حاصرات بيتا: كيف يمكن لأدوية القلب الشائعة هذه الحد من خطر العنف؟
تستخدم حاصرات بيتا بشكل شائع لعلاج الاضطرابات القلبية كارتفاع التوتر الشرياني، ألم الصدر واضطراب نظم القلب والفشل القلبي.
في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، تُوصَف حاصرات بيتا لواحد من خمسة بالغين تتراوح أعمارهم بين 60 و79 عامًا.
في دراسة حديثة، وجدنا أن استخدام حاصرات بيتا مرتبط بمعدلات أقل للعنف، ولاكتشاف الأسباب، دعونا نبدأ ببعض المعلومات الرئيسية:
تعمل حاصرات بيتا على حجب هرمونات التوتر والنواقل العصبية الأدرينالين والنورأدرينالين. تلعب هذه النواقل دورًا هامًا في استجابة (القتال أو الهروب_fight or flight). في حالات الشدة، يحث الأدرينالين والنورأدرينالين الدماغ والجسم للعمل من خلال زيادة كمية الدم التي يضخها القلب.
حاصرات بيتا تمنع تأثير هذه الهرمونات، ما يبطئ معدل ضربات القلب، يخفض ضغط الدم، ويقلل من التوتر. لهذا السبب، قد تستخدم حاصرات بيتا في بعض الأحيان لعلاج بعض الاضطرابات النفسية والسلوكية الشائعة كالقلق، الاكتئاب والعدوانية.
في السنوات الأخيرة، زاد وصف حاصرات بيتا للقلق. كما تم استخدامها أحيانًا في عيادات ومستشفيات الطب النفسي لإدارة العدوان والعنف لدى المرضى.
في الوقت عينه، كانت هناك مخاوف من أن مستخدمي حاصرات بيتا قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والانتحار.
لكن الدراسات متضاربة في هذا الصدد؛ حيث وجد بعضها أن حاصرات بيتا تقلل المشاكل النفسية والسلوكية ووجد البعض الآخر أنها تزيد منها، والبعض لم يجد أية علاقة.
الأدلة المتضاربة تترك الأطباء أمام قرارات صعبة للعلاج. هل حاجبات مستقبلات بيتا فعالة في علاج الاضطرابات النفسية والسلوكية؟ أو أنها بدلًا من ذلك تزيد خطر الإصابة بمشاكل الصحة العقلية الخطيرة؟
ماذا فعلنا؟
للإجابة على هذا، درسنا 1.4 مليون شخص في السويد عولجوا بحاصرات بيتا. تابعناهم على مدى ثماني سنوات، من 2006 إلى 2013. وددنا معرفة ما إذا كان لاستخدام حاصرات بيتا علاقة بمشاكل الصحة العقلية، العنف، محاولات الانتحار والوفيات نتيجة الانتحار.
حددنا مستخدمي حاصرات بيتا عن طريق تحليل البيانات من الصيدليات السويدية وتابعنا الأشخاص من خلال سجلات الرعاية صحية، سجلات الجريمة، وسجلات الوفاة المختلفة. كانت دراسة رصدية (قائمة على الملاحظة)، ما يعني أننا لاحظنا أنماطًا من الصحة العقلية والمشاكل السلوكية من خلال فحص هذه النتائج في السجلات.
عادةً، في دراسة رصدية كهذه، تتم مقارنة مستخدمي حاصرات بيتا بغير المستخدمين، ولكن قد تختلف المجموعتان في السمات المهمة مثل التاريخ النفسي، ما يجعل من تفسير النتائج أمرًا صعبًا؛ هل الاختلافات المرصودة هي بسبب حاصرات بيتا؟ أم أن الأمر يتعلق بالمخاطر الرئيسية عند كل من المجموعتين؟
لذلك، قمنا باستخدام تصميم دراسة حيث نقارن الأشخاص بأنفسهم في فترات مختلفة، قبل استخدام حاصرات بيتا وبعده. بهذه الطريقة، يمكننا تفسير تأثير العوامل الفريدة لكل شخص، مثل تاريخ الأسرة والطفولة أو التاريخ النفسي.
وجدنا أنه عندما كان الأشخاص يتناولون حاصرات بيتا، كان لديهم خطر أقل بنسبة 13% باتهامهم بارتكاب جريمة عنف من قبل الشرطة. كما كان لديهم أيضًا خطر أقل بنسبة 8% للدخول إلى المستشفى بسبب مشاكل الصحة العقلية. ومع ذلك، امتلكوا خطرًا أعلى بنسبة 8% للعلاج من محاولات الانتحار، والموت نتيجة الانتحار.
ثم قمنا بإجراء تحاليل ثانوية حيث فحصنا مجموعات فرعية من مستخدمي حاصرات بيتا، على سبيل المثال أولئك الذين يملكون تاريخًا للعنف أو المشاكل النفسية. كان انخفاض خطر توجيه الاتهام بارتكاب جريمة عنيفة عند استخدام حاصرات بيتا ثابتًا في جميع المجالات.
عندما فصلنا حالات الاستشفاء للمشاكل النفسية إلى اضطرابات اكتئاب واضطرابات قلق، وجدنا خطورة أقل للاستشفاء بسبب اضطرابات الاكتئاب الرئيسية، ولكن ليس لاضطرابات القلق. كما وجدنا أن الخطورة الأعلى لمحاولات الانتحار والوفيات بالانتحار كانت مخصصة للمرضى المصابين بأمراض القلب الخطيرة أو لديهم تاريخ للاضطرابات النفسية.
كما نعلم من بحوث سابقة أن هناك خطورة أعلى للانتحار تلي المشاكل القلبية الخطيرة، حيث يمكن أن تراود الأشخاص أفكار تشاؤمية، أو يمكن أن يكونوا غير متأكدين من المستقبل أو قلقين بشأن صحتهم. لذا يمكن أن يكون الضيق النفسي المرتبط بمشاكل القلب، وليس العلاج بحاصرات بيتا، هو التفسير الرئيسي وراء محاولات الانتحار المتزايدة ووفيات الانتحار التي لوحظت في دراستنا.
هل يمكننا استخدام حاصرات بيتا للتحكم بالعنف؟
نتائجنا حول العنف تتماشى مع الأدلة من التجارب الصغيرة على العلاج بحاصرات بيتا. ومع ذلك، قمنا بزيادة عينة الدراسة، وفحصنا إجمالي عدد السكان، ووسعنا أيضًا النتيجة لتشمل الجريمة.
التفسير المحتمل لنتائجنا هو أن حاصرات بيتا تساعد في التحكم في استجابة (القتال أو الهروب) في المواقف العصيبة، لذلك هناك انخفاض في التهيج والتوتر الذي قد يؤدي إلى سلوك عنيف.
بما أن هذه دراسة رصدية، فلا يمكنها إظهار أن حاصرات بيتا تسبب انخفاضًا في العنف، وإنما يمكنها إظهار وجود علاقة. ولفهم دور حاصرات بيتا في العنف، نحتاج لدراسات تستخدم تصاميم أخرى (مثل التجارب العشوائية ذات الشواهد والدراسات المختبرية التجريبية).
إذا أكدت هذه الدراسات نتائجنا، فيمكن استخدام حاصرات بيتا على نطاق أوسع لإدارة العنف عند بعض الأشخاص، لاسيما أولئك الذين لديهم عوامل خطر رئيسية مثل المشاكل النفسية الخطيرة. نظرًا لأن العلاجات القائمة على الأدلة للعنف محدودة، فمن المحتمل أن تكون هذه نتيجة مهمة.
- ترجمة: ناديا أبو سمره
- تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
- المصادر: 1