كيف تقلّل من هدر الطعام وتوفر المال؟
تخلّص جيدًا من تلك الحزمة من أفخاذ الدجاج التي لم تتمكّن قَطّ من إعدادها لتناول العشاء، والزبادي الذي يُقدَّم مرة واحدة والذي بدا فكرة جيدة في ذلك الوقت، وذلك الموز البنيّ على المنضدة، رحلة سعيدة، نرجو الاستمتاع برحلتكم إلى مكب النفايات.
إذا كان هذا الموقف تجاه الطعام يبدو متعجرفًا، فهو يُعدّ واقعيًّا أيضًا، إذ وفقًا لتقرير MITRE-Gallup الذي نُشر في تشرين الثاني/نوفمبر، يُهدر ثلث الطعام في أمريكا، مما يعني أن الأسرة المتوسّطة المكونة من أربعة أفراد تنفق ما لا يقل عن 1,500 دولار سنويًا على الطّعام الذي ينتهي به الأمر إلى مكبّ النّفايات. ولتصور كمية الطعام (الجيد في كثير من الأحيان) الذي يُهدَر على مستوى البلاد، تخيل أنك تحشوه في مليون شاحنة، أو أنك تترك المحاصيل التي تنمو في الأراضي الزراعية الكبيرة بما يكفي لتغطية كاليفورنيا ونيويورك تتعفن.
إنّ لهدر الطعام آثارًا عديدة، تشمل الاقتصاد (إذ كلّف الولايات المتحدة 310 مليار دولار في عام 2021)، وانعدام الأمن الغذائي (إذ يمكن أن يؤدّي الهدر إلى ارتفاع الأسعار)، والبيئة (فهو يضع عبئًا هائلًا على الموارد الطبيعية)، ناهيك عن الميزانية الشخصية. يقول آدم لوي، المدير التنفيذيّ لمنظّمة Move For Hunger، وهي منظمة غير ربحيّة تحارب الجوع وهدر الطعام: «إنّ الأسباب التي تجعل الناس يتخلّصون من الطعام هي، في رأيي، أسباب سخيفة، ويُعدّ تقليل كميّة الطعام التي ترميها توفيرًا حقيقيًّا في التكلفة».
إذا كنت مهتمًا بتقليل هدر الطعام في المنزل – وتوفير المال في هذه العملية – فابدأ بنصائح الخبراء هذه:
اكتب قائمة تسوق
تقول دانا جوندرز، المدير التنفيذي لمنظمة ReFED، وهي منظمة غير ربحية مُكرّسة لإنهاء فقدان الغذاء وهدره في الولايات المتحدة، «إنّ التحضيرَ لمتجر البقالة هو لحظة مهمة حقًا في فن إدارة الغذاء، فالأشخاص الذين يُعدِّون القوائم ويلتزمون بها يميلون إلى توفير الوقت والمال، كما أنهم يهدرون كميّاتٍ أقل من الطعام».
وتضيف جوندرز: إذا لم تكن من الأشخاص الذين يعدّون قائمة، فلا يزال بإمكانك الاعتياد على مراقبة عربة التسوّق الخاصة بك قبل المغادرة. فكّر في جدولك الزمني، وما إذا كان لديك الوقت لطهي الطعام وتناول كل ما اخترته، هل لديك بالفعل عدد قليل من وجبات المطاعم في تقويمك الخاص؟ هل تعلم أنك ستضع قطعتين من البيتزا المجمدة في الفرن؟ وتأكد من أن سلة التسوق الخاصة بك تحتسب الأيام التي لن تحتاج فيها إلى مكونات طازجة.
اعتنِ بثلّاجتك
تقول ليزا برايان، مُطوّرة وصفات غذائية ومؤلفة كتاب (Downshiftology: Healthy Meal Prep): «يمكنك تجميد أكثر مما تعتقد». فهي تُجمّد معظم المكونات وبقايا الطعام، بما في ذلك المنتجات واللحوم والمأكولات البحرية، لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، على الرّغم من أنّ بعض الأشياء (مثل الحساء واليخنة) يمكن أن تستمرّ لفترة أطول.
على سبيل المثال، اشترت برايان مؤخّرًا عددًا كبيرًا جدًا من البطاطا الحلوة، فقامت بهرسها وتجميد بعض الحصص الفردية التي يمكنها إعادة تسخينها بسرعة كطبق جانبي سهل. وعندما تطبخ صدر الدجاج، تقطعه إلى شرائح أو مكعبات وتضعه في أوعية، تحتفظ بواحدة منها في الثلاجة لتستخدمها طوال الأسبوع، ويدخل الاثنان الآخران إلى مخزن التجميد بجوار أعشابها الطازجة المُجمَّدة.
وتقول: «يشتري الناس مجموعة من الكزبرة أو البقدونس، ثم تبدأ في الذبول، ويرمونها بعيدًا، بدلًا من ذلك، قم بتقطيع تلك الخضار وضعها في صينية مكعبات الثلج مع القليل من الزيت أو الزبدة أو السمن، وستحصل على مكعبات من الأعشاب بالزبدة. ثم في المرّة القادمة التي ستقوم فيها بقلي شيء ما، استخدمْ تلك الأعشاب بالزبدة، أو الزيت بدلًا من استخدام الزبدة أو الزيت فقط ».
اعتمد عقلية (استخدم)
حوّل عشاءً واحدًا في الأسبوع إلى فرصة لتنظيف الخزائن. (يوم الأربعاء لأقل نفايات، هل من أحد؟) اجمع كل المكونات المُعرَّضة لخطر الهدر، وأطلق العنان لإبداعك في الطهي. يقول بريان ثيس، رئيس الطهاة ومؤلف كتاب الطبخ The Infinite Feast، يمكن إضافة أي شيء تقريبًا إلى الحساء، أو البطاطس المقلية، أو التاكو، أو السَّلَطات.
إذ تشكّل البطاطس والأرزّ والبقوليات قاعدة نشوية لطيفة تعمل على تكثيف الحساء، على سبيل المثال. يمكن استخدام البنجر المتبقي لصنع البرشت، ويلعب الفجل دورًا رئيسيًا في تتبيلة السلطات (الآلهة الخضراء)، بينما يمكن منح الطماطم الإضافية حياة ثانية كصلصة للمعكرونة، وقد استخدم ثيس مؤخّرًا بقايا الطعام لصنع طبق البامية المميز: إذ قام بإضافة البصل، والفلفل الحلو، والكرفس، والبامية، والتوابل، وحتى بعض السمك الأبيض الإضافي الذي كان في متناول يده، ويقول: «لقد أطعمتُه لمجموعة من السكان القدماء في نيو أورليانز، وقالوا لي: هذا مذهل، كيف فكرت في هذا؟».
يمكنك أيضًا حفظ المكوّنات عن طريق شربها. يقول ثيس: «لقد أعددت عصائر مصنوعة من أشياء غريبة وغير متوقعة، المانجو والّلفت وعصير الأناناس، كل هذ الأنواع من المأكولات تتناسب بشكل مدهش معًا». ولمزيد من الإلهام، راجع الوصفات من مطبخ (التحرك من أجل الجوع دون نفايات) أو دليل المطبخ الخالي من النفايات.
استخدمْ فضلات الطعام
شعار جالين زامارا في المطبخ هو (صفر نفايات)، وذلك جزء من الطريقة التي ينجز بها الشيف الحائز على جائزة جيمس بيرد وصفاته، فهو يستخدم أجزاء الطعام التي تبدو عديمة الفائدة. لنأخذ على سبيل المثال سيقان السبانخ: «حتى المفصل الصغير الذي تجتمع فيه يمكن طهيه على البخار وأكله»، كما يقول: وفي الوقت نفسه، تُعدّ أوراق البروكلي وأوراق الكرفس إضافاتٍ صحّيّة إلى السلطات، كما يمكن تقطيع قاعدة وساق الفطر وقليها، أو إضافتها إلى الحساء واليخنات والصلصات.
حوّل القطع غير المُستخدَمة إلى طعام للحيوانات الأليفة.
هناك أجزاء معينة من الأسماك واللحوم نميل إلى تقطيعها وعدم تناولها، لكن هل تعلم من سيستمتع بها؟ قطتك أو كلبك. إذ يشير زامارا إلى المجاري الداكنة الزيتية للأسماك كأحد الأمثلة، لا يوجد شيء خاطئ في مجرى الدم، كما يقول: «إنها فقط لا تبدو جميلة، ونحن نتخلص منها». وبالمثل، إذا كنت تحضر شريحة لحم، يمكنك تقطيع الأجزاء المتعرّجة لجعلها تبدو أكثر اتّساقًا.
يحب زامارا غلي تلك المكوّنات في الماء، ثم وضعها في معالج الطعام أو الخلاط، ويقول: «أحيانًا أقوم بإضافة قطع من البطاطس أو الجزر، وأقوم بخلطها مع الطعام عمومًا». ومع القليل من العمل الإضافي، سيكون لديك عدد قليل من حصص الطعام للحيوانات الأليفة المصنوعة من مكونات كان من الممكن أن نتخلص منها.
ثق بنفسك، ليس فقط بتاريخ الصلاحية
يشير لوي إلى أن ملصقات تاريخ الصلاحية الموجودة على الأطعمة المعبأة يمكن أن تساهم في الهدر، فباستثناء حليب الأطفال الصّناعيّ، لا تطلب الهيئات التنظيمية الفيدرالية تاريخ المنتجات الغذائية من الشركات المصنعة – على الرّغم من أنّ العديد من الشركات لا تزال تضع هذه الملصقات لمساعدة المستهلكين، وتجار التجزئة على تحديد متى تكون المكونات ذات جودة أفضل. ونظرًا لعدم وجود توحيد قياسي، تستخدم الشركات مجموعة واسعة من العبارات، مثل (لبيع قبل)، (الاستخدام حتى)، و (التجميد حتى)، وتؤدّي تلك العبارات إلى إرباك المستهلكين في نهاية المطاف، وكما أشار تقرير MITRE-Gallup، فإن 31% من الأمريكيين يتخلٌصون من الأطعمة التي تجاوزت تاريخ صلاحيتها، حتى لو لم تكن فاسدة بالفعل.
ويقول لوي: « بدلًا من وضع كلّ ثقتك في تاريخ الصّلاحية المطبوع على العبوة، اشتمّ طعامَك، وانظر إلى طعامك، وتذوق طعامك، تحقّق من عدم وجود تغيّر في اللون، أو العفن أو علامات التلف، على سبيل المثال، وما إذا كنت تشم رائحة أي شيء غير عادي. كما يمكنك تحسّس الطّعام للكشف عن وجود كدمات أو نحافة أو ركود. هذه العلامات تدل على أن الطعام غير صالح للاستهلاك، وأنت لست بحاجة إلى قطعة من الورق لتخبرك أنّ طعامَك سيء.
اجعله شأنًا أُسريًّا
روّاد المطعم الصغار اليوم هم من لا يهدرون أي شيء في الغد. تقترح جوندرز أن إحدى الألعاب الممتعة هي فحص ما يحضره الأطفال إلى المنزل في أكياس غدائهم كل يوم، وكعائلة، تخيّل طرائق لمنحهم حياة ثانية. كيف يمكنك إعادة توظيف تلك الأشياء المرفوضة الحزينة، حتى لا ينتهي بها الأمر في سلة المهملات؟ على سبيل المثال، تقول جوندرز: «إذا عاد الجزر الذي أرسلتُه إلى المنزل، أُقطّعه وأضعه في الثلاجة لتجميده».
وتشير جوندرز أنه من المفيد أيضًا أن تكون قدوة في أثناء الوجبات العائلية من خلال تقديم حصص صغيرة لنفسك، إذ سيتعلّم أطفالك بهذه الطريقة عدم وضع أكوام من الطعام في طبقهم والذي سيؤدي إلى إهداره في النهاية.
تتبّع ما لا تستخدمه
أطلقْ عليه اسم «سجلّ نفايات الطعام»: سجّلْ كلّ قطعة طعام تخلّصتَ منها وكيف (سواء رميتها أو أعطيتها للجيران)، بالإضافة إلى سعرها ولماذا لم تأكلها. يقول ثيس: «سيعطيك ذلك فكرة عن أنماطك والقيمة المقدرة لما تهدره، كما سيساعدك على تعديل قائمتك في المرة القادمة التي تذهب فيها إلى متجر البقالة، لتوفير نقودك وإنفاقها في أشياء أخرى.
- ترجمة: عبير ياسين
- تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
- المصادر: 1