أنا كاتب مُحترف، ولست خائفًا من ChatGPT
- جيك ميث هو كاتب يعتقد أن أدوات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي (المُحوّل التوليديّ المُدرَّب مُسبقًا للدردشة) لا تُشكل ذاك التهديد الذي يتصوره الكتاب.
- يقول ميث إن إصدار المقالات سريعًا بُغيةً في جذب الانتباه لمحركات البحث هو ما يُجيده الذكاء الاصطناعي.
- إن الكُتّاب الذين يمتازون بالإبداع والموهبة سيكونون على ما يُرام، لأن شات جي بي تي لا يمكنه القيام بأي شيءٍ غير المحاكاة والتقريب.
لقد قرأتُ الكثير مؤخرًا عن ظهور شات جي بي تي (المُحوّل التوليديّ المُدرَّب مُسبقًا للدردشة)، وكيف له أن يُنذر بنهاية كُتاب محترفين مثلي، ومع ذلك فأنا لست خائفا؛ فمثل تلك الأدوات تُعلي من قيمتنا. كيف ذلك؟
الأمر بسيط؛ شات جي بي تي ملائم في كتابة ما هو جيد، وفي الوقت نفسه تقنية سيئة في كتابة ما هو ثمين وعظيم.
لقد رأى معظمنا الآن نماذجَ لما ينتجه شات جي بي تي. وهو أمرٌ مذهل مقارنةً بما هو متاح للعامة حتى وقتنا هذا من ذكاءٍ اصطناعي مكتوبٍ آخر.
إنها تُعد أداة ذات قيمة في حال كنت تبحث عن إجابات لأسئلة تخلو إلى حدٍ ما من التعقيد. وهذا يُمثل تهديدًا لمُمتهني الكتابة، المعنيين بنشر الكثير من المحتوى يوميًا. وتجدر الإشارة إلى أنه قد تمّ إضفاء طابع السلع إلى هذا النوع من الكُتاب قبل ظهور روبوت المحادثة شات جي بي تي.
ويتبين بمزيدٍ من الوضوح أن إصدار المقالات سريعًا، بُغيةً في جذب الانتباه على محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي، ليست مهارة خاصة كما ينبغي لإبعادك عن المنافسين. فنحن نرى بالفعل ما يحدث؛ إذ أعلن كلٌ من شركة بازفيد وموقع سي نت أنهما يقدمان الذكاء الاصطناعي مساعدةً منهما في عمل المقالات. ومن ثمّ فرؤية التبني السريع لذكاءٍ اصطناعي كهذا يُعد سببًا كافيًا للتفكير في الخطوات التالية.
لا أرى الذكاء الاصطناعي الحالي يحلُ محلي
إنني متخصص في كتابة مقالات الرأي لزبائني. وهذا العمل يعتمد جزئيًا على قدرتي في الكتابة، حتى أنني لا أعد نفسي كاتبًا عظيمًا. لذا إن كنت تبحث عن شخصٍ لتأليف مقطوعات جميلة تجعل عين القراء تذرف الدمع، فعليك البحث في مكانٍ آخر. ولكن هذا لا يُمثل مشكلة لدي؛ فزبائني لا يبحثون عن روائي، إنما يبحثون عن شخصٍ يساعدهم في تحقيق هدفهم بأن يصبحوا قادة فكر يتسمون بالاحترام؛ وأنا أعلم كيف أستخرج أفضل الأفكار لديهم من أجل كتابة مقالات رأي مقنعة.
تكثر هذه المهارات المتخصصة في عالم الكتابة المهنية، فهي متنوعة بقدر ما هي عميقة. ومن الجدير بالذكر أن الصحفيين الجيدين يحرزون سبقًا صحفيًا أفضل من أي شخص آخر؛ إذ لديهم سلسلة مصادر حافلة يمكنهم الانتفاع بها متى احتاجوا إلى معلوماتٍ داخلية. علاوةً على ذلك، يتمتع كُتاب الخطابات بمهارات استثنائية تراعي ما يهم الجمهور، وبالتالي يفصلون الخطب للمتلقين تفصيلًا.
روبوت المحادثة شات جي بي تي وبرامج الذكاء الاصطناعي الأخرى ليست الأفضل- إنها ذات مستوى متوسط
لقد رأى الكثير منّا القصائد البارعة التي يقدمها شات جي بي تي، ولكن بعد حدوث الصدمة الأولية، يأتي إدراك أن هذه القصائد ما هي إلا مجرد متوسطات، أي تقريبات لما تبدو عليه القصيدة المقبولة بناءً على مليارات النماذج. وفي النهاية سيكون كلٌ من الشعراء الموهوبين والكُتاب المبدعين الآخرين على ما يُرام. تجدر الإشارة إلى أن شات جي بي تي لا يمكنه القيام بأيٍ من هذه الأشياء. وفي الوقت الذي يستطيع فيه ذلك فالأرجح أني سأكون قد رحلت منذ فترة طويلة، وربما أنتم كذلك.
في واقع الأمر أن هذه المهارة من الكتابة الاحترافية لا علاقة لها بالكتابة، إنما تتعلق بما يفعله الكُتاب وقتما لا يجلسون بمقاعدهم، مما يجعل ما يكتبونه في نهاية الأمر في غاية الروعة.
لا يساورني الخوف حِيال الذكاء الاصطناعي؛ لأنني أستخدمه لصالحي
إنني أقوم بما أفعله أفضل بكثير مما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي، وهو ما يميزني عن ممتهني الكتابة الآخرين الذين تعذر عليهم إيجاد طريقهم؛ لذا فأنا أتعاطف معهم. ومن ثمّ، فكما هو الحال في كافة التغيرات التقنية، فإن إمكانية استبدال الوظيفة هي أمر واقع ومخيف أيضًا. ولكن في الوقت ذاته من المهم أن نعرف لماذا أصبحنا كُتابًا في المقام الأول؛ إذ إن الهدف لم يكن أبدًا مجرد معالجة المعلومات واستعادتها، بل يكمن في نقل المفاهيم والأفكار التي بدورها تُطلع وتفاجئ وتُعلّم وتحث.
في خلال الوقت الذي قضيته في وسائل الإعلام، رأيتُ العديد من الكُتاب يجمعون معلوماتٍ طائشة ومتكررة بأجرٍ منخفض. ومن ثمّ، فقد يكون شات جي بي تي نعمة، رسولٌ أرسلته آلهة الذكاء الاصطناعي دون قصدٍ؛ لتذكيرنا أن نفخر بمهنتنا مرة أخرى.
نصح لأي كاتب يرتعد من الخوف حاليًا في ظل بزوغ شات جي بي تي
- عليك بالتخصص. وإن كنت متخصصًا سلفًا، تعمق في تخصصك.
- فكرْ بجدية فيما تُجيده بشكلٍ خاص. حتى إن كنت تكتب تغريدات بشكلٍ موجز، فلا بد أن يكون لديك بالفعل شيء تعبأ به أو يمكنك القيام به بنحوٍ أفضل كثيرًا من الآخرين. اعتمدْ على ذلك بقدر ما تستطيع. وإن كنت تشعر حقًا ألا شيء فريد لديك لتقدمه، فلا بد لك أن تبدأ في تنمية بيئة ملائمة لك، أو أن تبحث عن مجال عمل مختلف.
إنها لحقائق مؤلمة، ولكن لا علاقة لذلك بالعدل والإنصاف، بل كل ما في الأمر يتعلق بحمايتك لنفسك من التقادم، وتطوير مهاراتك كي تتلاءم بشكلٍ أفضل مع الاقتصاد الحديث.
إذا كان بإمكانك فعل ذلك، فلا داعٍ للقلق.
- ترجمة: مها عيد يماني
- تدقيق علمي ولغوي: موسى جعفر
- المصادر: 1