العثور على جرّة تحوي نبيذًا سائلًا في إسبانيا يتجاوز عمرها 2000 عام

عثر علماء آثار إسبان على أقدم نبيذ سائل معروف في العالم في مكان لم يكن متوقّعًا: ممزوجًا بالرّماد داخل جرّة جنائزيّة تعود إلى العصر الرّومانيّ.

كان النّبيذ، الذي وصفه العلماء بأنّه “سائل مائل إلى الحمرة” قد تمّ العثور عليه عام 2019 داخل ضريح عمره حوالي ألفي عام أثناء تنفيذ مشروع بناء لمنزل في كارمونا، وهي بلدة في إشبيلية.

كتب العلماء في ورقتهم البحثيّة التي نُشرت في 16 يونيو/حزيران ضمن مجلّة العلوم الأثريّة أنّ استخدام النّبيذ في طقوس الدّفن في العصر الرّومانيّ موثّق بصورة جيّدة للغاية، بيد أنّ اكتشاف عيّنة نبيذ بمثل هذا العمر وبحالته السّائلة كان “استثنائيًّا وغير متوقّع”.

قال خوسيه رافاييل رويز أربولا، عالم الكيمياء العضويّة في جامعة قرطبة وكبير مؤلّفي الدّراسة، لصحيفة الغارديان: “إنّه ضريح غارق تمّ انتشاله من الصّخور وقد سمح ذلك له بالبقاء صامدًا لألفي عام”.

يحتوي النّبيذ على مركّبات كيميائيّة متميّزة تعكس نكهته ومظهره وأصوله أيضًا. ومع ذلك، كتب العلماء في الورقة البحثيّة أنّه بعد مُضي سنوات طوال، تتعرّض هذه المواد الكيميائيّة غالبًا إلى تحلّلٍ كبير يجعل من الصّعب توصيفها.

وقال العلماء للغارديان إنّه خلال الطّقوس الجنائزيّة، اختلط رماد الرّفات المحترقة بالسّائل، ممّا جعله عكرًا.

قام العلماء بفصل كلّ عنصر على حدة للعثور على المكوّنات التي تدخل في تركيب السّائل. مستخدمين تقنيّات تحليليّة تشمل التّصوير اللّونيّ عالي الأداء وقياس الطّيف الكتليّ.

يحتوي عنب النّبيذ على مركّبات نباتيّة مميّزة تُعرف باسم مركّبات البوليفينول والتي تعمل بمثابة “شيفرة تعريفيّة” تحدّد نوع العنب والظّروف التي تمّت زراعته وحصاده فيها. ومع ذلك، كتب العلماء في الدّراسة: “لم يتمّ إجراء سوى القليل من الدّراسات على مركّبات البوليفينول في بقايا النّبيذ الأثريّة”.

عندما وجد العلماء البوليفينول في العيّنة السّائلة، تأكّدت شكوكهم -لقد كان السّائل القديم نبيذًا بحقّ.

وبالنّظر إلى النّصوص التّاريخيّة، اشتبهوا في كون النّبيذ مماثلًا لنبيذ فينو الحديث الذي يُنتج في مناطق جنوب إسبانيا. عقد العلماء مقارنةً بين محتوى البوليفينول في النّبيذ القديم ونبيذ اليوم ليحدّدوا أنّ النّبيذ كان على الأرجح من مدينة دونا منسيا في جنوب قرطبة.

على الرّغم من لون السّائل المائل إلى الحمرة، إلّا أنّه افتقر إلى حمض السيرينيك، وهو مركّب يصدر عن النّبيذ الأحمر عندما يتحلّل، الأمر الذي أكّد أنّ النّبيذ الأصليّ كان في الواقع أبيض اللّون.

بالرّغم من تحلّله غالبًا، إلّا أنّ النّبيذ القديم ليس “سامًّا على الإطلاق”، وفقاً للتّحليلات الميكروبيولوجيّة، حسبما قال أريبولا لصحيفة الغارديان. غير أنّ العلماء لم يقوموا بتذوّقه.

في السّابق ركّزت التّحليلات على بقايا النّبيذ الجافّة، مثل بصمات حمض التارتاريك، أحد مركّبات العنب والنّبيذ، التي عثر عليها على إناء طينيّ في جمهوريّة جورجيا يعود عمره إلى 8000 عام. وبما أنّ الدّراسة الجديدة قامت بتحليل نبيذ سائل، يُعتبر هذا الاكتشاف فريدًا من نوعه.

صرّح أريبولا لشبكة سي إن إن قائلًا: “حالفنا الحظّ في اكتشافه وتحليله -إنّه شيء لا تراه إلّا مرّة واحدة في حياتك”.

  • ترجمة: الأيهم عبد الحميد
  • المصادر: 1