أوّل شخصٍ رأى النطاف تمنّى لو أنه لم يفعل!

كشف بحث عميق من Salon عن حكاية غريبة لأنطوان فان ليفينهوك، العالم الهولندي الهاوي الذي اكتشف الحيوانات المنوية ليتمنّى لو أنّه لم يرها. قد تظنون أنه من الغريب أنّ الشخص الذي رأى واحدةً من أهمّ الخلايا في تكوين الخليقة تمنى لو أنها لم تكن، ولكن تبعًا لمعتقداته الدينيّة فإنه سيكون سعيدًا جدًّا لو حُذفت هذه الاكتشافات من سجلّاته.

بدأت مشاركة فان مرغمًا عنه في اكتشاف النطاف في مسقط رأسه ديلفت في جمهورية هولندا خلال القرن السّابع عشر. حينها كان يعمل في صناعة الأنسجة وبعد أن سئم من العدسات الرّديئة التي لم تكن قادرةً على إظهار الخيوط الجيّدة بشكلٍ مناسب، قرّر أن يصنع عدساتٍ بنفسه.

ابتكر مجاهر أحاديّة العدسة جعلت حياته أسهل ولكنّها حوّلته إلى عالم الميكروبيولوجيا الأول في العالم كما بدأ باستخدام هذه المجاهر للنّظر في عجائب العالم الطبيعيّة الدقيقة. شاهد البلاك بين أسنانه حيث وصفه بأنّه “سميك كخليط ممزوج”، وكائنات الدردوري (فورتيسيلا: جنس من محيطيّات الأهداب) التي وجد أن حركتها تؤدي لتحويل مسارها.

قادته استكشافاته لعالم الميكروبات في رحلة عبر الأنسجة الحيوانية والنباتية بفضل مجهره الخاصّ كما أخبرَ عن هذه الاكتشافات خلال رحلته. وبطبيعة الحال، كانت مجرّد مسألة وقت قبل أن يطلب منه أحدهم أن ينظر إلى بعض الحيوانات المنويّة.

ويكفي القول أن فان ليفينهوك لم يستوعب الفكرة وكانت شكوكه حول ملائمةِ البحث في مجتمع متديّن واضحة في علاقاته.

يظهر تقرير من Smithsonian (المجلة التي احتفظت بأكثريّة اكتشافاته) ما كتبه ليفينهويك إلى المجتمع الملكي: “في حال اعتبرتم سيادتكم أنّ هذه الملاحظات قد تثير الاشمئزاز أو تفضح المتعلّمين، أتوسّل بجديةٍ لحضرتكم أن تعتبروها خاصةً وتقوموا بنشرها أو تدمّروها وفقًا لما ترونه مناسبًا”.

تمّت الموافقة في نهاية المطاف ولكنّ منهجيّته كانت مقيّدة بسبب معتقداته الدينيّة ما يعني أن العيّنات الوحيدة التي كان على استعداد لجمعها لبحثه كانت تلك التي حصل عليها بشكلٍ طبيعيّ من علاقته الزوجيّة أي باختصار، من زوجته.

ومن خلال النّظر إلى السّائل تحت المجهر، حدّد حيوانات ميكروسكوبية وبينما اعتُبرت تقنيًا أوّل اكتشافٍ للنطاف، لم يكن لديه أدنى فكرة عمّا كان ينظر إليه، لقد وصف “الحيوانات الميكروسكوبية” في نماذج مأخوذةٍ من أفواه الرّجال والنساء ولكنّ هذه المخلوقات المتناهية الصّغر ربما كانت بكتيريا والتي إلى جانب الأوليّات والخلايا الدمويّة والخيطيّات ووحيدات الخليّة كان ليفينهوك أول من يتعرف عليها جميعًا.

في القرن السّابع عشر، لم يتم استيعاب فكرة دمج الأعراس (الخلايا الجنسيّة) لتكوين الجنين من قِبل العقول البشرية القلقة حينها، ولم يتم البحث عن الديدان الطفيلة إلا بعد وقت طويل ما أدى لظهور تسمية (الحيوانات المنوية spermatozoa)، وهي الاسم المنمّق للنطاف.

أمعن فان ليفينهوك في بحثه الخاص النظر في الحيوانات المنوية للأحياء الأخرى، وفي حين قدّم اقتراحاته عن دور هذه المنويّات في “التناسل”، إلا أنه لم يرفقها بشيءٍ واقعيّ فعلًا خلال حياته.

تابع الكالفينيّ الخجول عمله في تجارة الأجواخ إلى جانب البحث عبر مجاهره. لربّما لم يكن مساهمًا راغبًا في اكتشاف النطاف ولكنّ عمله شكّل لحظةً محوريّة في فهمنا للحياة والتطوّر.

وهذا ليس أمرًا سيئًا لشخصٍ أراد فقط أن يصنع ملابسَ جميلةً.

  • ترجمة: إيلين فرح
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1