لماذا تمتلك هذه الحيوانات السبع عيون تتوهج في الظلام

يبدو أن أصغر الحشرات وأكبر الحيوانات المفترسة تشترك في شيءٍ واحد وهو أن عيونهم تتوهج في الظلام. من حاسة النظر عند العنكبوت إلى الرؤية عند سمك القرش، اكتشف سبب توهج عيون هذه الحيوانات.

لنفترض أنك تمشي في وقت متأخر من الليل، وصادفت زوجًا من النقاط المتوهجة على مسافة منك. ربما ترمش إليك، أو ستراقبك بهدوء. لا تفزع كثيرًا، فهذا مجرد حيوان ينظر إليك. قد يبدو الأمر مخيفًا بالتأكيد، ولكن كن مطمئنًا إذ لا توجد قوى شبحية وراء تلك الأضواء الغريبة. إن السبب وراء هذه الظاهرة بسيط جدًا: إنها نتيجة آليات التطور التي تسمح لأنواع معينة من الحيوانات برؤية أفضل في الظلام.

لماذا تمتلك الحيوانات عيونًا تتوهج في الظلام؟

أولًا، علينا توضيح شيء: إذ عندما ترى هذه الحيوانات في الليل، فإن عيونها في الواقع لا “تتوهج” من تلقاء نفسها، كما هو الحال في إنتاج الضوء. ولكن، ومن الناحية الفنية، تعكس عيونهم الضوء من مصادر أخرى، سواء كان ذلك ضوء النجوم الطبيعي أو ضوء مصباحك اليدوي الساطع.

عندما يمر الضوء عبر العين، فإنه يضرب الشبكية المكونة من خلايا تسمى العصي أو المخاريط. تعتبر العصي مفيدة للرؤية في الظلام حيث تعمل كمستقبلات للضوء. أما المخاريط فإنها تساعد على الرؤية النهارية، مما يسمح لنا بإدراك العالم بالتفصيل والألوان. كيف تختلف الرؤية في الليل؟ تختلف هياكل ووظائف العين في مملكة الحيوان على نطاق واسع، ولكن أحد القواسم المشتركة بين الفقاريات المحبة لليل هو وجود بساط شفاف في عيونهم يسمى “تابتوم لوسيدوم”.

ما هو تابتوم لوسيدوم؟

تابتوم هي الأصل اللاتيني ل “النسيج الساطع”. إذ يكشف المقطع العرضي لمقلة العين عن غشاء قزحي الألوان من الفيروز والأزرق والذهبي الذي يبدو مثل تسرب نفطي لامع يحوم في المجرة. من الناحية البيولوجية، إن تابتوم لوسيدوم هو سطح يشبه المرآة يقع خلف شبكية الحيوانات الفقارية.

وتتمثل مهمتها في التقاط الفوتونات الضالة التي لم تتمكن المستقبلات الضوئية من امتصاصها في المرة الأولى، ثم تعكسها مرة أخرى على شبكية العين. ونتيجة لذلك، ترى الحيوانات بشكل أفضل في الليل عن طريق انعكاس الضوء مرتين. إذ يمكنهم معالجة الضوء القادم إلى الداخل من خلال عيونهم، كما يحصلون أيضًا على المعلومات أثناء عودتها إلى الخارج. ويطلق على الدليل الأساسي لتابتوم لوسيدوم أثناء عمله “بريق العين”، المعروف أيضًا باسم التوهج المخيف لعيون الحيوانات في الليل.

هل يمتلك البشر تابتوم لوسيدوم؟

لسوء الحظ، يعد البشر من بين الكائنات النهارية التي لا تمتلك أو تحتاج إلى تابتوم لوسيدوم. الخنازير والكنغر ومعظم الطيور لا تمتلكها أيضًا. أقرب ما يمكننا الحصول عليه هو العيون الحمراء. لقد تعاملنا جميعًا مع بؤبؤ أحمر غريب يفسد صورة جيدة تمامًا. هذا الوميض الأحمر ليس لأن لدينا تابتوم لوسيدوم، بل لأن ضوء الكاميرا الساطع وغير المتوقع يرتد عن الجزء الخلفي للعين الغني بالدماء، فيجعلها قرمزية اللون. وبين الكائنات التي تمتلك عاكسات بيولوجية، يتباين لون لمعان العين بشكل كبير، من اللون الأزرق عند الكلب إلى اللون الأحمر عند البومة. يمكنك محاولة معرفة الحيوان الذي تبحث عنه بناء على لون لمعان العين. وفيما يلي المزيد من الحيوانات، بعضها مألوف والبعض الآخر غير متوقع، تضيء الظلام بإضاءة مسائية رائعة.

1- القطط

تنحدر القطط من عائلة كبيرة، تتنوع من النمر إلى القطط المنزلية، مما يعني أن لون التابتوم لديها يتنوع أيضًا. وفقًا للباحثين، فإن تابيتا القطط، التي تغطي معظم عيونهم، يمكن أن يتغير لونها مع نموهم من قطط صغيرة لتصبح بالغة، ولكن بريق عيونهم غالبًا ما يكون في النطاق الأصفر-الأخضر أو الأصفر-البرتقالي.

لماذا تتوهج عيون القطط؟

القطط المنزلية، كمثيلاتها من أفراد الأسرة الأكبر حجمًا، هي من الحيوانات آكلة اللحوم، وبالتالي تجد وقت الصيد المثالي في الفجر أو الغسق. وهذه القطط حساسة بشكل غير عادي لأي كمية من الضوء لامتلاكها التابتوم لوسيدوم والعديد من العصي. كما أن العدد القليل من المخاريط يعني أن الرؤية في النهار محدودة. لذلك تعتبر القطط قريبة النظر إلى حد ما خلال النهار، بينما يمكن أن ترى ست إلى ثماني مرات أفضل من نظرائها البشر في الظلام.

2- الراكون

قد يكون من المزعج سماعهم يفتشون في مكبات النفايات الخاصة بك، أو يركضون بسرعة عبر سطح منزلك، ولكن يجب أن تعترف بالمميزات المحببة للراكون: أنماط الباندا والعيون الدائرية الداكنة.

هل يستطيع الراكون رؤية اللون؟

إذا قبضت على راكون وهو يسرق القمامة في الليل، فمن المحتمل أن ترى أضواء صفراء ساطعة تنعكس عليك. كلما زاد لمعان عيون الفقاريات أكثر، كلما زاد تركيز العصي في عيونهم. هذا يعني أن حيوانات الراكون، مثل القطط، ليست جيدة في التمييز بين الألوان، حتى لو لم نكن نعرف على وجه اليقين أنها مصابة بعمى الألوان تمامًا.

3- الرنة

تعكس حيوانات الرنة بيئتها في القطب الشمالي بطرق أكثر من مجرد الرؤية. إذ وجد الباحثون أنه عندما يغمر الشتاء الغلاف الجوي باللون الأزرق الغامق، فإن تابتوم الرنة يتحول أيضًا إلى اللون الداكن الغني والعاكس. ويعتبر هذا تغييرًا صارخًا عن مزيج الذهب والفيروز النموذجي لتابتوم الرنة في الصيف.

لماذا يتغير لون عيون الرنة في الشتاء؟

من المحتمل أن يكون هذا التغيير تكيفًا آخر يسمح لحيوانات الرنة بالبقاء على قيد الحياة في فصول الشتاء الطويلة والمظلمة في القطب الشمالي، حيث يمكن أن يستمر الشفق لمدة تصل إلى 24 ساعة. عندما تعيش في مثل هذا الظلام المتسق فإن كل فوتون له أهميته. تعتبر الرنة حتى الآن من الثدييات الوحيدة القادرة على تغيير لون التابيتا مع المواسم. لكنه ليس تغييرًا دائمًا إذ عندما يذوب الثلج ويعود الصيف مرة أخرى، يتحول تابتوم لوسيدوم الرنة إلى الغشاء القزحي الألوان الذي كان عليه من قبل.

4- أسماك القرش

الثدييات ليست الفقاريات الوحيدة التي تعطي بريقًا للعين. في البحر، حيث تتدفق المياه وتصبح عكرة، ليس أمام الضوء سوى طريق واحد للذهاب إليه: إلى الأسفل.

هل تستطيع أسماك القرش الرؤية؟

إن الاعتقاد التاريخي الخاطيء بأن أسماك القرش تعاني من ضعف البصر، بالإضافة إلى حاسة الشم القوية، لا يصح تمامًا، على الأقل في الظلام. ففي الأماكن المظلمة، تكون أسماك القرش حساسة للضوء أكثر بحوالي 10 مرات من البشر.

كيف ترى أسماك القرش تحت الماء؟

تعتمد أسماك القرش، وخاصة تلك الأنواع التي تعيش في المناطق العميقة من المحيط حيث نادرًا ما تخترق أشعة الشمس المياه، على تابتوم لوسيدوم. ومن بين عدد لا يحصى من التكيفات الحسية الأخرى، فإنها تستفيد من كل فوتون متناثر. أما بالنسبة لأسماك القرش التي تتواجد أيضًا في الأجزاء الضحلة من البحر، يمكن أن يصبح لون التابتوم داكنًا أثناء النهار للتعامل مع الظروف الأكثر إشراقًا، مثل ارتداء زوج من النظارات الشمسية.

5- التماسيح

إذا وجدت نفسك على ظهر قارب، مبحرًا عبر المستنقعات، فقد تواجه زوجًا من الدوائر اللامعة تطفو فوق المياه المتموجة، وينبعث منها اللون الأحمر الزاهي.

ما هو تسليط الضوء؟

إن تسليط الضوء على عيون التماسيح أو فهرستها هو في الواقع إحدى الطرق التي يستخدمها الباحثون في أستراليا لمراقبة صحة وأعداد تماسيح المياه المالحة والعذبة. ففي الليل، يستطيع المساحون الوقوف على القوارب وإلقاء الأضواء الساطعة على سطح الماء بنمط متعرج. وعندما تتشابك الأضواء مع عين التمساح، والتي يمكن رؤيتها في ظروف مثالية حتى من مسافات طويلة، فهذا يعد نجاحًا.

6- الضفادع

قد يبدو بريق عين الضفدع واسع العينين مخضرًا في الظلام، وهذا أحد المؤشرات التي تخبر الباحثين أنهم رصدوا هذه البرمائيات في الليل. فكما هو الحال مع كيفية استخدام تسليط الضوء للتحقق من أعداد التماسيح، يتم استخدام هذه التقنية أيضًا لاستكشاف الضفادع. في الواقع، لقد أثبت فريق بحث في جامعة رود آيلاند مؤخرًا أن الضفدع ذو القدم المجرفة الشرقي ليس نادرًا كما اعتقد العلماء سابقًا، باستخدام تقنية تسليط الضوء وإضاءة العين.

كيف ترى الضفادع؟

اكتشف علماء من متحف التاريخ الطبيعي وجود علاقة بين الضفادع التي تنشط أثناء النهار (الضفادع النهارية) وتطور العدسات في أعينها. إذ تساعدهم هذه العدسات على تصفية الأشعة فوق البنفسجية، مما يجعل رؤيتهم أكثر وضوحًا.

7- العناكب الذئب

مع عادات الصيد مثل الحيوانات المفترسة ذات الفراء الهائل التي نعرفها ونحبها جميعًا، فإن العنكبوت الذئب يرقى إلى مستوى اسمه. إذ يتمتع هؤلاء الصيادين الليليين بتابتوم لوسيدوم تساعدهم على رؤية ليلية غير عادية، مما يسمح لهم بالانتقال عبر جميع أنواع المواطن الطبيعية وهضم ضحاياهم عن طريق حقنهم بأنزيمات قوية تكفي لتحويل فرائسهم إلى عصير. وإذا كنت محظوظًا بما فيه الكفاية للعيش في حي أحد هؤلاء الصيادين، أو ربما لا، اعتمادًا على مستويات رهاب العناكب لديك، فإن تسليط مصباحك على الأرض يمكن أن يكشف عن وخزات الدبوس الرائعة لهذا العنكبوت. هل هذا يجعل من هذه العناكب زواحف مخيفة؟ لقد وصف شهود بريق أعين هذه العناكب الذئبية بأنه كالماس أو نجوم ساقطة أو حتى أضواء خرافية منتشرة ومتلألئة عبر الأرض. كل شيء كما يبدو في عين الناظر.

  • ترجمة: عبير ياسين
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1