تجعل الجراحة التجميلية الحالة النفسية للبعض سيئة
لوحظ في الفترة الأخيرة تزايد الطلب على العمليات التجميلية، من الإجراءات التعديلية على شكل الصدر إلى نفخ الشفاه وحقن البوتوكس.
ويرجع ذلك لعدة عوامل منها انخفاض التكلفة والترويج في وسائل التواصل الاجتماعي وعبر فلاتر الانستغرام.
لكن السبب الأكثر شيوعًا لإجراء تلك العمليات هو الرغبة في تحسين المظهر الخارجي والطريقة التي ننظر ونشعر بها تجاه أجسامنا.
فقد أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعانون من قلة تقدير الذات أو يزعجهم شكل جسدهم هم الأكثر إجراء لتلك العمليات.
العديد ممن قاموا بإجراء العمليات الجراحية التجميلية توقعوا بأن ذلك سوف يحسن من صحتهم النفسية، لكن هل ياترى ذلك صحيحًا؟
لسوء الحظ، فإن الجواب على هذا السؤال ليس واضحًا بعد، والنتائج تعتمد على العديد من العوامل بعضها قد يكون خارج سيطرتنا.
هذا المقال سيستعرض قضايا تؤثر علينا في عمر العشرينيات والثلاثينيات، كالتحديات في بداية العمل المهني والعناية بصحتنا النفسية، الحماسة لتكوين عائلة، تبني الحيوانات الأليفة أو حتى إنشاء صداقات كأشخاص بالغين.
هذا المقال سيجيب على الأسئلة التي تتعلق بهذه المرحلة المضطربة في حياتنا.
التحسينات على مستوى الشكل الخارجي للجسم:
العديد من الدراسات وجدت بأن المرضى الذين خضعوا للجراحات التجميلية قد أتبعوها بإجراء بعض التعديلات أيضًا.
على سبيل المثال، أظهرت دراسة بأن الأشخاص الذين أجريت عليهم حقن البوتوكس شعروا بأنهم أكثر جاذبية، وراضين بشكلٍ أكبر عن مظهرهم لمدة وصلت لثلاثة أشهر تقريبًا بعد تلك الإجراءات، فقد حسّنت الشعور تجاه تلك الميزة التي قد تم تعديلها.
في دراسة أجريت على النساء اللواتي خضعن لعمليات تعديلية على مستوى الثدي وجدت بأنه -على العموم- قد زاد لديهن الرضا تجاه مظهرهن لمدة تزيد على أربع سنوات بعد الجراحة.
في دراسة أخرى أجريت على الأشخاص الذين خضعوا لعمليات تجميل للأنف، وجد بأن شعور الرضا لديهم قد استمر لعدة أشهر بعد العملية كما كانوا أكثر تقبلاً لمظهرهم بعد القيام بالجراحة.
هذه التحسينات على مستوى الشكل الخارجي لاتعتبر قصيرة الأمد، فبعض الدراسات أظهرت بأنها قد تصل لمدة خمس سنوات بعد إجراء تلك العمليات.
التأثيرات الأخرى على الصحة النفسية:
النتائج الملموسة على الصحة النفسية ليست واضحة جيدًا بعد.
بعض الدراسات أظهرت تأثير الجراحة التجميلية على تقدير الذات، وبينت بأن هذا التأثير الإيجابي قصير الأمد.
بالمقابل فإن دراسات أخرى نفت وجود أي تأثير لتلك العمليات على تقدير الذات، وهذا يعتبر صحيح جزئيًا، لأن الباحثين أجروا عدة تجارب لدراسة التأثير على الأمد البعيد، وقد وجدوا بأن أي تأثير إيجابي كان ملمُوسًا بعد إجراء الجراحة كان قد تلاشى بعد عدة سنوات.
لاحظ الباحثون أيضًا وجود علاقة مابين الإجراءات التجميلية والاكتئاب.
فعلى سبيل المثال، في دراسة أجريت على أشخاص كانوا قد خضعوا لعملية تجميل أنف بينت تراجع أعراض الاكتئاب لديهم بعد الجراحة مباشرةً، بينما دراسات أخرى وجدت بأنه لاتأثير على تلك الأعراض بل أنّ حالة الاكتئاب قد ازدادت سوءًا لدى البعض.
دراسة نرويجية منفصلة وجدت أن أعراض الاكتئاب ومشاكل الأكل تفاقمت لدى الأشخاص الذين خضعوا لتلك الجراحات. حتى المرضى الذين لم يعانوا مسبقًا من أعراض الاكتئاب أو كان لديهم بشكل طفيف لم يعبّروا عن تحسن في حالتهم النفسية بعد قيامهم بإجراء تلك الجراحات.
بتعبير آخر، هناك خطورة من تأثير الجراحات التجميلية على الحالة العقلية لدى بعض الأشخاص.
وهذا أمر مقلق بحسب أبحاث كانت قد أظهرت بأن الأشخاص الذين يخضعون لتلك العمليات كانوا الأكثر عرضة لمشاكل على مستوى الصحة العقلية.
مالذي يؤثر على النتيجة؟
العديد من العوامل ممكن أن تؤثر على نتائج العملية الجراحية، واحدة منها هي مضاعفات مابعد العملية.
وجدت دراسة أجريت على النساء اللواتي خضعن لتعديلات في الثدي وعانين من مضاعفات مابعد الجراحة –كالالتهابات- كان التحسن في شكل أجسادهن بنسبةٍ أقل.
وقت التشافي أيضًا مهم، فقد أظهرت الدراسات بأن المرضى الذين أخذوا وقتًا أطول في الشفاء قد أظهروا تحسنًا طفيفًا.
البحث وجد أيضًا أن الأشخاص الذين لديهم تشوهات جسدية -أو هوس بالمظهر- لم يلاحظوا أي تحسن نفسي بعد الجراحة.
كذلك فإن المرضى الذين لديهم تجارب نفسية سيئة -بمافيها أعراض الاكتئاب والقلق- لم يحظوا بتحسن على المستوى النفسي بعد الجراحة.
العلاقات الاجتماعية أيضًا قد تؤثر على نتائج الجراحة التجميلية، على سبيل المثال، الأشخاص الذين لديهم حافز الخضوع للجراحة لاعتقادهم بأن ذلك سينقذ علاقاتهم غالبًا يُحدث لديهم نتائج نفسية غير محبذة.
قد يكون ذلك صحيحًا أيضًا عندما يكون الشريكان مختلفان على ضرورة إجراء العملية أم لا.
اتخاذ القرار بشأن الخضوع للجراحة أمر لايمكن الاستهانة به، فأي جراحة- حتى ولو كانت بسيطة- لديها احتمالات لخطر حدوث مضاعفات، لذلك فإنه عليك التروي والتفكير جيدًا في حال كنت ترغب بالقيام بواحدة.
هيئة الخدمات الصحية الوطنيةNHS لديها العديد من الأسئلة التي عليك أن تطرحها على نفسك قبل القيام بجراحة تجميلية،
مثل: لماذا تريد أن تخضع لها؟ هل تريد القيام بها من أجل نفسك أم لأجل شخص آخر؟.
من المهم أيضًا أن تقوم بالبحث والاستفسار، ليس فقط فيما يتعلق بالتكلفة المادية ولكن أيضًا بتأثير أي عملية قد تقوم بها على من حولك.
إبحث عن الموضوع بقدر ماتستطيع، تحدث إلى الخبراء، وعند اتخاذك للقرار تأكد بأن تتم بأيدي أشخاص مؤهلين.
- ترجمة: سنى صهيوني
- تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
- المصادر: 1