لماذا يخفق الناس في تحقيق أحلامهم؟

الملخّص

يتطلب تحقيق الأهداف منا الانخراط في الأفعال والسلوكيّات الجديدة التي تستلزم بذل جهد كبير، إذ توازن عقولنا بصورة متكررة بين التكلفة التي سنتحملها والثمار التي ستعود علينا من جراء اختياراتنا. ولكن في حال شعورنا أن مجهودنا يفوق الثمرة، سنميل إلى الانسحاب، غير أنه في مقدورنا التغلب على مقاومتنا الطبيعية للقيام بالأشياء الصعبة عن طريق اتباع العادات بدلًا من تحديد الأهداف، وإخراج أنفسنا من دائرة الإسراع إلى خط النهاية، فما هي الخطوات التي تساعدنا على ذلك؟

تحديد أهداف واقعية بديلًا رائعًا، وبدلًا من أن تقل في قرارة نفسك أنك سوف تقرأ عشرة كتب خلال ثلاثة الأشهر القادمة، وتواظب على روتين القراءة اليومية، وتخصيص بعض الوقت في الصباح والمساء لمدة ثلاثين دقيقة؛ فهذا الطريق الذي تستطيع من خلاله أن تنتهي من قراءة كتاب أو كتابين أو خلال الأسبوع، وفي النهاية ستحصل على الهدف المرجو، ومن ثم سيصبح هدفك أكثر واقعية وقابلاً للتحقق.

تأكد من أن أهدافك واضحة ولا يشوبها الغموض؛ أي تلتزم بمعيار “سمارت” للأهداف وهي أن تكون محددة، يمكن قياسها، وتحقيقها، ومرتبطة ببعضها البعض، وملتزمة بإطار زمني محدد.

وبدلًا من أن تحدد الهدف الذي يجعلك منظمًا، فكر في الطرق التي يمكنك من خلالها أن تصبح منظمًا. على سبيل المثال، يمكن أن تشتمل على حذف الرسائل التي تتفقدها ثلاث مرات لمدة عشر دقائق قبل نهاية اليوم.

فعليك التركيز نحو السير قدمًا وليس الإفراط في المثالية، فالقلق بشأن أداء شيء ما بصورة مثالية قد يحرمك من تحقيق الأهداف المنشودة. تعرف على هذا الحاجز بمثابة الخطوة الأولى للتغلب عليه، فقدر المكاسب البسيطة واحتفل بها.

ابق ثابتًا، ولا تكن مشتت الذهن، وركز على الخطوات الصغيرة، وتأكد من أنها تناسب جدولك الزمني اليومي، فعندما تبدأ في شيء ما يوميًا، فإنه سيصبح روتينًا، وسيتحول إلى عادة يومية.

من الصعب تحقيق الأهداف المهنيَّة أو الشخصيّة بشكل عام، وقد تعتقد أن تحقيقها يتجذر في الاهتمام بالنفس (فعلى سبيل المثال، كل صباح سأذهب في جولة)، أو بتوسيع آفاق المعرفة من خلال قراءة المزيد من الكتب، أو ببناء مهارات جديدة (بتعلم كيفية التشفير مثلاً) الذي يعد ممتعًا، ومثيرًا للاهتمام، إلا أنه عام بعد عام، نشعر بأن سعينا وراء الأهداف التي وضعناها نصب أعيننا عملا رتيبًا، فترى ما السبب؟

أوضح بحث حديث عندما نحدد هدفًا لأنفسنا، نركز على المكافأة، وعند تعارضه مع التحديات، فإنه يلعب دورًا بارزًا إما في تحفيزنا أو تثبيطنا؛ لأن الأهداف عادة ما تتطلب منا الانخراط في أفعالٍ وسلوكياتٍ جديدة تستلزم منا بذل جهدًا كبيرًا للقيام بها، فتوازن أدمغتنا بصورةٍ متكررة بين التكلفة والثمار التي تعود علينا من جراء اختياراتنا، فإذا فاق المجهود الثمرة المرجوة، قد نميل إلى الانسحاب، وهذا يفسر سبب قضائنا أغلب حياتنا سابحين في حطام أهدافٍ لم تتحقق. فما الحل؟

الحل هو التغلب على مقاومتنا الطبيعية التي تحول دون قيامنا بعمل الأشياء الصعبة باتباع العادات بدلًا من تحديد الأهداف؛ وقد توصل إلى هذا النهج الذي استغرق طويلًا أكثر الرواد، والمدربين، والمفكرين، ولاعبي القوى نجاحًا، ولتكن “سارة برودهيد” مثالًا لهؤلاء، وهي طبيبة نفسية كانت تعمل مع الفريق الأولمبي البريطاني؛ فهي كانت المدربة للاعبة التايكوندو الشابة “جيد جونز” للفوز بالميداليتين الذهبيتين بإحدى المبارات الأوليمبية. فأثناء التدريب، كان شعارها هو أن “الناجحين يعملون باستمرار ما يقوم به الأشخاص العاديون في بعض الأحيان”.

كانت “برودهيد” تساعد “جونز” في التركيز على بناء مجموعة من العادات وهي: تناول الطعام المغذي، وتعلم كيفية الاهتمام والتركيز، وتدريب العضلات لتقويتها واكسابها المرونة، والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، وتخصيص الوقت اللازم للتعافي، كان الاثنان مكرسين لإبعاد أنفسهما عن المشتتات، وينظران في التقدم الذي أحرزاه كل أسبوع قبل استئناف العدو مجددًا في الأسبوع التالي؛ وقد مهد الروتين والعادات الذين اتبعتهما “جيد” في بناء مهاراتها اللازمة بالتدريج لتحقيق هدفها المنشود.

بإيجاز، سر تحقيق الهدف يكمن في الأسلوب وليس النتيجة، فبدلًا من التفكير في الفرص المثيرة لتحقيق الهدف، قد يبدو تحقيق الهدف أمر شاقًّا، لذا يتعين عليك التركيز في أفعالك اليومية التي من الممكن أن تقلل شعورك بالقلق الحتمي عندما يحف طريقك نحو الوصول للهدف بالعقبات التي تحول دون تنفيذه، وحتى بعد كل عثرة، عليك أن تركز من جديد على الخطوة التالية لعبور المسلك نحو القمة، فما عليك فعله هو المضي قدمًا، وبهذا ستخلص نفسك من الضغط نحو الإسراع للوصول إلى النهاية. فاتخذ هذا الأسلوب لحياتك ومسيرتك المهنيَّة، وها هي الأشياء التي يجب وضعها في ذهنك عند تحديد الأهداف.

اجعل أهدافك واقعيَّة بدلًا من رائعة

دعنا نقول أنك قررت أن تصبح أكثر استعدادًا قبل اليوم الذي تبلغ من العمر فيه ثلاثين عامًا، فبدلًا من أنك تخطط لقراءة جميع الكتب التي على مدار العشرة أعوام الأخيرة لم تنته من قراءتها حتى الآن، وترى المشكلة أن يوم ميلادك سيكون بعد أربعة شهور، والهدف الذي تريد تحقيقه هو الانتهاء من قراءة قرابة خمسين كتابًا قبل هذا اليوم، أي أنها مدة قصيرة لتحقيق ذلك، مما يقودك شعورك الحتمي باتخاذ على نفسك إجراءات صارمة لا يمكن تحملها وهي القراءة يوميًّا لمدة عشر ساعات، وهو ما يمثل ضغطًا على صحتك العقليَّة والاستسلام قبل البدء حتى.

حسنًا، ماذا لو خصصت ساعة لتقرأ فيها كل صباح، وساعة أخرى قبل أن تأوي إلى فراشك كل ليلة، لأنه بهذه الطريقة يمكنك أن تنتهي من قراءة كتاب أو كتابين في الأسبوع؛ مما يجعلك تحقق هدفك المنشود قبل حلول يوم ميلادك، وبهذا يصبح هدفك أكثر واقعية يمكن تحقيقه، أليس كذلك؟ ستشعر بسعادة بأنك حققت الهدف اليومي هذا. بالطبع ستواجه بعض العقبات أثناء عبورك الطريق مثلما واجهت “جونز” في رحلتها للمباريات الأولمبية، إلا أن النجاحات البسيطة ستضاعف شعورك بالسعادة عندما تتخطى الطريق لتصل إلى النهاية.

تأكد من وضوح أهدافك فلا تكن غامضة

يستهلك الهدف لكونه غامضًا جهدًا كبيرًا للتفسير، إذ من الصعب أن تحسم قرارك في اختيار المهام اليومية التي يتعين تنفيذها أثناء رحلتك إن كان المسار غير واضح، فبدلًا من ذلك، اتبع معيار “سمارت” لتحقيق أهدافك وهي أن تكون محددة، يمكن قياسها، وتحقيقها، ومرتبطة ببعضها البعض، وملتزمة باطار زمني محدد.

لنفترض أن هدفك هو أن تكون أكثر تنظيمًا في العمل. يبدو بالتأكيد أنه شيء يمكن أن يساعد في جميع مجالات حياتك، ولكن ماذا يعني حقًا أن تكون منظمًا؟ فما الخطوات؟ حاول أن تفكر في ما عليك القيام به للتنظيم. على سبيل المثال، يمكنك تحديد هدف صغير يتمثل في مسح البريد الوارد الخاص بك بنهاية كل يوم (محدد وذو صلة). الآن خصص عشر دقائق في ثلاث نقاط في اليوم لإلقاء نظرة على بريدك الوارد (يمكن تحقيقه وقابل للقياس ومحدد بالوقت). بهذه الطريقة، سيكون لديك فرصة أكبر بكثير لتحقيق هدفك وبناء عادة من شأنها أن تغير طريقة عملك.

فكر في التقدم لا المثالية

يعيق القلق أداء شيء ما سعيًا لتحقيقه على النحو المثالي تنفيذه، والتعرف على هذا الحاجز بمثابة الخطوة الأولى للتغلب عليه. على سبيل المثال، تريد أن تتعلم لغة جديدة لتعزيز مسارك المهني وللبحث عن فرص عمل أفضل في السوق الأمريكي اللاتيني، إذن، قررت استخدام تطبيق لغوي ليساعدك على ذلك، مع اتباع معيار “سمارت” للأهداف؛ وهو تخصيص ثلاثين دقيقة قبل بدء عملك يوميًّا، فهذه بداية جيدة، وعليك توقع ظهور بعض العقبات، فمثلًا في بعض الأيام سينصب اهتمامك على مشروع طارئ، أو قد تستدعى لملء مكان زميل مريض لك في العمل.

في بعض الأحيان، قد تتقدم خطوة للأمام، ومن ناحية أخرى تتراجع خطوتين للخلف؛ إلا أنه يتعين عليك أن تخصص ثلاثين دقيقة من وقتك في الاستذكار بجد واجتهاد لمدة أسبوعين كاملين، وتعلم الكلمات الجديدة ثم التحاور بها. فبدلًا من أن تجعلها عائقًا يثنيك عن تحقيق حلمك، تمسك به، تقول والت ديزني: «لا تخف من الفشل، فهو فرصة للتعلم والتطور، وقد يكون بابًا لتحقيق أكبر الإنجازات».

أتذكر المرة التي لم تتمكن فيها حتى من تقديم نفسك باللغة الجديدة؟ من الآن فصاعدًا، احتفل بذلك النصر الذي حققته عندما نجحت محاولة التحاور باللغة الجديدة، وإن شقَّ عليك هذا، أو حتى لم تخل محاولة التحاور من الأخطاء على مدار فترة مجهودك بأكملها بغض النظر عن معدل التقدم المحرز، بما في ذلك نهوضك من الكبوات والتعلم من الأخطاء.

كن ثابتًا، غير مشتتًا

عندما تكون في وسط بيئة مؤسسية قاسية أو عندما تستعد لاختباراتك، قد يكون من السهل جدًا تشتيت انتباهك عن أهدافك؛ لكن المفتاح هو الاستمرار في التركيز على الخطوات الصغيرة والتأكد من ملاءمتها لجدولك الزمني كل يوم. عندما نبدأ بفعل شيء ما كل يوم، فإنه يصبح روتينًا، وفي النهاية عادة.

لنفترض أنك تريد أن تعتاد على تدوين اليوميات. فكر في وقت تصبح فيه بمفردك، خاليًا من الأفكار حول العمل أو المدرسة، ثم خصص وقتًا للكتابة باستمرار في يومياتك خلال تلك الفترة. في مرحلة ما، سوف تصبح هذه الممارسة سلوكًا تمارسه مع اللجوء إلى التفكير قليلًا أو عدمه، وذلك عندما يتحول إلى عادة لكنه يبدأ بالتكرار.

مهما كان هدفك، تذكر أنه ليس من الضروري أن يحدث بين عشية وضحاها، وربما لا يمكن أن يحدث. إن تقسيم الهدف إلى خطوات يومية صغيرة، وجعلها ذكية، والإصرار عليها سيزيد من احتمالية تحقيقها.

  • ترجمة: زينب محمد الأصفر
  • تدقيق علمي ولغوي: غفران التميمي
  • المصادر: 1