لماذا تمتلك بعض الخفافيش ذاكرة مثيرة للاهتمام؟!

في بحث جديد، عرَّض علماء من جامعة أوهايو 49 من الخفافيش آكلة الضفادع لمجموعة من نغمات الرنين تمكنت من جذب انتباههم، ودربوهم على الطيران تجاه واحدة من تلك النغمات مقابل جائزة: وجبة من سمك الطُّعم.

وبعد مدة 1_4 أعوام؛ تمت استعادة حوالي ثمانية خفافيش، وعُرِّضت مرة أخرى للنغمات المرتبطة بالطعام، والنتيجة.. طارت جميع الخفافيش باتجاه الصوت، بينما عادت ستة منها باتجاه مكبر الصوت آخذين الجائزة؛ ما يعني توقعهم وجودها.

وقال دكتور Ray Dixon باحث دراسات عليا بجامعة أوهايو: “لقد كان هذا مفاجئًا، فكرت قبلًا أن مدة عام ستكون مدة معقولة للتذكر، مع إعطائهم كل ما يلزم ليعلموا؛ وامتلاكهم مثل تلك الذاكرة لهو أمر مكلف. أما عن تذكر صوت -من المحتمل ألا تسمعه مرة أخرى- بعد أربعة أعوام لهو أمر صادم”.

ففي دراستهم عرّض دكتور Nixon وزملاؤه مجموعة من الخفافيش البرية لأصوات جذابة مرتفعة بالمعمل -وهي نداء التزاوج لذكر ضفدع التونجار، أحد الأنواع المفضلة للصيد بالنسبة للخفافيش- وكجائزة للطيران تجاه الصوت وضع ثعبان سمك الطعم في شبكة فوق مكبر الصوت.

بمرور الوقت تم مزج الصوت وتغييره تدريجيًا بنغمة رنين، مع إبقاء المكافأة نفسها. ومن ثم جرب العلماء تلاث نغمات مختلفة أخرى؛ حيث لم تكن أي منها مرتبطة بالطعام كمكافأة. تدربت الخفافيش على تمييز الفروقات وأخيرًا لم تحلق باتجاه الأصوات غير المجزية.

حصل كل خفاش على ما لا يقل عن أربعين وجبة بالتحليق نحو النغمة المتدرَّب عليها على مدار سبعة وعشرين يومًا.

وُضعت رقاقات الكترونية داخل الخفافيش لتمييزها، ومن ثم أعيد إطلاقها نحو البرية مرة أخرى.

بعد عام من التجربة وحتى ثلاث أعوام لاحقة قام الفريق بأسر الخفافيش وتعرفوا على ثمانية منهم من المحاولة الأولى عن طريق الرقاقات الخاصة بهم.

وفي الاختبار اللاحق لاستجابتهم للجائزة الأصلية للرنين، طار الخفافيش الثمانية باتجاه الصوت بسرعة، وقاموا بتمييز الفارق بين نغمات الرنين والنغمة الجديدة، على الرغم من طيران بعض الخفافيش نحو الصوت غير المجزي في التدريب الأول. بينما عُرِّض سبعة عشر خفاشًا غير مدرب لهذه الأصوات؛ ارتعشت آذان معظمهم استجابة للأصوات ولكن لم يحلقوا باتجاهها.

وعقب دكتور Nixon قائلًا: “تعلمنا الكثير من هذه التجربة، لأنه يوجد القليل من الدراسات فقط حول الذاكرة طويلة الأمد للحيوانات البرية، ولا يوجد لدينا نظام مفهوم لها بعد، فإذا تمكنا من جمع معلومات إضافية لمجموعات مختلفة من فصائل الخفافيش، فبإمكاننا جمع الأجزاء ببعضها ورؤية تاريخ الحياة للذاكرة طويلة المدى”.

على الرغم من النزعة البشرية للاعتقاد أن الذاكرة طويلة الأمد تعطينا أفضلية في الذكاء، تعلمنا الطبيعة أن مرونة الذاكرة -وتسمى أيضًا النسيان التكيفي- من الممكن أن تكون ضروريّة للبقاء، وأكمل دكتور Nixon: “ليس دائمًا صحيحًا أنك تحظى بأفضلية كونك الأذكى أو كونك تمتلك الذاكرة الأطول أمدًا”.

وعلى صعيد آخر أظهرت الأبحاث أن ذباب الفاكهة المختار لتحسين الذاكرة لا يمكنه التنافس مع ذباب الفاكهة الآخر.

إن كون طول الذاكرة مفيد بالنسبة للبشر، لا يعني بالضرورة أنه مفيد للحيوانات الأخرى؛ ولهذا نبحث سبل معرفة ما إذا كانت هذه المهارات تساعد الحيوانات أو تشكل عبئًا عليهم.

نشرت النتائج في مجلة Current Biology.

  • ترجمة: زينب فرج
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1