هذه المجرة الغريبة تنفث البلازما نحو أصدقائها
نحن لا نعرف ما فعلته المجرّة المسماة RAD12-B، ولكن لا بدَّ أنها قد فعلت شيئًا بشعًا.
وذلك لأن المجرة المرافقة لها قامت بإطلاق شعاع بلازما ساخن مباشرةً نحوها، في ما يبدو -وكبشريين في تفسيرنا للأمور- أنّه هجومٌ مستهدف.
تم اكتشاف ذلك خلال الملاحظات التي قدمها فريق بقيادة عالم الفلك “أناندا هوتا/Ananda Hota” من جامعة مومباي في الهند، وهذا هو الزوج السادس من المجرات الذي تم العثور عليه يشارك في هذا النوع من نشاط إطلاق البلازما، ولكن نظام “RAD12” فريدٌ من نوعه لعدة أسباب، والعلماء لا يعرفون تلك الأسباب بعد.
للأمر سمة فريدة، وهي أنه لأول مرة نشاهد مجرّةً تطلق شعاع بلازما نحو مجرّةٍ أكبر منها!
والأمر الآخر، أن هناك شعاع بلازما واحدًا فقط. لقد رأينا العديد من المجرّات تطلق إشعاعاتٍ من البلازما إلى الفضاء، وعادةً ما تأتي هذه الإشعاعات بشكلٍ ثنائي. لذا فإن سبب وجود شعاع واحد في “RAD12” لا يزال غامضًا.
تعتبر النفاثات البلازمية عالية السرعة التي تطلق إشعاعات بأطوالٍ موجية راديوية شيئًا شائعًا نسبيًا في الكون وتعرف بالمجرات الراديويّة، ويتم إطلاق الإشعاعات من نواة المجرة. يعتقد العلماء أنّ الثقب الأسود فائق الكتلة في مركز المجرّة هو المسؤول عن ذلك.
تحاط الثقوب السوداء فائقة الكتلة في المجرات عادةً بكمياتٍ هائلة من المادة، تدور حولها في قرص وتسقط عليها من الحافة الداخلية لها. لكن عملية التجمع هذه تكون غير منظمة، ولا تسقط كل المادة من الحافة الداخلية للقرص بعيدًا عن حدث الأفق، فبعضها ينحرف ويتسارع على طول خطوط المجال المغناطيسي حول الثقب الأسود من الخارج.
تنتقل هذه المادة إلى قطبي الثقب الأسود، حيث تنطلق إلى الفضاء بسرعات تقترب من سرعة الضوء في الفراغ، محطّمةً مسافاتٍ هائلةً عبر الوسط بين المجرات، وتعمل على تسريع الإلكترونات التي تنبعث منها موجات الراديو.
هناك الكثير حول هذه العملية التي لا نزال لا نفهمها بشكلٍ كامل، ولكنها غالبًا ما تُرى في المجرات الإهليلجية -تلك التي تبدو بشكلِ كُرَيّات غامضة ولا تمتلك الهياكل المرتّبة التي تمتلكها مجرات الدوامة-.
وعادةً لا يحدث الكثير من تكوين النجوم في المجرات الإهليلجية، فمعظم النجوم داخلها قديمة، ولا تحتوي على موادٍ كافية لتكوين المزيد من النجوم. يُعتقد أن تلك الأشعة المضيئة لها دورٌ في ذلك، إذ توفر “ردود فعل” تثبط تكوين النجوم.
وكانت المجرة “RAD12-B” معروفةً على بعد مليار سنةٍ ضوئية منذ عقود، لكن لم يتم الكشف عن مدى غرابتها بالكامل إلا من خلال مشروع علمي بمشاركة المواطنين لتحليل البيانات التي جُمِعتْ باستخدام تلسكوب GMRT الضخم للموجات الراديوية في الهند والذي يُعرف باسم “RAD@home”.
المجرّتان في النظام تخضعان لعملية الاندماج، وتفصل بين نواتهما مسافةً تبلغ 414,000 سنةً ضوئية. وبالتجمع معًا، يبلغ طول النظام بأكمله 440,000 سنة ضوئية، وهو أكبر بكثير من مجرة المضيف التي تحمل الشعاع (على الرغم من أنه من المألوف أن تتجاوز أشعة الراديو في الطول قطر مجرتها المضيفة).
هذا يعني أن الشعاع يصطدم ب RAD12-B، ولكن على عكس أنظمة المجرات الخمس الأخرى من هذا النوع، لا يُظهر RAD12-B أيَّ علاماتٍ على وجود ردود فعلٍ إيجابية، أي نشاط متزايد لتكوين النجوم.
ويشكّل الشعاع المفرد للمجرّة المضيفة لغزًا حقيقيًا. من الممكن أن يكون هناك شيءٌ ما حال دون هروبه، مثل “القوقعة” المكونة من النجوم حول المجرة التي تم إنشاؤها بفعلِ الاندماج السابق والتي تقوم ب “احتجاز الوسط بين النجمي” وتسببت بحدوث مناطق ذات كثافة عالية. كما شهدنا حالات يتم فيها انحناء وتحوّل شعاع الراديو بفعل الحقول المغناطيسية القوية في الفضاء.
وسوف يستلزم معرفة ما يحدث بالضبط في RAD12 عملًا إضافيًا، بما في ذلك الملاحظات باستخدام تلسكوبات متعددة، ولكنه يعد بأن تكون حالةً مثيرة للاهتمام بالفعل.
تم نشر البحث في “Monthly Notices of the Royal Astronomical Society” العام الماضي، وتم قبوله للنشر في “The Multimessenger Chakra of Blazar Jets: Proceedings of the 375 th Symposium of the International Astronomical Union”.
- ترجمة: محمد فواز السيد
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1