هل تعوي الكلاب المُستأنسة في وجه الذئاب؟

بالنسبة للكلاب ذات التاريخ الوراثي القريب من الذئاب، فإن الزمجرة شيء آخر.

في حين أن بين الذئاب والكلاب المستأنسة صلة قرابة بعيدة، فمن الواضح أنّ التكاثر الانتقائي أدّى إلى بعض الاختلافات الرئيسة بين الحيوانات المفترسة البرية وأبناء عمومتهم. أحد أوجه التشابه التي ظلت على مر السنين هو في نطقهم.

العواء هو شكل من أشكال التواصل بين الذئاب ويوجد أيضًا في العديد من أنواع الكلاب، مثل ألاسكا malamutes وKleiner Münsterländer. ومع ذلك، فإن الكلاب المستأنسة ونظيراتها البرية تستخدم العواء بشكل مختلف قليلاً.

عند الذئاب، يُستخدم العواء في المقام الأول للتواصل لمسافات طويلة مع الذئاب الأخرى، وكوسيلة لتحديد حدود المنطقة، ومعرفة مكان وجود الذئاب الأخرى بناءً على ردودها على العواء.

بالنسبة لأصدقائنا الكلاب، فالأمر أكثر تعقيدًا بعض الشيء، إذ تُعدّ بعض السلالات (مثل كلاب الزلّاجات) ذات (عواء قوي)، ما يعني أنها تعوي بشكل متكرر و (ردًا) على صوت غير ذلك مثل الجرس أو الموسيقى، أمّا سلالات الكلاب الأخرى فلا تعوي أبدًا، على الرّغم من قدرتها على القيام بذلك.

ولكن ما حجم هذه اللغة البعيدة المشتركة؟ يبحث الباحثون في جامعة Eötvös Loránd (ELTE) في بودابست في المجر في كيفية تفاعل الكلاب المستأنسة مع عواء الذئاب، والدور الذي يلعبه علم الوراثة والجنس والعمر في سلوك العواء.

وجدت دراستهم المنشورة في 6 فبراير في مجلة Communications Biology أن الكلاب الأكثر ارتباطًا بالذئاب وراثيًا، مثل كلاب الهاسكي السيبيريّة، تستجيب لعواء الذئاب أكثر من سلالات الكلاب مثل لابرادور ريتريفر والتي هي أكثر انقسامًا عن الذئاب وراثيًا.

شُغّلت تسجيلات لعواء الذئاب ل 68 كلبًا من سلالات الكلاب الأصيلة ولاحظوا سلوكيّاتها.

اُستخدمت مسافة الجذر، أو التشابه الجيني للسلالة مع الذئاب، كمقياس لاختبار تأثير العواء على السلالة، وتُعتبر السلالات الأكثر ارتباطًا بالذئاب، مثل كلاب الهاسكي (سلالات قديمة)، بينما تُعتبر الكلاب المُدجّنة مثل البيجل (سلالات حديثة).

وقالت Fanni Lehoczki / فاني ليهوتشكي، عالمة الأخلاقيات والمُؤلّفة المشارِكة في الدراسة في ELTE، في بيان: «وفقًا لنتائجنا، فإن السلالات الأكثر تشابهًا وراثيًا مع الذئاب، أكثر ميلًا للرد بعوائها الخاص على عواء الذئاب، ومن ناحية أخرى، فإنّ السلالات الأكثر ارتباطًا بالذئاب تتفاعل عادةً بالنباح بدلّا من العواء، ويبدو أنه على الرغم من وجود العواء في معظم السلالات، إلا أنه فقد وظيفته بسبب تغير البيئة الاجتماعية، وبالتالي فإن السلالات الحديثة لا تستخدمه في المواقف المناسبة».

يعتقد الفريق أن تلك السلالات الأكثر ارتباطًا بالذئاب قادرة على معالجة المعلومات الموجودة في عواء الذئاب بشكل أفضل، وربما تكون السلالات القديمة قد شعرت بالتوتر بشأن التطفّل على أراضي مجموعة أخرى، واستخدمت العواء كوسيلة لتجنب الصراع، تمامًا مثل الذئاب في البرية.

وقال تاماس فاراجو/ Tamás Faragó، باحث ما بعد الدكتوراه في ELTE ومُؤلِّف مشارِك في الدراسة: «من المثير للاهتمام أنّ هذا التأثير الجيني على العواء يحدث فقط بين الكلاب الأكبر سنًا (أكبر من 5 سنوات)، وهو ما يمكن أن يكون تفسيرًا معقولًا للتجربة، أو بعض التأثيرات الشخصية المرتبطة بالعمر». وأضاف، في بيان: «من الممكن، تماشيًا مع فرضيتنا، أن يكون ظهور العواء بمستوى أعلى من التوتر هو رد فعل خوف، فالكلاب الأكبر سنًا أكثر خوفًا، وهو ما اقترحته الدراسات السابقة بالفعل، لكن هذه التكهنات تتطلب مزيدًا من التحقيق».

واختبر الفريق أيضًا تأثيرات الجنس والحالة الإنجابية للكلاب على سلوك العواء، ووجد أنه لا يوجد فرق بين الإناث السليمة والعقيمة، لكن الذكور السليمة والمخصية تصرفت بشكل مختلف.

«الذكور المخصيّة، التي تعاني من نقص هرمون التستوستيرون، تعوي أكثر استجابة لعمليات إرجاع الصوت. وبما أن الذكور المخصيّة أكثر خوفًا، فإنّ هذه النتيجة يمكن أن تتماشى مع النتائج التي توصلنا إليها حول الاستجابة والسلوك الأكثر توتّرًا، وبالتالي فإن عواء الكلب قد يعني « أنا خائف، لا تقترب».

يساعد هذا البحث العلماء على فهم كيف أدى تدجين البشر وتربيتهم الانتقائيّة إلى تغيير الذخيرة الصوتية للكلاب وتأثيرها على العلاقات الإنسانية مع الكلب المنزلي.

  • ترجمة: منهل زريقة
  • تدقيق علمي ولغوي: فريال حنا
  • المصادر: 1