3 أنشطة رئيسية مضادة للهشاشة النفسيّة

لا يمكنك تأمين نفسك ضد الفشل، ولكن يمكنك بناء مرونتك العقليّة.

قد يكون الفشل جزءًا لا مفرّ منه من الحياة، لكن هذا لا يجعله أقل إيلامًا عند حدوثه. إذ يكون من الصعب بشكل خاص مواجهة النّكسات في العشرينات والثلاثينات من عمرك، لأنها المرة الأولى التي يواجه فيها الكثير منّا إخفاقاتٍ كبيرةً، من عدم الأداء الجيد في الجامعة أو فقدان الوظيفة التي كنت تريدها حقًا.

يولّد الشعور بالفشل تأثيرًا كبيرًا على الصّحّة العقلية، حيث ربطت الأبحاث هذا الشعور بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب، وقد يؤدي هذا بدوره إلى حلقة ردود فعل سلبيّة، إذ قد يفكر الأشخاص المصابون بالاكتئاب في إخفاقاتهم ويرون أنفسهم فاشلين.

لكن من المستحيل أن تعيش الحياة دون أن تفشل أبدًا، ولهذا السبب تُعدّ المرونة مفتاحًا أساسيًا. لن يساعدك هذا فقط على تعلم كيفية التعامل مع هذه المشاعر وقبولها، بل قد يساعدك أيضًا على تجاوز النكسات بشكل أفضل في المستقبل.

المرونة هي القدرة على الحفاظ على الصحة العقلية أو استعادتها عند مواجهة الشدائد. وتتولد القدرة على المرونة من ثلاث سمات رئيسية: احترام الذات (كيف نقدر أنفسنا أو ننظر إليها)، والمرونة النفسية (القدرة على تحويل تركيزنا من المشاعر المؤلمة إلى أهداف هادفة)، والتنظيم العاطفي (قدرتنا على تحمّل وإدارة المشاعر المزعجة).

في حين أنّ المرونة قد تكون طبيعية بالنسبة للبعض أكثر من البعض الآخر، إلا أنّ هذا لا يعني أنه من غير الممكن تَعلُّمها. وفيما يلي ثلاثة أشياء يمكنك القيام بها لبناء مرونتك العقلية.

1–مارس الرياضة

من الغريب أنّ التمارين البدنية يمكن أن تكون مهمة جدًا في مساعدتنا على بناء المرونة العقلية، إذ وجدت الأبحاث أن كلًا من التمارين الهوائية، وتمارين المقاومة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الثقة بالنفس وتحسين صورة الجسم، وهذا صحيح، بغض النظر عن مستوى لياقتك البدنية.

كما أظهرت دراسات أخرى أنّ المشي والجري وركوب الدرّاجة في الهواء الطّلق يمكن أن يُحسّن بشكل كبير الصحة النفسية واحترام الذات، إذ يبدو أن التمارين اليومية المعتدلة أو القوية، لها التأثير الإيجابي الأكبر على احترام الذات.

يُعدُّ تحسين احترام الذات أمرًا مهمًا، لأنه أحد الّلبنات الأساسية للمرونة النفسية، وقد ثبت أيضًا أنّ له تأثيرًا كبيرًا على قدرتنا على إدارة الشدائد، بل إنه مرتبط بشكل مباشر بالرضا عن الحياة.

وحتى لو كنت لا تحب ممارسة الرياضة أو ليس لديك الوقت لذلك، فإن شيئًا بسيطًا مثل المشي السريع لبضع دقائق خارج المنزل كلّ يوم، قد يكون كافيًا لتحسين احترامك لذاتك، وبالتالي مرونتك.

2–اكتب ما يخطر بذهنك

شيء آخر يمكنك القيام به هو الاحتفاظ بمذكرة يومية، إذ تُظهر الأبحاث أنّ تدوين اليوميات يمكن أن يُقلّل من تأثير أحداث الحياة العصيبة، لأنه يساعد على معالجة المشاعر المؤلمة مثل خيبة الأمل والغضب والحزن ومشاعر الفشل، كما يمكن أن يساعد في إعادة صياغة هذه الأفكار والمشاعر.

إذا لم تكن متأكدًا من أين تبدأ أو ماذا تكتب، جرّب كتابة يوميات عن الامتنان، ويتضمن ذلك تدوين الأشياء التي تجلب لك السعادة والبهجة في حياتك، إذ تُظهر الأبحاث أنّ هذه التقنية يمكن أن تُحسّنَ الرفاهية، إذ يرتبط التعبير عن الامتنان بصحّة نفسية أفضل، بالإضافة إلى زيادة التفاؤل والأمل وتقوية العلاقات، وكلّ ذلك مرتبط بالمرونة.

كما وجدت الدراسات أنّ مجرّد كتابة ثلاثة أشياء تشعر بالامتنان لها كل يوم، يمكن أن يكون له تأثير طويل الأمد على صحتك، كما يحميك من التوتّر عندما تجعلها عادة يومية، وفي مواجهة الفشل، قد تساعدك هذه العادة في التّغّلب على المشاعر الصعبة والمضيّ قدمًا.

3– احصل على الدّعم من الأصدقاء والعائلة

تُعدّ العلاقات الوثيقة مهمة لرفاهيّتك، كما أنّ الروابط الاجتماعية مهمة للتنظيم العاطفي الذي يعد أحد اللبنات الأساسية للمرونة النفسية.

إنّ القدرة على التعبير عن المشاعر بشكل مفتوح لصديق مقرب، أو أحد أفراد الأسرة تساعد على إصلاح الجروح العاطفية، مثل خيبة الأمل والرفض والإحراج، التي قد يتعر ٌض لها المرء بسبب الفشل، ليس هذا فحسب، بل إنّ التحدث مع الأصدقاء والعائلة يساعد أيضًا في الحصول على نصائح، أو إرشادات عمليّة فيما يتعلق بالمشاعر، إلى جانب الدعم العاطفي لما يمر به الإنسان، إذ تُحسّن القدرةُ على التعبير عن المشاعر من معالجة الرفاهية وزيادة المرونة.

هناك الكثير من الوسائل لمناقشة ما تشعر به مع الأصدقاء والعائلة، فإذا لم تكن مرتاحًا للقيام بذلك وجهًا لوجه، يمكنك دائمًا محاولة إرسال رسالة نصية، ولكن من المهم أن تُخرِج مشاعرك بدلًا من الاحتفاظ بها، فالتحدّث عمّا حدث وفهمه من خلال تفسير صديق، أو أحد أفراد العائلة، وإيجاد بعض المعنى لفشلك يمكن أن يكون مفيدًا بشكل خاص في بناء المرونة والمضي قدمًا.

على الرغم من أنّ تجنّب الفشل تمامًا يكاد يكون مستحيلًا، إلّا أنّ بناء المرونة العقلية قد يساعدك على التغلب عليه بسهولة أكبر في كل مرة تشعر فيها بأنك فشلت في شيء ما، حتى إنّ تجربةَ وسيلة واحدةٍ من الأساليب المذكورة هنا قد يكون لها التأثير الكبير على كيفيّة مواجهتك للفشل في المرة القادمة.

  • ترجمة: عبير ياسين
  • تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
  • المصادر: 1