خمسة أسرار لزواج ناجح
عُهد إليَّ بإلقاء كلمة في يوم زفاف ابني وعروسه الجميلة. ورحت أبحث عن موضوع يبقى محفورًا في ذاكرتهما إلى الأبد، لذا اخترت الحديث عن خمس نصائح ذهبية من شأنها أن تساعد الشباب المقبلين على الزواج في تشييد صرح زواج منيع. وكل هذه النصائح، باستثناء الأولى، تقبل التطبيق على العلاقات المهمة كافة.
1- الزوجة سعيدة عماد الحياة السعيدة
ربما تتطلب هذه المقولة تعديلًا بسيطًا في عام 2023 لتصبح «الشريك السعيد عماد البيت السعيد». إذ إن العمل على ضمان سعادة الشريك جزء مهم جدًا من العلاقة الناجحة.
غالبًا ما تختبئ تلك السعادة في اللفتات الصغيرة، كأن تقول لشريك حياتك «أحبك»، أو تمد له يد العون في الأعمال المنزلية، أو تهدي إليه هدية رمزية، أو ترافقه في هوايته المفضلة. وأحيانًا ستتطلب إيجاد حل يُرضي كلا الزوجين، كالانتقال إلى منزل جديد، أو تغيير الحياة المهنية لأحدهما، بل حتى تغيير دوائرهما الاجتماعية.
ولا بدَّ لكلا الزوجين أن يكون صادقًا مع نفسه في رحلة تكيّفه مع شريكه، فيضمن أن ذاك التكيف يتوافق إلى حد بعيد مع منظومة معتقداته الشخصية الجوهرية، لأن الأشخاص الذين يهملون ذلك الجانب قد ينتهي بهم الأمر إلى الشعور بالاستياء، وهذا يجب علاجه لضمان نجاح العلاقة على المدى البعيد.
2- ما الذي يهمك أكثر، أن تكون سعيدًا أم على صواب؟
السؤال الذي يتكرر باستمرار هو ما إن كانت المجادلة بين الزوجين تؤتي ثمارها أم لا؟ هنا سيكون من المفيد أن يضع الشريكان المقولة التالية نصب أعينهما: «أي الكفتين ترجح عندك، أن تكون سعيدًا أم محقًا؟».
إن لم تكن المسألة الخلافية بتلك الأهمية، فإنها لا تستحق الصدام وإن اختلفت الآراء. في هذه الحالة، على أحدهما أن يتنازل للطرف الذي يهمه الموضوع أكثر، فتستمر علاقتهما دون أن تعرقلها هذه العقبات البسيطة.
وإن كنت تود معرفة ما إن كانت المسألة تهمك أم لا، فاسأل نفسك «هل ستكون هذه المسألة مهمة بعد عام؟».
3- التواصل
إن الإصغاء إلى الشريك من أساسات العلاقة الناجحة المبنية على الثقة والاحترام المتبادل. ومن أنجح الوسائل التي تضمن إحساس الزوج بقيمته عند شريكه هي أن يبدي الطرف المصغي تفهمه للموضوع الذي طرحه شريكه، وبهذا يتيقن المتكلم من إنصات شريكه لما يقوله وإن خالفه الرأي.
ومن الطرق التي تؤكد فيها إصغائك للشريك أن يحتوي ردك على «نعم، و…»، على سبيل المثال، إذا صرَّح أحد الشريكين برغبته في شراء سلعة جديدة باهظة الثمن، ولم يستطع الطرف الآخر تحمل تكاليفها فإن أفضل إجابة ممكنة هي «نعم، سنشتري تلك السلعة، وذلك بعد أن ندخر ما يلزم من نقود لنحصل ثمنها».
وكلمة «بَعْد» من الإضافات التي تستطيع استخدامها للتأكيد، كأن تقول «أنا أتفهم رغبتك في شراء هذه السلعة، ولكنني أخشى أننا لا نستطيع تحمل تكلفتها بعد».
4- التغافل عن الماضي
عندما يتناقش الشريكان عن الصعوبات التي تعرضوا لها في الماضي، فمن المفترض أن تكون الغاية من تلك المناقشة التعلم من الأخطاء السابقة والعمل على الاستجابة لها بطرق أكثر فعالية في المستقبل، لا رفض الصفح عنها خوفًا من عواقبها المزعجة إذا ما تكررت ثانية، أو استخدامها عصًا لتقريع الشريك.
إن استحضار الذكريات السيئة المتعلقة بشخصية الشريك أمر أبعد ما يكون عن الصواب والحكمة، لذلك ينبغي ألا يتمحور الخلاف حول صحة الذكريات. بدلًا من ذلك، على الشريكين أن يضعا نصب أعينهما استحالة معرفة ما حدث بالضبط، إذ من المحتمل جدًا أن تكون تلك الذكريات مشوبة بالخطأ والنسيان. ولهذا فمن مصلحة الشريكين أن ينشغلا بالاتفاق على صيغة محددة يتعاملان من خلالها مع الأحداث المشابهة في المستقبل.
وفي معظم الأحيان يكون للتسامح دور أساسي في تجاوز الماضي، وتذكر أنك عندما تختار الحقد على التسامح فإنك تؤذي نفسك لا غيرك. واعلم أن التسامح شيء ونسيان ما حدث شيء آخر.
5- خاتم الملك سليمان
أما عن نصيحتي الخامسة والأخيرة، فسأصحبكم إلى قصر الملك سليمان الحكيم لأقُصَّ عليكم ما حدث فيه ذات يوم. في أول يوم من أيام الربيع استدعى الملك سليمان رئيس خدمه إلى فناء القصر، وكلَّفه بالمهمة التالية «أريد منك أن تعثر لي على خاتم ذي قوة خاصة، يحزن كل غني ويسعد كل فقير يلبسه، وسأمهلك عامًا كاملًا لتنجز هذه المهمة».
خرج الخادم مسرعًا من القصر وبدأ البحث عن خاتم بهذه المواصفات. وما إن انصرف حتى أقبل الملك على مستشاريه وقال لهم هامسًا «لقد كلَّفته بهذه المهمة رغم علمي باستحالة أن يجد خاتمًا بهذه المواصفات، أردت من ذلك فقط أن أسعد بعودته خالي الوفاض».
صار الخادم يفتش طوال العام بحثًا عن هذا الخاتم، إلا أن الحظ لم يحالفه. وقبل أن تنتهي المدة المحددة بيوم واحد، ولما كان الخادم يسير في شوارع مدينة القُدس، مرَّ بأحد الباعة المتجولين جالسًا على بساط أحمر باهت مهترئ. لمح الخادم وسط البضاعة المعروضة مجموعة خواتم برَّاقة فسأل البائع «أأجد عندك خاتمًا يحزن الغني ويسعد الفقير إذا لبسه؟»، فأجابه البائع بحماس «نعم»، وسرعان ما تناول أحد الخواتم الذهبية ونقش عليه بعناية بالغة بضع كلمات، ثم ناوله للخادم الذي دفع ثمنه بامتنان.
وفي اليوم التالي جمع الملك سليمان مستشاريه وهو في غاية السرور والفرح، واستدعى خادمه للمثول بين يديه لأن العام قد انقضى، فسأله «حسنًا، هل وجدت الخاتم الذي طلبته منك؟». فأجاب الخادم «نعم، لقد فعلت يا مولاي»، وناوله إياه على الفور. أمسك الملك الخاتم ووضعه في إصبعه، لكنه ما إن قرأ الكلمات التي حُفرت عليه حتى اعتراه الشحوب وخيَّم على محيَّاه الحزن. فنزعه وقدَّمه لفقير صادف وجوده في القصر ذلك اليوم. استغرب الفقير من عطاء الملك للوهلة الأولى، ولكنه تناوله ولبسه في بُنْصرِه، وفرح حالما قرأ الكلمات المحفورة عليه.
ولكن ما فحوى تلك الكلمات يا ترى؟
لقد نُقش عليه اختصار لعبارة «هذا أيضًا سيمضي».
أما الفقير فما إن قرأها حتى غمرته السعادة لأنه أدرك أن فقره هذا لن يدوم أبد الدهر، وأما الملك فحالما قرأها استحوذ عليه الحزن لأنه انتبه إلى أن غناه هذا لن يدوم.
بعد القصة التي رويتها على أسماعهم، أقبلتُ على ابني وزوجته وأوصيتهما أن ينقشا تلك العبارة في قلبيهما وعقليهما، وأن يستحضرا معانيها في عسرهما ويسرهما. إذ بإمكانهم التغلب على أزماتهما إذا ما علما أن لكل شِدَّة مُدَّة، وأن الفرح ما هو إلا غيمة ماطرة لن تدوم، وسويعات تشبه اللحظات الخاطفة ليوم زفافهما. وعندما يدركون هذا فقط سيمتلئ قلبيهما بالشكر لله على نِعَمه والامتنان وتقبل بعضهما على ما هما عليه، وسيقدَّران تمامًا قيمة اللحظات الجميلة في هذا اليوم، أجمل أيام حياتهما، وسيعيشان على جمال ذكراه حتى آخر العمر.
- ترجمة: آلاء نوفلي
- تدقيق علمي ولغوي: موسى جعفر
- المصادر: 1