لأول مرة، تأكيد وجود الشفق القطبي للأشعة تحت الحمراء على كوكب أورانوس

منذ ما يقارب 20 عاماً أكّد العلماء وجود توهّج للشفق القطبي للأشعة تحت الحمراء في المنطقة الشمالية من أورانوس.

يسمح هذا الاكتشاف لعلماء الفلك بالاطلاع على بعض الأمور المجهولة حول الشفق القطبي لأورانوس، وربّما يسلط الضوء على سبب كون هذا الكوكب أكثر سخونةً مما ينبغي بالرغم من بعده عن الشمس.

قالت عالمة الفيزياء الفلكية في جامعة ليستر في المملكة المتحدة ايما توماس: «تعدّ درجة حرارة كل الكواكب الغازيّة العملاقة من ضمنها كوكب أورانوس أعلى بمئات درجات الكلفن/سيلسيوس من الدرجة المتوقعة لها عند اكتسابها الحرارة من أشعة الشمس فقط، هذا ما تركنا أمام السؤال الكبير حول كيف تكون هذه الكواكب أكثر سخونةً من المتوقع؟».

وأضافت: «تشير إحدى النظريات إلى أنّ سبب ذلك هو الشفق النشط، والذي يولّد ويدفع الحرارة من منطقة الشفق إلى منطقة الاستواء المغناطيسي».

ينشأ الشفق القطبي من تسارع الجسيمات النشطة باتجاه الكوكب على طول خطوط المجال المغناطيسي وتفاعلها مع الجسيمات الموجودة في غلافه الجوي عندما تهطل عليه، إنّ التأين الذي ينتج عن هذا التفاعل يعطي توهجاً.

أنّه من المستبعد أن تكون هذه الظاهرة خاصة بالأرض، على الرغم من أنها قد تبدو مختلفة جداً في عوالمَ أخرى.

يتوهّج الشفق القطبي القويّ الدائم لكوكب المشتري بالأشعة فوق البنفسجية، كما هو حال الشفق الموجود على كوكب المريخ، ويشابه كوكب الزهرة الأرض في اللون الأخضر، ويتجلى الشفق القطبي لعطارد في صورة فلورية للأشعة السينية من المعادن الموجودة على سطحه؛ بسبب عدم وجود غلاف جوي له.

عرفنا عن الشفق القطبي على كوكب أورانوس منذ عام 1986، ويعتقد الباحثون بوجود مكون للأشعة السينية وشفق للأشعة تحت الحمراء أيضاً؛ كتلك التي شوهدت في كوكب المشتري وزحل.

وعلى الرغم من أنّهم كانوا يبحثون منذ عام 1992، إلّا أنّ الدليل على هذا التوهّج ما يزال بعيد المنال.

لقد اعتقدت توماس وفريقها بوجود انبعاثات لشفق الأشعة تحت الحمراء على أورانوس، على الرغم من أنّ مسابر أورانوس كانت للأسف قليلة ومتباعدة.

في عام 2006، تمّ استخدام أداة NIRSPEC (التنظير الطيفي للأشعة القريبة من تحت الحمراء) في مرصد كيك لجمع مراقبات ل6 ساعات لكوكب اورانوس، وهنا قرر الباحثون البحث، وأجروا دراسة متأنية ل244 صورة للبحث عن وجود جسيم معين (الهيدروجين ثلاثي الذرات المتأين)، والذي تتغيّر قوة توهّجه مع تغير درجة الحرارة، ما يعني أنّه يمكن استخدامه لقياس مدى سخونة أو برودة شيء ما.

ولكن عندما وجد الباحثون علامات لوجود الهيدروجين ثلاثي الذرات المتأين، لاحظوا ازدياد في الكثافة دون تغيّر في درجة حرارة الغلاف الجوي للكوكب، وهذا يتوافق مع الزيادة في التأين في الغلاف الجوي العلوي الذي يتوقع العلماء رؤيته مع شفق الأشعة تحت الحمراء.

لذلك يقول الباحثون أنّ اكتشاف الشفق القطبي للأشعة تحت الحمراء في الغلاف الجوي لاورانوس تمثّل العلامة الفارقة.

وبما أن الشفق القطبي مرتبط بالغلاف الجوي والمجال المغناطيسي لأورانوس، فإن هذا الاكتشاف يضيف بعض المعلومات التي قد تساعدنا على فهم أفضل لبعض أسرار الكوكب الأكثر غرابة.

على سبيل المثال، المجال المغناطيسي لأورانوس فوضوي وعشوائي؛ إذ أنّه ليس فقط مائلاً للجانب، لكنّه غير متماثل من البداية.

وقالت توماس أنّ ذلك يمكن أن يساعدنا على فهم أفضل لانتشار العوالم الشبيهه بكوكب نبتون وأورانوس الموجودة في مجرة درب التبانة، وتقييم مدى ملائمتها للحياة، وذلك لأنّنا نستطيع دراسة الطريقة التي تتوّهج بها هذه العوالم الغريبة لاستخلاص نتائج حول غلافها الجوي ومجالها المغناطيسي بناءً على مراقبتنا لاورانوس.

وقالت: «إنّ هذه الورقة تعدّ تتويجاً لثلاثين عاما من دراسة الشفق القطبي لاورانوس، والتي كشفت أخيراً عن شفق الأشعة تحت الحمراء وبدأت عصراً جديداً من تحقيقات الشفق القطبي على الكوكب، وستستمر نتائجنا في توسيع معرفتنا بالشفق القطبي العملاق الجليدي وتعزيز فهمنا للمجالات المغناطيسية الكوكبية في نظامنا الشمسي، وفي الكواكب الخارجية وحتى كوكبنا.».

  • ترجمة: أماني أحمد
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1