كيف يمكن لجينات الخفافيش مساعدتها في تجنب الإصابة بالسرطان وتحمل العدوى الفيروسية؟

قد تكشف أجهزة المناعة لدى الخفافيش عن رؤى حول تطور السرطان وانتقال الفيروسات من الحيوانات إلى البشر.

أجرت دراسة جديدة تحليلًا لجينات الخفافيش لإستقصاء قدرتها على تحمل العدوى الفيروسية وتجنب الإصابة بالسرطان، النتائج التي يمكن أن تكون لها تداعيات على معرفتنا بسرطانات الإنسان وأيضًا انتقال الفيروسات من الحيوانات.

تمتلك الخفافيش استجابة مناعية غير اعتيادية!

تعد الفئران واحدة من أكثر الحيوانات استخدامًا في التجارب التي تساهم في تعزيز الصحة البشرية، ولكن هناك حيوان آخر قد يكون أكثر إفادة وهو الخفاش المعروف بأنه الثديي الوحيد القادر على الطيران، ولكن أيضًا بسبب طول عمره، ومعدلات الإصابة المنخفضة بالسرطان، وأنظمته المناعية القوية.

تسمح أجهزة المناعة غير العادية لدى الخفافيش بتحمل العدوى الفيروسية بشكل أفضل، ولكن هذا يمكن أن يكون خطرًا على الصحة البشرية أيضًا إذ يمكن أن تلعب الخفافيش دورًا رئيسيًا في انتقال العدوى الفيروسية إلى البشر.

يمكن أن تكشف دراسة أجهزة المناعة لدى الخفافيش المزيد عن تطوير السرطان وتقديم رؤى حول منع انتشار الأمراض من الحيوانات إلى البشر. ومع ذلك، عُرقِلَت جهود البحث لاكتشاف بالضبط ما يجعل من أنظمة المناعة لدى الخفافيش تعمل بواسطة حجم العينات الصغيرة وقيود الأساليب التحليلية الجينية.

في الدراسة الحالية، استخدم الباحثون تسلسل القراءة الطويلة لإجراء تحليل جيني شامل لنوعين من الخفافيش، وقاموا بإضافتهما إلى الجينومات عالية الجودة الموجودة بالفعل لتوصيف الميزات الجينية المرتبطة بمعدلات الإصابة المنخفضة بالسرطان واستجابات المناعة القوية لديهم.

الكشف عن تكيُّفات جينية:

قد شرح الدكتور أرمين شيبن مؤلف الدراسة أن الفريق قام بمقارنة 13 من جينومات الخفافيش الموجودة بالإضافة إلى الجينومات الجديدتين مع جينومات البشر، والفئران، والكلاب، والخنازير، والخيول. وقال شيبن، الباحث الزميل في مختبر كولد سبرينغ هاربور: “زادت دراستنا كمية البيانات من خلال أخذ عينات من 15 نوعًا من الخفافيش وزادت أيضًا جودة البيانات من خلال استخدام جينومات أكثر اكتمالًا تم إنشاؤها أساسًا باستخدام تسلسل الحمض النووي بالقراءة الطويلة.”.

وأضاف: “بحثنا عن التغييرات في الزيادة والنقص في الجينات، بالإضافة إلى التغييرات التكيفية الأكثر دقة في تسلسل الحمض النووي التي تجعل الخفافيش مختلفة عن باقي الثدييات”.

قاموا بدراسة التحديد الإيجابي للجينات السرطانية، وهي الجينات المدرجة سواء في قاعدة بيانات مثبطي الأورام أو في سجل التحولات الجسدية في السرطان. وجدوا أدلة على التحديد الإيجابي ل33 جين مثبط للأورام و6 جينات إصلاح للحمض النووي، مما يشير إلى وجود صلة بين هذه الجينات ومعدلات الإصابة المنخفضة بالسرطان لدى الخفافيش وزيادة عمرها. بشكل ملفت للنظر، كانت الجينات ذات الصلة بالسرطان مكثفة أكثر من مرتين في جينومات الخفافيش مقارنة بجينومات الثدييات الأخرى.

كما وجد الباحثون تغييرات في جينات الإنترفيرون النوع الأول IFN، والتي تشكل جزءًا من الجهاز المناعي الفطري وتساعد في تنشيط الاستجابات المضادة للفيروسات. لاحظوا فقداناً في جينات IFN-α، بينما لم تتأثر IFN-ω بشكل كبير. من خلال الاعتماد على IFN-ω الذي قد يكون أكثر فعالية بدلاً من IFN-α، قد تكون لدى الخفافيش استجابات مضادة للفيروسات محسنة، مما قد يسهم بشكل محتمل في قدرتها على تحمل الفيروسات التي يمكن نقلها إلى البشر.

قال شيبن: “يختلف جهاز المناعة لدى الخفافيش بشكل كبير عن جهاز المناعة لدينا في منطقة الجين المعروفة باسم موقع الإنترفيرون النوع الأول. من خلال استهداف هذا الموقع الجيني والبروتينات التي ينتجها بواسطة العلاجات، قد نكون قادرين على علاج الأمراض المعدية بشكل أفضل في البشر. بالمثل، تظهر الخفافيش علامات على التكيفات الجينية في العديد من الجينات المضادة للسرطان، والتي يمكن أن تلهم علاجات لعلاج السرطان.”.

استكشاف الآليات الأساسية:

يواصل شيبن شرحه للدراسة، ويشير إلى أنه على الرغم من أن البحث محدود إلى حد ما بسبب عدم اختبار هذه الآليات الجينية تجريبيًا، إلا أنه يعتبرها دراسة أكثر ما يمكن أن تُصف بأنها “مولدة فرضيات”. للتنقيب بعمق في هذه النتائج، يعمل الفريق الآن على تطوير ما يسميه “نماذج فئران معدلة وراثيًا لتحمل متغيرات الخفافيش”، وهي فئران تم تعديل جيناتها وراثيًا لتحمل نسخًا من الجينات مستمدة من الخفافيش.

يشرح شيبن:

“من خلال اختبار هذه الفئران ‘المعدلة وراثيًا كالخفافيش، نهدف إلى فهم أفضل لكيفية مقاومة الخفافيش للعدوى والسرطان”.

“يمكن أن تساعد هذه النتائج الباحثين الآخرين، سواء في الجامعات أو في الصناعة، في تحديد الجينات والمتغيرات الجينية الخاصة كأهداف للعلاجات بأفضل طريقة”.

  • ترجمة: محمد فواز السيد
  • تدقيق علمي ولغوي: سفوك حجي
  • المصادر: 1