الأنماط الأربعة المختلفة لصداقات العمل
النقاط الرئيسية:
- أماكن العمل تصبح أفضل عندما تكون العلاقات المتبادلة جيدة.
- يرتبط وجود الأصدقاء في العمل بالإبتكار والرضا الوظيفي والمشاركة.
- يمكننا أن نختار إيجاد بعض أنواع الصداقات في العمل.
- هناك علاقات عمل لا يمكن تصنيفها على أنها “أصدقاء مقربون”، لكن لا زالت ضمن نطاق الصداقة.
خلال سنوات دراستي الجامعية، عملت مع أصدقائي، وكسبت مالًا جيدًا، وأكلت البرغر مجانًا.
كنت نادلًا في مطعم على طراز الخمسينيات في تورونتو، وأحببته.
لم أفكر مطلقًا في “الإعجاب بالناس الذين أعمل معهم” لأن الحصول على أصدقاء كان جزءًا من العمل. وبمجرد أن أصبحت أستاذاً جامعيًا ومعلمًا تنفيذيًا، تعلمت أن أماكن العمل تصبح أفضل عندما تكون العلاقات جيدة مقارنة بأماكن العمل حيث لا تكون العلاقات جيدة. إذ يرتبط وجود الأصدقاء في العمل بالإبتكار والرضا الوظيفي والمشاركة، وذلك أكثر أهمية من أي وقت مضى.
والواقع أن هذه النتائج تتناقض مع ما سمعته طيلة عشرين عامًا من العمل مع موظفين من كافة المستويات: “ليس من الضروري أن نكوّن صداقاتٍ في العمل!”.
إنني أتفهم كيف ينتهي المطاف بالناس مع هذه الآراء، لكنها ليست بالآراء المفيدة.
ليس كل أصدقاء العمل متشابهون:
حوالي 30% من سكان أمريكا الشمالية لديهم صديق مقرب في أماكن عملهم، وكثيرون غيرهم لديهم أصدقاء في العمل ليسوا من المقربين ولكنهم يُعدّون أصدقاء. ولا شك أن هنالك علاقات عمل لا تُصنَّف على أنها «أعز أصدقاء» ولكن يمكن أن ندعوها أصدقاء. فنحن نعرف أنهم ليسوا غرباء بالتأكيد (أو مهما كان عكس الصديق -لا صديق؟-).
إن أنماط متعددة من علاقات العمل تقع بين الطرفين (الصديق المقرب واللاصديق). ومن خلال تحديد أنواع الصداقات وفهم فوائد كلٍّ منها، يمكننا اتخاذ قرارات جيدة بشأن الاستثمار في علاقات محددة في أماكن العمل.
هناك أبحاث نفسية سابقة حول مختلف أنواع الصداقات في مكان العمل. وقد أقلمت هذه الأبحاث وضمّنتها استنتاجاتٍ من تجربتي في العمل مع آلاف المديرين والقادة لتطوير ما يسمى ب “التسلسل الهرمي للصداقة في مكان العمل”.
التسلسل الهرمي لعلاقات الصداقة في العمل:
- الصديق المفضل: صداقة أفلاطونية ولكنها وثيقة للغاية مع زميل، تتسم بالكشف عن الأسرار، حيث تكون أغلب المواضيع لعبة عادلة. يحترم كل منهما الآخر احترامًا كبيرًا ويمارسون الثقة والصدق. إنهم يساندون بعضهم البعض.
- صديق العمل المقرب: ليس بنفس مستوى الصديق المفضل، وقد يوصف بأنه «صديق حميم في العمل». فقد يرغبان في البقاء صديقَين حميمَين عند مغادرة مكان العمل. إنه شخص يمكنك أن تتسكع معه خارج العمل.
- صديق مكان العمل: إنها النسخة الخفيفة مما سبق، لديه البعض من المميزات نفسها ولكن بدون القدرة على البقاء. إنهم أصدقاء في مكان العمل، ولكن أقل من ذلك خارجه، ومن غير المرجح أن تستمر الصداقة إلى ما بعد العمل، وهناك القليل من البوح الشخصي. إنه رفيق العمل، استراحة القهوة، دردشة عن الأطفال، والشكوى الغريبة حول ذلك الشخص المزعج في المحاسبة (أو الموارد البشرية).
- أحد زملاء العمل: هذا الشخص الذي نعرفه من العمل ويمكننا أن نتعامل معه بانتظام، ونقول له مرحبًا، ونقول: «كيف حالك؟» في المصعد. وإذا رأيته في متجر البقالة، ستقول مرحبًا أو تعطيه إيماءة.
ما هو الواقعي؟ ما هو المساعِد؟
أفضل صديق في العمل هو الأكثر فائدة للموظفين وأصحاب العمل. ولكن نظرًا للندرة والصعوبة والإرهاق التام المرافق للمحافظة عليهم هكذا، فإن الاعتماد على هذا المستوى غير واقعي. لقد تعبت حتى من التفكير بالأمر.
إن معارفك في العمل لن يقدموا أي من الفوائد التي تأتي من وجود الأصدقاء في ابتكار العمل المحسّن، والسلامة النفسية، أو الفوائد المطلوبة بشدة بعد التعب والتعاطف.
في عام 1945، أدرك إلتون مايو أن فرص التواصل الإجتماعي والعاطفي في العمل مهمة للأداء. ومجرد تبادل المعلومات لا يوفر هذه الفرص إلا إذا تحولت إلى تبادل عاطفي.
يبدو أن صديق العمل المقرب وصديق العمل هما أفضل رهانَين من حيث الحصول على الفوائد دون أن يستنزفا كثيرًا. لكن من المحتمل أن يحمل الأول التحديات نفسها كأفضل صديق في العمل. وقريبًا جدًا، ممكن أن ينشأ صراع عاطفي مستنزف يمتد إلى العمل، واضعًا صديق العمل في موقف جد صعب.
بسبب التبادل العاطفي، قد تكون جميع صداقات مكان العمل صعبة. فهي تتطلب قدرًا كبيرًا من الاستثمار في الوقت، فضلًا عن الثقة والوضوح، وقد يكون كلا الأمرين مثبطًا بالنسبة لبعض الناس.
هناك أيضًا مخاطر عاطفية حقيقية في صداقات العمل. فقد أخبرني نائب رئيس قسم الموارد البشرية كيف نصحه أحد معلميه في بداية حياته المهنية بألا يكون أبداً صديقاً لموظفيه لأنه قد يكون عليه فصلهم.
لم يأخذ بنصيحته واختار بدلًا من ذلك أن يكوّن “صداقات”. بالتأكيد، عندما كان عليه أن يفصل واحدًا منهم، غمره شعور الذنب وتأنيب الضمير. ومع ذلك، قال أنه لا يزال يختار الصداقات في العمل، وأن الفوائد تفوق التكلفة.
إذًا، هل ينبغي لنا أن نتوقع الصداقات من الجميع في العمل؟ لا. هل نحتاج إلى محاولة إيجاد طريقة لجعل مكان العمل ملائمًا على الأقل؟ نعم. هل معرفة زملاء العمل كافية؟ حقيقية ليس كذلك.
ماذا يجب أن نفعل إذا لم يعجبنا زملاؤنا في العمل على الإطلاق؟
هناك خيارين: الأول هو أن لا تدعم أحد. إذا كنت لا تستطيع أن تطيق ذلك الشخص ويجب عليك قضاء أطنان من الوقت معه، يمكنك أن تختار أن تنحي نفسك. ولكن لنكن واضحين: هذا خيار يمكنك القيام به لكن ليس عليك القيام به. الخيار الثاني هو فتح الطريق لصديق العمل. إن قرار التخلي عن اللطف أو الود، وإبقاء الزملاء المهمين بعيدًا عن الأنظار ليس استراتيجية جيدة. حيث أن بعض الناس يفعلون هذا على أمل أن يتلقى الزميل الرسالة ويتغير فجأة. وليس من المحتمل أن يفعل ذلك، فقد يتخلى المرء عن نجاحه، ويقرر: “الأمر لا يستحق ذلك!” ولكن الأمر يستحق العناء. في النهاية، سنكون سعداء أكثر.
ولكي ينجح الأمر، من المفيد أن نسأل عن الإفتراضات وإيجاد أطر جديدة. غالبًا ما يجد زبائني وتلامذتي أن استعمال الإستعارة يساعد مثل تشبيه الشخص بالمطعم. الآن، وبطبيعة الحال، الشخص ليس مطعمًا، ولكن أي نوع من البصيرة يمكن أن نستخلص من هذه الاستعارة؟ لنقل أنني ذهبت لمطعم، لديهم برغر رائع، لكن البطاطا … ليست رائعة جدًا. ومن المحتمل أن أعود وأحصل على طبق جانبي آخر لأن البرغر كان جيدًا جدًا.
يشير استخدام الاستعارات بهذه الطريقة إلى فائدة إعادة صياغة وجهات النظر لحل المشاكل. تمامًا كما في أي سياق في حياتنا، لا يوجد أناس كاملون داخل العمل أو خارجه.
إن الطريقة التي ننظر بها إلى الأشخاص الذين نعمل معهم يمكن أن تساعدنا في اتخاذ القرارات. فإذا اخترنا ترك العمل لأننا ببساطة لا نستطيع أو لا نريد أن نصادق الناس هناك، فلا بأس بذلك. يمكننا أن نبقي الأمر سراً على أمل أن نجد شيئاً أفضل، ولكن بما أنه من المرجح أن يكون هناك دائمًا شخص صعب المراس، فقد لا يكون هناك شيء أفضل. أو إذا كنا مستعدين وقادرين على القيام بإعادة الصياغة، إذًا يمكننا أن نحاول جعل مكان العمل أسهل وفتح الطريق أمام صديق العمل.
وهذا الخيار يمكن ان يكون مجديًا على عدة أصعدة: على الصعيد المهني وعلى صعيد النمو الشخصي. الأمر غير الرائع هو الرغبة في أن تتحسن الأمور ثم عدم القيام بأي شيء. إذ لا يوجد مكان عمل يمكننا فيه أن نكوِّن أصدقاء حميمين بسهولة دون أن نبذل الجهد. هذه نقطة مهمة إذا كنت تخطط لمغادرة مكان ما لأنك لا تحب الناس الموجودين فيه. إذ سيكون هناك دائمًا أحدًا لا نهتم به. وقد يكون مصدرًا للقوة والراحة، مع بعض إعادة الصياغة، معرفة أنه يمكننا في بعض الأحيان عكس مسار الأمور إن أردنا ذلك.
- ترجمة: سراة عز الدين
- تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
- المصادر: 1