7 استراتيجيّات مجرّبة للتّغلّب على التشتّت

جميعُنا قد مرَّ بمثل هذه التّجربة، حيثُ نجدُ أنفسَنا نتصفّحُ وسائلَ التّواصلِ الاجتماعي عندما يجب أن نعملَ في مشروعٍ مهم، وعلى الرّغم من إصرارِنا على التّركيز لا يسَعُنا إلا أن نأخذَ هاتفُنا الخلوي في اللحظة التي نسمع فيها إشعارًا. ولاننسى البريدَ الإلكتروني! فإن لم نتحقّق منه كلّ خمس دقائق، نشعرُ بالقلقِ من أن نفتقد شيئًا مهمًا.

قد يبدو من المستحيل تجنّب التّشتت والذي بحسب الإحصائيّات يسبّب خسارةً كبيرةً في الإنتاجيّة. إذ تتم مقاطعة المدير كل 8 دقائق، ويقضي الموظفون عمومًا 28% من وقتهم في التّعامل مع الانقطاعات غير الضروريّة وفي محاولة العودة إلى المسار الصحيح.

إذًا كيف يمكنك استعادة السّيطرة على وقتك واهتمامك؟

فيما يلي7 استراتيجيات مثبتة للتغلّب على عوامل التّشتيت واستعادة تركيزك.

1- ضع نفسك في بيئةٍ خاليةٍ من المشتتات:

ابدأ في بناءِ عاداتٍ تساعدك على التّخلص من عوامل التّشتيت والاستمرار في التّركيز، كإنشاء بيئة تكون أقلّ إغراءًا للانشغال بشيء آخر غير الذي تعمل عليه.

ليس الأمرُ بهذه السّهولة دائمًا.. على سبيل المثال، يعتمد الكثير منّا على الحاسوبِ من أجل القيام بعمله عادةً، وعند استخدامه وهو موصول على الإنترنت سنجدُ أكبرَ عواملَ تشتيتٍ ممكنة. لذلك عندما تجد نفسك تتجوّل باستمرار في مواقع الفيديو أوالتسوّق، فحاول استخدامَ تطبيقٍ لحظرِ مواقع الويب.

اعزلْ نفسك عن مصادر الإلهاء من خلال بعض الممارسات البسيطة.. مثلًا، قم بإغلاقِ باب مكتبك، ضَعْ سمّاعات الرّأس العازلة عن المحيط الخارجي، وقمْ بإيقاف تشغيل هاتفك أو ضَعْهُ في وضعٍ صامت، واجعلهُ بعيدًا عنك (حتى لا تتمكّن من التقاطهِ بسهولة).

أمّا إذا كنت تعمل في مكتبٍ مفتوح، فقدْ تجد أنّه من المفيدِ الانتقال إلى مكانٍ أكثر هدوءًا.

لقد وجدَت الدّراساتُ أنّ التّشتّت يحدثُ بنسبة 64% في كثيرٍ من الأحيان في مكتبٍ مفتوح، إذْ يقاطعُنا الآخرون مراتٍ عديدةٍ في بيئةٍ مثلَ هذه.

جرّبْ إز9 الةَ أكبر عددٍ ممكن من الأعذار والأسباب التي تقلقك حتى تتمكن من جذبِ انتباهك الكامل إلى مهمّةٍ واحدةٍ فقط في كل مرّة، بدلًا من المهام المتعددة.

2- حدد ثلاث أهداف رئيسيّة كل يوم:

هناك قائمةٌ طويلةٌ من المهام التي يجب القيام بها يمكن أن تجعلَنا نشعرُ بالإرهاقِ ونشعرُ أنّها مستحيلةُ التّحقق، نحن مستعدّون للاستسلام حتّى قبل أن نبدأ، وذلك عندما يصبح من السّهل الاستسلام للمشتّتات.

يمكنك تعويض ذلك من خلالِ إعطاء نفسك 3 مهام لتحقيقها كل يوم.. حاول مثلًا أن تكتبها على ورقة لاصقة وانشرها حيث يمكنك رؤيتها في كلّ مرة تجد نفسك بلا عمل.

إن الحدّ من عدد الأهداف اليوميّة، يعني أنّك قد حدّدْتَ بوضوحٍ ما تحتاج إلى العمل عليه. وهكذا ستعمل بشكلٍ أكبر على هذه المهام، وسيكون عقلك أقلّ عرضة للضَّلال.

إذًا اسأل نفسَك كلّ صباح: ماهي أهمّ ثلاثة أشياء يجب إنجازها اليوم؟

يمكنك وضع أي مهمّة أخرى في قائمة مهام منفصلة تبدأ بها كونها الأقل أهميّة بمجرد تحقيق أول 3 أهداف.

3- حدّدْ للمهمّة المطلوبة وقتًا أقلّ مما تتطلّبه عادةً:

إنّ إنجازَ الأعمال بشكلٍ أكبر لا يعني بالضرورةِ أنّنا بحاجةٍ إلى المزيد من ساعاتِ العمل.

ينصُّ قانونُ باركنسون على أن “العمل يميل إلى التوسّع لملء الوقت المتاح لدينا لإكماله”.

والمقصود بهذا أننا عادةً ما نملأُ أيّ وقتٍ متبقٍّ باللهو. ويعودُ ذلك لأنَّ أذهاننا تميلُ إلى الحفاظِ على الطّاقة “الكسل” كلما أمكن ذلك.

فإذا لم يكن علينا بالضّرورة القيام بشيء ما، فهناك فرصةٌ جيّدة لعدمِ القيام به. وبدلًا من ذلك، سنسمح لأنفسنا بالانغماسِ في مقطع فيديو على YouTube أو باللعب على الهاتف.

بينما، عندما نواجه موعدًا نهائيّاً فإنّنا نطوّرُ فجأةً تركيزًا بشكل أسرع ونتجنبُ اللهوَ بأيّ ثمن. فأنت عندما تعلم أنّه يجب عليك إنجازُ شيءٍ ما، ستكتشف طريقةً ما للقيامِ بذلك.

لذلك من أجل التخلص من الملهيات، امنح نفسك وقتًا أقصر لإنهاء عملك. هذا يشبهُ إعطاءَ نفسِك موعدًا نهائيًا مصطنعًا، ولكن مقرونًا بمن يحاسبك. على سبيل المثال أخبر رئيسك أو عميلك أنك ستعطيه مسودة للمشروع بنهاية اليوم أو ابحث عن شريك مساءَلة يحاسبك على الوقت المستهدف.

ومع ذلك، فتحديدُ موعدٍ نهائي صعبٍ سيساعدك على تجنب اللهو وزيادة إنتاجيّتك.

4- مراقبة شرودك:

وفقًا لدراسةٍ أجرتها جامعة هارفارد، نحن نقضي ما يقارب 50% من وقت استيقاظِنا في التّفكيرِ في شيء آخر غير ذلك الذي يُفترض علينا القيامُ به. نحن نشبه الطيّار الآلي في ذكائنا لكن تميل عقولنا إلى الهربِ من جهد التّركيز في شيء ما.

لهذا مفتاح زيادة الإنتاجيّةهو: ملاحظةُ عقلك متى يتشتّت، ثمّ إعادة انتباهك إلى المهمة.

هذا يعني: الانتباه إلى أفكارك ومعرفة متى يبدأ عقلك في الانجراف معها. وبالتالي سيتيح لك هذا معرفةَ ما تركّز عليه وإعادة توجيه أفكارك عندما تنحدر، بدلًا من السماح لنفسك بالاستمرار في التجوّل على وسائل التّواصل الاجتماعي للتّحقق من صفحتك الشّخصية، فإنك بذلك تتوقّف عن التشتت.

انتبه إلى المشتّتات صعبةِ التجنّب بشكل خاص وحاول تداركها في وقتٍ أقرب. فعندما تشعرُ بالرّغبة في الاستسلام لإلهاءٍ ما، خذْ نفسًا عميقًا واخترْ عمدًا عدمَ الرّد عليه. لأنّه بمجرّدِ الاستسلام والسّماح لنفسك بالتّركيزِ على شيءٍ آخرَ مثل قراءة رسائل البريد الإلكتروني، يصبح من الصّعب إعادة تجميع قواك والعودة إلى المهمّة التي تقوم بها.

5- درّب عقلك ليصبح سهل التحكم به:

إن العقلَ مثلُ العضلات، فمن أجل استخدامه بفعّاليّة نحتاجُ إلى بنائه. لذلك نحن بحاجةٍ إلى تدريبِ أدمغتنا باستمرار من أجلِ زيادةِ تركيزنا. وهذا ما سيعزّز قدرتنا على التركيز لفترات أطول.

وللقيام بذلك إليك هذه الطريقة التي تدعى “تقنيّة بومودورو/الطماطم”، حيث تقوم بتعيين مؤقّت وتركّز تماما على مهمّة محددةٍ لفترةٍ من الوقت، مثل العمل 45 دقيقة متواصلة، ثم خذ استراحة لمدة 15 دقيقة.

وإذا كانت 45 دقيقة طويلة بالنسبة لك، فابدأ بشيء أسهل مثل 25 دقيقة، ثم امنحْ نفسك استراحةً لمدة خمس دقائق. لأن الغاية هي أن تجعلها لعبة؛ بأن تتحدّى نفسك للعمل بجدّ على مهمتك حتى يرنّ المؤقّت، ثم تسمح لنفسك بالانغماس في أي شكل من أشكال اللهو الذي تريده، ولكن فقط للوقت المخصّص، ثم بعد الاستراحة تعود إلى العمل مرّة أخرى حتى يرنّ المؤقّت.

إنّ نتائج تطبيق هذه الاستراتيجيّة مدهشة!

6- القيام بعمل أكثر تحديًا:

عندما يكون عملُك لايشغلك بمقدارٍ كبير فستواجه مشكلةً في التّركيز وتَشتّت الانتباه بشكل مزمن؛ لأنك تشعر وكأنّك تعملُ بجد طوال اليوم، وعقلك يحاربُ الملل متطلّعًا إلى ملء الوقت بشيء أكثر إثارة.

تتطلب المهام المعقّدة مزيدًا من الانتباه، ممّا يعني أن لدينا قدرةٌ عقلية أقلّ للبحث عن إلهاء. من المرجّح أن ندخل في حالةٍ من الانغماس الكلّي في العمل عندما يتمّ تحدي قدراتنا. بينما نشعر بالملل عندما تتجاوز مهاراتُنا متطلّبات عملِنا بشكلٍ كبير، كما هو الحال عندما نقوم بإدخال البيانات بلا معنى لعدة ساعات.

ولذلك يجب عليك تقييم مستوى العمل غير المنتج الذي تقوم به، وهل تواجه صعوبة في المشاركة في المشروع؟ قد يشير هذا إلى أنّ لديك القدرة على القيام بمشاريع أكثر تحدّيًا.

عندما نقوم بعملٍ أكثر تعقيدًا يرفع مهاراتنا وحدودنا الفكريّة، نصبح متشوّقين بشكلٍ كبيرٍ للمهمّة. إن عقولنا مُصَمّمةٌ للتّركيز على أيّ شيء جديدٍ أو مُمتعٍ أو مُهدِّد، كما أن التّعامل مع هذه المهام يمنحنا إحساسًا بالإنجاز. ولن نعيشَ مثل هذا الشعور بالإنجاز مع مهمة نعتبرها سخيفة.

7- كسر الحلقة المفرغة من التوتّر والتشتّت:

قد يلعب الإجهاد دورًا رئيسيًا في عدمِ قدرتنا على التّركيز أو التّغلّب على التشتت. ففي كثير من الأحيان نجدُ أنفسَنا نحاول العمل بينما نشعرُ بالإرهاق. وهذا بدوره مايجعلنا قلقين ومرهقين ونتشتّت بسهولة وغير قادرين على التّركيز.

سوف تكون عرضةً للتشتت أكثر عندما تكون تحت ضغطٍ كبير. وهذا ما يطلق عليه اسم: “القلق المُشتّت بسهولة”. والذي يشمل الأعراض التالية:

  • صعوبة في التّركيز، وتشتّت الانتباه بسهولة عن العمل الذي تركّز عليه.
  • صعوبة في تكوين الأفكار، والبقاء على المسار الصحيح أكثرَ من المعتاد.
  • تشعر بأنّ ذاكرتك قصيرة المدى، وليست جيّدة كما هي عادةً.

سيساعدك التّحكّم في التّوترِ على استعادةِ تركيزك والتغلّب على عوامل التّشتيت بسهولة أكبر؛ لذلك يجب عليك أن تجدَ طرقًا أخرى لتهدئة عقلك وإرخاء جسمك لكي تقلل استجابة الجسم للإجهاد.

لذلك عليك التّأكّد من الحصول على قسطٍ كافٍ من النّوم، وممارسة تمارين التنفّس، والبحث عن طرقٍ لاحتواء قلقك.

  • ترجمة: إلهام مخلوف
  • تدقيق علمي ولغوي: لميس الحلبي
  • المصادر: 1