يحذر العلماء من احتمال انتشار الخفافيش مصاصة الدماء في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية قريبًا
أشار باحثون في دراسة جديدة إلى أن الخفافيش مصاصة الدماء لديها تاريخ من توسيع نطاق انتشارها كلما تغير المناخ، مما عزز المخاوف بشأن انتشارها أكثر شمالًا بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان.
وتشير النتائج إلى أن ارتفاع درجة حرارة المناخ في المناطق الجنوبية من الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن يجذب الخفافيش مصاصة الدماء قريبًا، ويحتمل أن يكون بعضها ناقلًا لأمراض مثل داء الكلب الذي يمكن أن ينتقل إلى الحيوانات البرية أو المواشي، أو إلى البشر في حالات النادرة.
ويرجع هذا القلق إلى ما قالته عالمة الأحياء والمؤلفة الرئيسية للدراسة بايج فان دي فورست من معهد فيرجينيا للفنون التطبيقية وجامعة الولاية: “لقد اكتشفنا أن أسرابًا من الخفافيش مصاصة الدماء كانت قد تحركت شمالًا مع الزمن بسبب تغير المناخ في السابق، الأمر الذي فسّر ارتفاع حالات داء الكلب في العديد من دول أمريكا اللاتينية”.
حاليًا، يوجد في الحياة البرية ثلاثة أنواع من الخفافيش مصاصة الدماء تعيش جميعها في المكسيك وأمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى وبعض الجزر الكاريبية. وتشير الأدلة الأحفورية إلى أن الخفافيش مصاصة الدماء كانت تتمتع بانتشار أوسع في عصور ما قبل التاريخ، بما فيها الأنواع الموجودة، بالإضافة إلى بعض الخفافيش مصاصة الدماء “العملاقة” التي أصبحت منقرضة الآن.
وتركّز الدراسة الحالية على الخفاش مصاص الدماء، المسمى علميًا (Desmodus Rotundus)، والذي يستوطن شمال المكسيك وأمريكا الوسطى ومعظم أمريكا الجنوبية. إذ يعيش هذا النوع في مجموعة متنوعة من المواطن البيئية وعلى ارتفاعات مختلفة، بدءًا من مستوى سطح البحر وحتى ارتفاع 3,600 متر في جبال الأنديز.
وكما تشير فان دي فورست وزملائها، فإنه وبحلول منتصف القرن، وبسبب تغير المناخ المستمر، ستصبح مناطق أخرى من الولايات المتحدة موطنًا قابلًا لحياة الخفافيش مصاصة الدماء الشائعة.
وتشير الدراسة إلى أن الخفافيش انتشرت تاريخيًا في مناطق جديدة بحثًا عن مواطن بيئية أكثر استقرارًا واعتدالًا، وذلك استجابةً لارتفاع درجات الحرارة الموسمية في نطاقاتها الحالية.
وفي حين أن غزو الخفافيش مصاصة الدماء لن يكون مدعاة للقلق، فإن قدرتها على نقل الأمراض -وتحديدًا داء الكلب- يمكن أن تكون جد مقلقة.
ويعتبر هذا مقلقًا بشكل أساسي بالنسبة لمربي البقر والمواشي الأخرى المعرضة بالفعل لخطر الإصابة بداء الكلب من الخفافيش مصاصة الدماء في مناطق انتشارها الحالية، إذ أظهرت أبحاث سابقة أن الخفافيش تقتل بشكل غير مباشر مئات الأبقار كل سنة في بعض الدول من خلال إصابتها بالفيروس القاتل.
وكما يقول الخبراء فإن الخطر موجود حتى إن كانت الخفافيش مصاصة الدماء لا تتغذى على دم البشر، خاصة بالنظر إلى إمكانية تعديل السلوك العادي للحيوان بسبب داء الكلب.
ويتركز القلق أكثر على قطاع تربية المواشي في الولايات المتحدة الأمريكية لأن الخفافيش مصاصة الدماء القادمة من المحتمل أن تعض الحيوانات مثل الأبقار والخيول أكثر من البشر.
وتعتبر الدراسة جزءًا من الجهود الكبيرة التي يبذلها الباحثين من أجل التحديد الدقيق لمناطق عيش الخفافيش مصاصة الدماء حاليًا، وتتبّع حركتها ضمن نطاق انتشارها وخارجه.
لقد سعت الدراسة إلى توضيح كيف تؤثر العوامل الجغرافية والبيئية المختلفة على التحول في نطاق انتشار الخفافيش مصاصة الدماء وانتشار داء الكلب وذلك باستخدام سجلات نطاق انتشارها في الفترة الممتدة بين 1901 و2019.
ويهدف العمل الجاري إلى التركيز بشكل أكثر على تنوع الخفافيش في كولومبيا والذي يصنف من بين المراتب الأولى عالميًا، إذ يحتل، بحسب التقارير، المرتبة الثانية بعد إندونيسيا.
ووصف لويس إسكوبار، عالم بيئة الأمراض والأستاذ المساعد في قسم الحفاظ على الأسماك والحياة البرية في كلية الموارد الطبيعية والبيئة بجامعة فرجينيا للتكنولوجيا: “إن كولومبيا دولة شديدة التنوع مما يجعلها مختبرًا طبيعيًا مثاليًا”.
وبمساعدة النمذجة البيئية المتخصصة، كشفت بيانات الباحثين مدى توافق التغيرات المناخية السابقة مع تحولات النطاق بين الخفافيش مصاصة الدماء.
وبفضل مجموعة من البيانات الإقليمية المتعلقة بداء الكلب، سلط الباحثون الضوء أيضًا على العلاقة بين تغير المناخ وتوزيع ناقلات داء الكلب مع مرور الوقت.
كما أفاد الباحثون أن هذه النتائج تساعد في ربط تغير المناخ بتغير نطاق انتشار الخفافيش مصاصة الدماء، “وذلك بالتوازي مع التغيرات في خطر انتشار فيروس داء الكلب من الحيوانات البرية إلى الحيوانات الأليفة على المستوى القاري”.
وأضاف الباحثون أن الدراسة تقدم أيضًا نظرة استرجاعية نادرة على تحولات نطاق انتشار الخفافيش الناقلة للفيروس بسبب التغيرات المناخية، بالإضافة إلى مسببات المرض التي تنقلها، “والتي كانت حتى الآن أكثر ارتباطًا بالنماذج المستقبلية القائمة على المحاكاة المناخية”.
نشرت هذه الدراسة في (Ecography).
- ترجمة: إبراهيم كرموم
- تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
- المصادر: 1