اعرفْ نفسك أفضل بكتابة ما يراوّد ذهنك

“تمرين كتابة أفكارك دون فلترة يزيد معرفتك بنفسك” كريستيان غيليتز.

قضتْ الفيزيائية (سيلك هايمس) عقودًا تقود مجموعة من التمارين العلاجية لوضع الأفكار والمشاعر على الورق. (هايمس) أستاذة في جامعة ديرمستات التطبيقية، تشير لأدلة وفيرة على أن الكتابة من خمس إلى عشرين دقيقة في اليوم يمكن أن تحسن الصحة، وتقلل التوتر وتزيد الثقة بالنفس وحتّى تثري الخيال.

تناقش بأنّ الكتابة على نحوٍ روتيني من أشكال النظافة العقلية التي تناسب تقريباً مُعظم الأشخاص.

إذًا كيف تبدأ؟ ماذا تفعل إذا بقيت الصفحة فارغة (ما يخاف منه جميع الكتّاب)؟ كيف نتخلص من الإحساس الداخلي بالنقد اللاذع؟

(هايمس) مديرة مؤسسة الإبداع والكتابة العلاجية في ديرمستات تشرح كيف نتغلب على المثبطات، ونفتح عالمنا الداخلي.

التالي هو نسخة محررة من المقابلة:

إذا كنتِ تريدين الكتابة لفهم نفسك أفضل، فما أفضل طريقة للبدء؟

هناك تمارين كتابة مثل دفتر اليوميات، إذ تكون الإجابة مباشرة على سؤال.

لكن إذا كنتِ تريدين الكتابة دون مساعدة، فإن أفضل طريقة هي الكتابة التلقائية.

هذا يعني أن أحدد لنفسي وقت معين ربما خمس دقائق للكتابة دون أي تفكير أو توقف ودون إعادة قراءة ما كتبته. الهدف وضع الأفكار على الورق كما هي دون فلترة قدر الإمكان، وعلى هذا فالإحساس الداخلي لا يعمل أو على الأقل لا يكون صاخبًا جدًا. مما يساعد في هذا التمرين أن لا تضع هدفًا عاليًا، ولا تتوقع الكثير، فقط اعتبره وقتًا مستقطعًا لتتحدث أو نوع من تمارين التحمية.

ألن يكون من المفيد أن تسألِ نفسك بضع أسئلة؟

إذا أردت أن تتابع برامج تنظم أسئلة محددة في مواضيع، لكن قد يكون سلبي في بعض الأوقات؛ لأن مثل هذه الاسئلة غالبًا ما توجِّه الأفكار في طرائق محفوظة مسبقًا؛ لذلك من الأسهل عدم استعمالها وترك الطريق لإحساسك ليقود الكتابة.

ماذا إن لم تتمكني من التفكير بأيّ شي؟

يمكن أن تساعد تقنية نصف جملة. بهذه المقاربة يمكن أن تكمل نصف جملة مثل “عندما أستيقظ هذا الصباح” أو “ماذا حدث معي اليوم”.

إذا كنت تكتب في وقت الصباح فالمثال الأول يكون مناسبًا. بما أن الجميع يستيقظ صباحًا، إذًا الجميع يمكنه أن يقول شيئًا حياله.

ذات الشيء ينطبق على المثال الثاني إذا كتبت في المساء لأنك بالتأكيد اختبرت حتّى ذلك الوقت شيء ما. كبداية يمكن أن تكتب كلمات تبدأ بحرف اسمك، ثم تصنع نصًا مستخدمًا تلك الكلمات.

هل يمكن أن يحدث خطأ في استخدام هذه الطريقة؟

ليس فعليًا تمامًا، مثل التفكير يمكن أن تتشابك أفكارك أو تعلق في حلقات من التفكير المطوّل عند الكتابة. لكنّه ليس خطأ الكتابة هو فقط شيء يصبح واضحًا على الورق.

الكتابة غالبًا تتعامل مع ظروف عاطفيّة؛ لذا من الممكن أن ينتابك شعور سيئ لأن شيء ما تحرك أو انطلق.

في هذه الحالة يجب أن تأخذ استراحة، وتفعل شيء آخر أو تتحدث لأحد عنها. إذا استمر هذا الشعور من الأفضل طلب مساعدة احترافيّة.

هل تفرق إذا كتبتِ بيدك أو على لوحة المفاتيح؟

الكتابة باليد هي حركة معقدة تُفعِّل مناطق أكثر في الدماغ وعليه فإنها خلّاقة أكثر. غالبًا تعني الإبطاء مما يدفعك للتوقف وأخذ نفس. أيضًا هناك شيء حسّاس ومميز للكتابة باليد؛ لأن الكتابة باليد من ناحية هي شخصيّة ومن ناحية أخرى تخبرنا عن حالتنا الذهنية.

في الحقيقة عند الكتابة باليد ومزاجنا جيد تكون الكتابة أكثر استدارة وخفّة، وتكون أصغر ومشدودة عندما لا تشعر جيدًا.

الكتابة على لوحة المفاتيح من جهة أخرى لها خاصية مريحة بالإضافة لميّزة أنها تسمح لك بمشاركة كتابتك بصورةٍ أسرع، أعتقد أنّه من الجيد دائمًا أن تمتلك المهارتين وتستخدمهما.

لقد وجهتِ العديد من المجموعات في هذا النوع من الكتابة.

كيف يعمل هذا عادةً؟

عادةً نبدأ بتمارين كتابة صغيرة مثل الإحماء، والعديد من الناس يأتون بتوقعات أنّ الكتابة ستنساب بمجرد جلوسهم على الكرسي، وأنّهم سيؤدون على نحوٍ ممتاز دون قيود تقريبًا. لكن لا موسيقي ولا رياضي سيظن ذلك عن نفسه والكتّاب المحترفون يعرفون ذلك أفضل.

وهناك سوء فهم آخر. أكبرها “لا أستطيع الكتابة”. العديد من الطلاب يأتون إلى فصلي بهذا الموقف، لكن جميعنا يمكنه الكتابة. قد تكون المشكلة هي المتطلبات الزائدة التي نضعها على عاتقنا. أحب أن أقتبس عن الكاتب الفرنسي أندري بريتون مخترع الكتابة التلقائية: “ما يلزم إذا رغبت بالكتابة إيجاد مكان رائع، الجلوس بسلام وهدوء ونسيان السعي الشديد للخروج بأفكار رائعة”.

هل هناك شيء آخر يعاني منه الناس بالتحديد عندما يتعلق الأمر بالكتابة؟

تكلمنا للتو عن توقعات أدائك الفردية ولكن ما يثبط عزيمتك أيضًا الخوف من العواطف أو من تاريخك الشخصي مثل الخوف من مواجهة مواضيع قد تكون مؤلمة. وغالبًا ما تظهر مشاكل أعمق عندما يريد الناس وضع أفكارهم أدبيًا بغية نشرها.

ماذا إذا كان الناتج مبتذلًا؟ ماذا إذا بدا سطحيًا أو تافهًا؟

من يقرر هذا؟

هذا حكم غير مقبول في الكتابة العلاجية والإبداعية، كلّ شخص يُعبّر عمّا هو مهم وصحيح وممكن له في تلك اللحظة، وأعتقد أنّ ذلك بالضبط ما يستحق التقدير.

عن ماذا يكتب الناس عادةً في مجموعات الكتابة خاصتك؟

يكتبون عن القيمة الشخصية -الخوف من كونهم غير جيدين بوجهٍ كافٍ- وكونهم غير مسموعين أو مرئيين، وعن موضوع الحرية مقابل الأمان خصوصًا في العمل.

ما التصورات التي ذهبوا بها للمنزل؟

تختلف هذه التصوّرات بصورةٍ كبيرة، لكنّهم عادة يذهبون للمنزل مع الكثير من الأوراق، وهكذا يدركون أنّ بإمكانهم الكتابة بالتأكيد. إنتاجهم لشيء ما وشعورهم بالفخر به بوجهٍ مُبرر.

يزيد ذلك من تقديرهم لذاتهم ويطورون ثقتهم بأنفسهم أكثر، الكتابة أيضًا تُفعِّل إدراكهم وتحفِّز إشباعهم العقلي. وتصبح ملاحظتهم أكثر للأشياء غير الجيدة، ويجدون طرائق أفضل للتعامل مع المشاكل، وعندما تدور الأفكار في دائرة مُفرَغة فإن كتابتها على الورق يصفي الذهن. وعندها تمتلك المقدرة لأشياء أخرى في الحياة.

هل يمكن لهذه الفوائد أن تُفحَص عمليًا؟

هناكَ المئات من الدراسات عن تأثير التدوين والتعبير والكتابة العلاجية، والعديد منها أتى من عالم النفس (جيمس بينبيكر) الذي بحثَ هذا بصورةٍ رئيسية عند الطلاب.

هل أنتِ تكتبين كثيرًا؟

نعم كلّ يوم. أعمل يوميًا على رواية أو كتاب قصصي، وأكتب أيضًا أفكاري لثلاث دقائق كل يوم، هذه الدقائق روتينية وبنفس الأهمية لي كتنظيف أسناني كلّ يوم.

هذا المقال ظهر أولاً في Spektrum der Wissenclaft وأعيد إنتاجه مع الموافقة.

  • ترجمة: ياسمين درويش
  • تدقيق لغوي: غفران التميمي
  • المصادر: 1