لمسة صنعنا على علمنا: الذكاء الاصطناعي يضع لمسته على جوانب العلم
الذكاء الاصطناعي يَضع لمسته على كل جوانب العلوم، وتلك هي الطريقة في المستقبل، سوف تضم مختبرات الأبحاث الذكاء الاصطناعي بإمكانياته التي تمثل نقلة نوعية بهدف معالجة المشكلات المستعصية، وتسريع الاكتشاف العلمي.
لن تحتوي المختبرات العلمية في المستقبل على روبوتات طيران أو مساعدين بالذكاء الاصطناعي ولا علماء خارقين مثل توني ستارك وبروس بانر. وحتى في حين عدم الوصول لمرحلة متقدمة من الخيال العلمي، فإن ما يمكن تحقيقه على ارض الواقع من المرجح أن يكون مثيرًا للإعجاب بنفس الدرجة. وهذه هي الطرق التي أتوقع أن تتطور فيها المعامل في المستقبل:
1. تجميع المعلومات بشكل أسرع:
يتم نشر ما يقرب من 1.8 مليون ورقة بحثية سنويًا ويولّد الشخص العادي 1.7 ميغابايت من البيانات في الثانية، فكيف يمكن استيعاب كل هذه البيانات؟ الجواب هو الذكاء الاصطناعي. يمكنه تحديد الأنماط والصلات داخل مجموعات البيانات التي قد تكون فوق قدرة البشر. في الواقع، وبالفعل لقد تمكن الذكاء الاصطناعي من وضع فرضيات لم تخطر على بال العلماء البشر.
فمثلاً، مساعدوا الأبحاث المزودون بالذكاء الاصطناعي، مثل المساعد الذي طورته شركة SciSpace، مكّن الباحثين من قراءة الأوراق البحثية وفهمها بشكل أسرع. مثال آخر لنظام الذكاء الاصطناعي الذي يقوم برسم الخرائط الجغرافية المكانية من (آي بي إم) تحليل كميات كبيرة من صور الأقمار الصناعية لاكتشاف التغيرات البيئية، والتنبؤ بها بدقة لا مثيل لها، مثل إزالة الغابات أو الجفاف، وهذه هي البداية فقط. سنرى قريبًا استخدام الذكاء الاصطناعي للإجابة على الأسئلة الغير قابلة للاجابة من قبل، مثل كيف تطورت الحياة لأول مرة، أو الطبيعة الحقيقية للفراغ، أو كيف تؤثر بيئتنا على جيناتنا.
لم تتم الإجابة على العديد من هذه الأسئلة بسبب التعقيد أو نقص البيانات. ستكون قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات هائلة من البيانات، والعثور على الأنماط، وإجراء عمليات الربط الضرورية للكشف عن إجابات لهذه الأسئلة العميقة.
2. تسريع عمليات التطوير الدوائي:
يعمل الذكاء الاصطناعي على تغيير قواعد اللعبة في مجال تطوير الأدوية، مما يجعلها أكثر سرعة وكفاءة. استخدم الباحثون تقنية DeepMind AI لإنشاء “محاقن” صناعية تحقن مركبات مدمرة للورم مباشرة في الخلايا المستهدفة. استهداف خلايا معينة، والقضاء عليها، يستغرق عادةً سنوات، أما الأن تم إنجازها في 46 يومًا فقط. تنبأ DeepMind أيضًا بشكل كل البروتينات المعروفة تقريبًا بدقة ملحوظة، وهي خطوة هامة جداً في رحلة تطوير الأدوية التي كانت تستغرق سنوات من العمل المخبري.
في يناير 2023، عندما ابتكرت شركة AbSci لأول مرة أجسام مضادة من نوع دي نوفو (de novo) -وهو مصطلح يدل على الاجسام المضادة التي لا يكونها الجسم بشكل طبيعي إنما يُشكلها فقط عند ادخال مادة غريبة اليه- فقط باستخدام الحاسب (in silico) -وهو تعبير يدل على المحاكاة الحاسوبية- والتحقق منها باستخدام الذكاء الاصطناعي الابداعي الذي لايعتمد على أمثلة سابقة. يتم إنشاء الأجسام المضادة بالحالة التقليدية عبر استخدام نماذج الأجسام المضادة الموجودة مسبقًا أو المتوفرة، وذلك يمكن أن تستغرق وقتًا طويلاً. باستخدام المحاكاة يمكن تقليل هذا الوقت من 6 سنوات إلى ما يقارب 18-24 شهرًا.
بازدياد تعقيد الذكاء الاصطناعي، تزيد الأدوار التي يمكن أن يلعبها في العلوم المختبرية أو العلوم التجريبية. يمكن تقصير مدة التجارب السريرية كما يمكن محاكاتها لتحديد الفعالية والسمية، مما يقلل الحاجة إلى التجارب على الحيوانات.
3. التواجد في أي مكان وفي أي وقت.
تخيل أن تكون حاضرًا في مختبر علمي دون أن تكون موجودًا فعليًا. يمكن لتقنيات الواقع الافتراضي جنبًا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي أن تجعل هذا حقيقة ملموسة.
يمكن للعلماء إجراء التجارب، والتحكم بالنماذج الرقمية المُنشئة للجزيئات أو المواد في الواقع الافتراضي، مع مراقبة النتائج في الوقت الفعلي. لكن ليس الواقع الافتراضي فقط هو الذي سيغير اللعبة. أكمل الباحثون في جامعة ويسترن في أونتاريو بكندا أول نقل عن بعد دولي ثلاثي الأبعاد في العالم. باستخدام تقنية Holoport، تستخدم هذه التقنية كاميرا خاصة لإنشاء صورة ثلاثية الأبعاد لمادة ما، ثم يتلقاها شخص آخر في مكان بعيد باستخدام نظارات هولو لينز hololens. إذا كان كلا الطرفين يرتديان النظارات المطورة من شركة مايكروسوفت، فيمكنهما التفاعل سوياً بشكل افتراضي. أحد القيود التي يحاول الفريق التغلب عليها هي اللمس الجسدي، وفي المستقبل، قد نرى تقنيات شبيهة بHoloport شائعة في علوم المختبرات، مما يسمح للعلماء بالتعاون مع الزملاء في جميع أنحاء العالم وبشكل مباشر حيث يصبح بمقدورهم يمكنهم إرسال صور ثلاثية الأبعاد لمعدات المختبر أو مراقبة تجربة من الجانب الآخر من العالم لحظة بلحظة. قد يؤدي ذلك إلى مزيد من التعاون الدولي، واكتشافات علمية أسرع، ومجتمع علمي أقل استهلاكاً للكربون.
- ترجمة: وداد عنتر
- تدقيق لغوي: سفوك حجي
- المصادر: 1