورقة بحثية تتحدث عن مشكلة في النظام الضريبي الأمريكي.
حيث سجل يوم 25 ديسمبر أقل عدد من الولادات وذلك في كل من الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا وهو يأتي أيضا في المرتبة الثانية بعد يوم 26 ديسمبر في كل من انكلترا وويلز وايرلندا.
وقد تمكن الباحثان ديكرت كونلين وأميتاب شاندرا باستخدام معلومات حصلا عليها من سجلات المواليد الأمريكية عن الفترة الممتدة من عام 1978 لغاية 1992 من سرد كل يوم من أيام السنة حسب احتمالية وقوع ولادة فيه وجمعت هذه البيانات في قائمة ونشرت في نيويورك تايمز عام 2006. وباستثناء يوم 29 شباط الذي يحدث مرة كل أربع سنوات تبين من القائمة أن اليوم الأقل احتمالاً لحدوث ولادة فيه كان يوم 25 ديسمبر.
إن الأمر لن يكون مثيراً لو كان هذا اليوم يوماً عادياً ليس له أهمية ثقافية… ولكنه يوم عيد الميلاد!!
هل هي مصادفة جعلت من هذه العطلة التقليدية يوماً لا يشعر الناس فيه برغبة في الولادة؟! هل هناك متغير بيولوجي يلعب دوراً ما؟ أم أن هناك شيئ ما مختلف تماماً؟
لقد وجد الباحثون أسباباً بيولوجية للزيادة والنقصان في معدلات الولادة خلال السنة، فمثلاً، تكون الولادات أواخر الصيف وفي الخريف أكثر شيوعاً منها في أي وقت آخر من العام، ويعتقد أن هذا يعود إلى مجموعة عوامل تربط أجسامنا بالعالم المتغير من حولنا، حيث تشرح مجلة Obstetrics and Gynecology في ورقة بحثية نشرت في 2001 فتقول: “تتضمن الفرضيات انخفاض جودة الحيوانات المنوية أثناء فصل الصيف، والاختلافات الفصلية في وظيفة الغدة النخامية الناجمة عن التغيرات في طول النهار، كما تتضمن الاختلاف في جودة البويضة أو تقبل بطانة الرحم”، كما افترضت الورقة أن زيادة النشاط الجنسي أثناء أعياد نهاية السنة هو تفسير سلوكي محتمل لبلوغ الحمل ذروته في ديسمبر، وتبقى كل هذه فرضيات بحسب الورقة وأن الأسباب الدقيقة لاتزال غير معروفة.
وبينما تفسر تلك الفرضيات وجود الكثير من الولادات في شهر سبتمبر إلا أنها لاتفسر عدم وجود ولادات في يوم عيد الميلاد، فإن عدنا الى الوراء تسعة أشهر ابتداء من موسم عطلات عيد الميلاد نكون في أواخر مارس أي أننا مازلنا بعيدين عن منتصف فصل الصيف الذي تؤثر فيه الحرارة بشكل كبير على صحة الحيوانات المنوية، فما الذي يحدث إذاً؟
في الحقيقة إن السبب الذي يجعلك لا ترجح الولادة في يوم عيد الميلاد هو سبب عملي، وبعيداً عن كونها مصادفة محضة، إن السبب في كون الناس لا يلدون في أيام العطلات هو أنهم في عطلة.
يقول زاكورسكي: “إن الأيام الأقل تفضيلاً للولادة في أمريكا هي أيام العطل كعيد الميلاد ورأس السنة الجديدة والرابع من يوليو وعيد الشكر، وتقل الولادات يوم 25 ديسمبر بنسبة 30% إلى 40% عنها في يوم الذروة من ذلك العام”.
إنك تعتقد أنه لاريمكن لأحد أن يتحكم بتاريخ ميلادك، في حين أنه في عالمنا الحديث يمكن جدولة ذلك بصورة أكبر مما تتخيل، فقد أشار زاغورسكي إلى هذه الفكرة بقوله: ”لا يحدد الأطباء أي موعد للولادة القيصرية في أيام العطل الرسمية أو العطل الأسبوعية “.
كما أن أكثر من ربع الولادات الطبيعية التي تكون عن طريق المهبل يتم تحريضها طبياً، ومن غير المرجح أن يتم هذا التحريض في الوقت الذي يفضل فيه الأطباء أن يحتفلوا بالعطلات مع عائلاتهم بدلاً من العمل، وتفضل فيه النساء الحوامل تلقي الهدايا عوضاً عن إجراء العمليات.
إن كنت أحد القلائل الذين يقدمون الهدايا للآخرين في عيد ميلادك، يمكنك أن تعزي نفسك بأنك من سلالة نادرة فأنت أندر بنسبة تصل إلى 40% من مواليد شهر سبتمبر والتي تكلف ولادتهم عشرة قروش.
- ترجمة: عبدالله دالي
- تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
- المصادر: 1